ومازالت كلمات نيلسون منديلا تعكس الواقع في عالمنا اليوم. فالرياضة قادرة على المساهمة في بناء مجتمع أفضل وأكثر أمناً لأنها المجال الوحيد الذي يلتزم فيه الأشخاص بقوانين عالمية. أينما مارسنا الرياضة وبغض النظر عن هوية الرياضيين، تُطبَّق القوانين ذاتها على الجميع. إذ ترتكز الرياضة على قيم عالمية قائمة على التسامح والتضامن والسلام.
وتأتي تلك القيم الاساسية في قلب الألعاب الأولمبية. ففي الرياضة الأولمبية يعتبر الجميع على قدم المساواة. وتعني التفاهم والاحترام والحوار. وتطوق الرياضة دائماً إلى مدّ الجسور بين الشعوب والثقافات. ولا تهدف أبداً إلى إقامة جدران. فالرياضة تحتاج إلى السلام وتساهم بدورها في بناء السلام.
أما الألعاب الأولمبية فهي اكتمالٌ لتلك الرؤية. فقيم الامتياز والصداقة والاحترام أبصرت النور مع الألعاب الأولمبية. تجتمع خلالها الأسرة الدولية من أجل مباريات سلمية. وتلك القيم الأولمبية هي التي تميّز الألعاب الأولمبية عن باقي أكبر الأحداث الدولية.
يهدف عمل اللجنة الوطنية الأولمبية التونسية إلى تعزيز تلك القيم في البلاد. هكذا، تساهم الرياضة مباشرة في ارساء أسس متينة لتونس جديدة ما بعد الثورة. وعبر التزامها بتعزيز الرياضة في البرامج والنظم المدرسية في تونس، تستغلّ اللجنة الوطنية الأولمبية التونسية قدرة الرياضة التربوية لزرع المبادىء الأولمبية في أذهان الجيل الصاعد من التونسيين. إذ تمثل الرياضة منصة قوية لتعزيز المساواة بين الجنسين والنهوض بالمرأة. ويمكن للرياضيات واللاعبات الأولمبيات أن يلعبن دور القيادة الملهمة لكافة نساء تونس، فمن خلال عملهنّ داخل المدارس والمنتديات والجمعيات الأخرى يشجّعن ويعزّزن ادماج المرأة في الرياضة على كافة المستويات في تونس. أما من خلال مساعدة الأطفال اللاجئين المحصورين في جنوب البلاد، فتبيّن اللجنة الوطنية الأولمبية التونسية الدور الايجابي الذي يمكن للرياضة أن تلعبه لتؤثر على حياة من هم الأكثر حاجة.
وأود من خلال زيارتي لبلدكم الجميل هذا الأسبوع أن أحمل رسالة تضامن أقول فيها إن الحركة الأولمبية تقف إلى جانب تونس رياضةً وشعباً في هذه الأوقات العصيبة. وما من فرصة أفضل من السنة الأولمبية لنذكّر انفسنا بأن القيم الأولمبية المتمثّلة في الامتياز والصداقة والاحترام تبقى سديدة أكثر من أي وقت مضى. ففي عالم تهزّه أزمة تلو الأخرى، تملك الرياضة الأولمبية القدرة الفريدة على جمع الأشخاص فيما بينهم في روحٍ من التسامح والتضامن والسلام. وتلك هي الرسالة الأهم التي يمكن للألعاب الأولمبية أن تنقلها للمجتمع التونسي. لا شك في أن الرياضيين التونسيين سيشكلون مصدر فخر للأمّة عندما يمثلون بلدهم والرياضة التي يعشقونها في ريو دي جنيرو في الصيف القادم. ولكن أهم من ذلك هو أن الألعاب الأولمبية ستحمل معها رسالة أمل في عالم أفضل.