الملاعب التونسية وعدم مطابقتها للمواصفات المنصوص عليها من قبل الهيكل المشرف على كرة القدم في القارة السمراء صفعة قوية للسلط المختصة في تونس لفتح ملف البنية التحتية الرياضية على مصراعيه وتدارك الامور قبل ان تصل الامور الى تهديد المنتخب الوطني والفرق خلال المسابقات القارية بعدم اللعب في تونس لكن مرت الايام ولازال الملف مدرجا في الرفوف ولازالت الملاعب في انتظار رحمة المسؤولين لانتشالها من حالة الفوضى والاهمال...
مقارنة بالملاعب المتوفرة في البلدان المجاورة على غرار المغرب ومصر والجزائر تعتبر تونس فقيرة جدا على مستوى البنية التحتية المتوفرة للرياضة وقد تكون النتائج التي تحققها الفرق والمنتخب في المسابقات القارية والاقليمية بمثابة الانتفاضة والثورة على الواقع...ورغم ذلك فإنها تبعث في نفس السلط المختصة التباهي والفرحة الظرفية التي تزول مع الايام دون ان تحرّك من جديد ملف ضرورة العناية بالملاعب حتى تكون مطابقة للمواصفات الافريقية والعالمية...
إشترك في النسخة الرقمية للمغرب
الترجي والافريقي في ورطة
اكدت مراسلة «الكاف» للمكتب الجامعي في شهر ماي المنقضي أن الملاعب التونسية غير مؤهلة لاحتضان المباريات الدولية واستثنت المراسلة ملعب رادس لكنها اعتبرت ان هذا الملعب والذي تم انشاؤه سنة 2001 بمناسبة احتضان بلادنا لالعاب البحر الابيض المتوسط، يحتاج بدوره الى اصلاحات عديدة والا فإن المنتخب الوطني والاندية ستحرم من خوض المباريات الدولية والقارية في تونس.
وعلى هذا الاساس، سيحتاج ملعب رادس الى تهيئة واعادة اصلاح ستغلق معها ابوابه لفترة قد تقصر او تطول على ضوء ما تستحقه عملية التهيئة والاسراع فيها استعدادا للمواعيد القادمة التي تنتظر المنتخب والاندية وقد يستمر الامر لعدة اشهر. وفي هذا السياق من المنتظر ان يجد الترجي والنادي الافريقي نفسيهما في موقف لا يحسدان عليه خاصة انهما سيكونان مطالبين بالبحث عن ملعب يحتضن مبارياتهما في وجود اكثر من ميدان خارج نطاق الخدمة فملعب المنزه على سبيل المثال لازال يحتاج الى فترة مطولة لاعادة تهيئته خاصة ان اغلاقه لفترة عقد من الزمن تقريبا اثّر عليه سلبا وجعله في حاجة الى اصلاح الاضرار التي لحقته وليس ملعب الشاذلي زويتن افضل حالا منه إذ انه لم ينل الترخيص الذي يمنح الضوء الاخضر باجراء المباريات على ارضيته نظرا للنقائص التي يعاني منها على مستوى المدارج وارضية الميدان.
هذه الملاعب تعد الافضل في العاصمة فما بالك بالبقية، وتشير المعطيات الى ان الفريقين قد يجدان نفسيهما بلا ملعب يحتضن مبارياتهما وقد يلجآن الى اللعب خارج العاصمة او في ملاعب مجاورة بالتنسيق مع بقية الفرق...
في وقت ليس بالبعيد استجابت سلطة الاشراف لحملة اطلقها جمهور النادي الصفاقسي من اجل توسعة ملعب الطيب المهيري كما انطلقت منذ فترة اشغال توسعة اولمبي سوسة والامل ان تلتفت السلطة الى ملاعب العاصمة التي تطلق صيحة فزع في غياب الارادة على اصلاح احوالها رغم مرور السنوات ولنا في ملعب المنزه اكبر دليل فأبوابه موصدة منذ سنوات عديدة ولكن حاله من سيء إلى أسوء...ويبدو ان الاهتمام بالبنية التحتية الرياضية بدأ يتراجع شيئا فشيئا في تونس بعد الثورة بل تحول الامر الى ما يشبه الاهمال والتجاهل.
