الانتخابات التشريعية الفرنسية في دورتها الأولى: رجوع قوي لليسار يهدد الأغلبية الرئاسية

نجح جون لوك ملونشون من خلال اتخاذه استراتيجية توحيد اليسار، في كسب المرتبة الأولى في الدورة الأولى للانتخابات التشريعية الفرنسية بنسبة 26،11%

أمام التجمع السياسي «معا» الداعم للرئيس إيمانويل ماكرون (25،88%). ولم يحصل حزب التجمع الوطني المتطرف إلا على 18،68% بعيدا عن نتائج زعيمته مارين لوبان في الرئاسية. ويأتي حزب الجمهوريين في المرتبة الرابعة بنسبة 18،68%، حسب مؤسسة «إيفوب». لكن وزارة الداخلية أصدرت نتائج مخالفة تضع حزب «معا» في الصدارة بسبب عدم احتساب نتائج مرشحين من أراضي ما وراء البحار. لكن أول حزب في هذه الانتخابات يبقى حزب العازفين عن التصويت إذ وصل عددهم إلى 52،48% في حين كان عام 2017 51،30%.
هذه النتائج في مجملها أكدت التوازنات في المشهد السياسي الفرنسي منذ 2017 والذي كرسته نتائج الانتخابات الرئاسية لشهر أفريل. ثلاث أو أربع تنظيمات رئيسية سوف تحتل مقاعد البرلمان لتشكل الهيكل التشريعي للولاية القادمة. لكن حجم المعارضة سوف يتغير إذ أصبح يجمع الوحدة الشعبية الجديدة، الذي يضم أحزاب فرنسا الأبية والحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي وحزب الخضر، بقيادة جون لوك ميلونشون - الذي لم يترشح في الانتخابات – أول معارض لسياسات إيمانويل ماكرون وسوف يترأس الهيئة المالية للبرلمان التي تسهر على مراقبة مصاريف الدولة.
ديناميكية اليسار
يبدو أن استراتيجية توحيد شتات اليسار الفرنسي قد بدأت تأتي بأكلها. فنجاح هذا التجمع السياسي غير المنسجم يدل على أن ديناميكية جديدة فعلت في صفوف الناخبين رغبة في التغيير بعد إعادة انتخاب إيمانويل ماكرون على رأس الدولة. ولو أن كل مؤسسات سبر الآراء تتفق في القول إن جون لوك ملونشون يجد صعوبة في تحقيق فوز واضح في السباق، لكن حجم المرشحين للدور الثاني (أكثر من 400 مرشح) يعطيه ثقلا سياسيا لم يتمتع به من قبل ويغير موازين القوى داخل البرلمان الجديد. نفس الديناميكية أعطت لحزب مارين لوبان المتطرف تقدما بالنسبة للإنتخابات السابقة. فقد يمكن لحزب التجمع الوطني كسب قرابة 25 مقعدا يمكن لوبان من تكوين كتلة برلمانية تعطيها مساحة من المشاركة والمناورة. ويعتبر الخاسر في هذا السباق بوضوح حزب الجمهوريين الديغولي الذي حقق حزب الوحدة الديمقراطية المستقلة 11،30% فقط.
في عدم الحصول على أغلبية
الأرقام المسجلة تدل على إمكانية ألا يحقق الرئيس ماكرون ووزيرته الأولى إليزابيت بورن، زعيمة الأغلبية، أغلبية مريحة. مؤسسة «إيفوب» تعطي الحزب الرئاسي حضا في انتخاب ما بين 275 و310 نائبا في صفوفه في حين الأغلبية المطلقة محددة دستوريا بعدد 289 نائبا. ماكرون، الذي لم يشارك في الحملة الانتخابية الا عبر ثلاثة لقاءات جماهيرية، يمكنه أن يرتكز على نواب من حزب الجمهوريين لتشكيل أغلبية برلمانية. لكن ذلك سوف يكلفه تنازلات جسيمة لتحقيق استقرار حكومي يمكنه من مواصلة الإصلاحات المبرمجة وفي مقدمتها اصلاح المنظومة التعليمية ونظام الصحة والتقاعد أين توجد خلافات جوهرية بين الطرفين.
في صورة عدم التوصل إلى تحقيق أغلبية، تشير بعض المؤسسات السياسية إلى إمكانية اللجوء إلى حل البرلمان الجديد وتنظيم انتخابات تشريعية جديدة. لكن هذا السيناريو لن يمر بدون «أزمة سياسية» مع تشكيلات اليسار التي لن تتأخر في التنديد بعملية «اختطاف» نجاحها في الرجوع إلى المربع الأول.من ناحية أخرى، السباق المعلن بين حزب ماكرون وحزبي مارين لوبان و جون لوك ملونشون أظهر تقهقر للحزب الرئاسي في مناطق أصبح من الممكن عدم التواجد فيها برلمانيا. وهو ما يؤكد هشاشة الحزب الذي وجد نفسه في مفترق طرق حتم عليه التحالف مع حزب «المودام» لفنسوا بايرو وحزب «هوريزون» للوزير الأول الأسبق إدوار فيليب الذي يعمل على تكريس وجوده السياسي في إطار «خلافة» إيمانويل ماكرون عام 2027.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115