وتشير الارقام الى ان الترجي والنادي الافريقي ينفقان سنويا على مباريات البطولة 572 ألف دينار (مناصفة بينهما) لاستضافة منافسيهما على أرضية الملعب الأولمبي برادس بمعدل 22 ألف دينار للمباراة الواحدة.ويرتفع المبلغ في صورة حدوث أعمال شغب أو إجراء الفريقين لمباريات خارجية كما أن كلاهما يتدرب في ملاعب العاصمة على غرار المنزه ورادس وزويتن بمقابل حيث تقدر قيمة الحصة التدريبية الواحدة بالملعب الفرعي برادس بخمسة آلاف دينار.
الكابوس المتجدد...
بات الوضع يتطلب حلولا عاجلة لانهاء ازمة البنية التحتية الرياضية في تونس في غياب الارادة الفعلية من السلط لاصلاح الاوضاع الامر الذي جعل المشكل يتفاقم شيئا فشيئا.فقبل سنتين تقريبا، كانت الملاعب خارج نطاق الخدمة في الرابطة الأولى تعد على أصابع اليد الواحدة ونعني ملعب 15 أكتوبر ببنزرت والملعب البلدي بحمام الأنف وملعب المتلوي وفي بعض المناسبات يتم إغلاق ملعب رادس لفترة وجيزة لكن في الموسم الحالي او الذي سبقه، القت أزمة الملاعب بظلالها فالنجم الساحلي وجد نفسه يتنقل بين بوعلي لحوار بحمام سوسة وملعب مصطفى بن جنات بالمنستير واحيانا ملعب رادس بالنسبة للقاءاته القارية نتيجة أشغال الصيانة والتوسعة التي يعرفها ملعب سوسة الاولمبي.
وانطلق هلال الشابة الوافد الجديد على قسم النخبة في المتاعب مبكرا بعد إغلاق ملعبه للصيانة فاضطر خلال الجولة الثالثة ذهاب من البطولة الى استضافة النادي الإفريقي في ملعب رادس.
واستضاف نادي حمام الأنف النادي الإفريقي في الجولة الافتتاحية من سباق الرابطة الأولى في ملعب المنزه بسبب غلق الملعب البلدي بحمام الأنف أبوابه للصيانة.
واستمرت معاناة نجم المتلوي فبعد ان خاض جل مبارياته كمضيف خلال الموسم الماضي بالرديف، حتّم عليه تواصل غلق ملعب المتلوي إجراء لقاءات الموسم الحالي في الملاعب المجاورة وكانت البداية خلال مباراة مؤجلة من الجولة الاولى من الرابطة الاولى باستضافة الجار اتحاد بن قردان بالمظيلة وحتى اتحاد بن قردان فقد حُرم من ملعبه في مباراته الاولى ضمن سباق البطولة بسبب أشغال التعشيب استعدادا للمباراة القارية مما جعله يستضيف شبيبة القيروان في ملعب حمدة العواني بمدينة الاغالبة. اما اكثر الفرق التي ارهقتها ولا تزال ازمة البنية التحتية فهو النادي البنزرتي فمنذ قرابة 3 سنوات وجد نفسه مجبرا في كل مرة على البحث عن ملعب بديل، وتجدر الإشارة الى أن ملعب 15 أكتوبر أغلق ابوابه في ديسمبر 2016 للقيام بأعمال الصيانة وتعشيب الأرضية الرئيسية وانجاز السبورة اللامعة قبل أن يفتح بعد فترة لكن في 2017 تم غلق الملعب ثم فتح الملعب لفترة وجيزة قبل غلقه الى حد بلغ فيه الملف اروقة القضاء. وشهد الموسم الماضي سابقة مثيرة ذلك ان دربي العاصمة بين الترجي والنادي الافريقي كان مصدر جدل كبير في بسبب اغلاق ملعب رادس لصيانة العشب وظلّت ابرز مباريات البطولة التونسية تبحث عن ملعب يحتضنها الى ان استقر الرأي على ملعب مصطفى بن جنات بالمنستير...ورغم كل هذه المشاكل التي عصفت بالملاعب فإن هناك ما يشبه اللامبالاة من قبل سلطة الاشراف والهياكل المختصة على الاهتمام بابرز مقومات الكرة واحد الشروط الواجب توفرها قبل ان نطالب اللاعبين بتقديم اداء جيد.