هي الأفضل عربيا وإفريقيا، يقولون أنها الأولى على الصعيدين الإقليمي والقاري والحال أن كل المؤشرات والعوامل المحيطة بالمشهد الرياضي التونسي تقيم الدليل على أن الوضع بات ينبئ بالخطر ويطلق صفارات الإنذار من اجل تشخيص داء الكرة التونسية والبحث عن حلول تشفيها من الداء الذي ينخرها.
بعض قصص النجاح زادت الأمور تعقيدا أو قل كانت الشجرة التي حجبت الغابة،فأعمت أهل القرار عن إصلاح مواطن النقص بل زادتهم مضيّا في أوهامهم بأنهم حققوا المطلوب وقادوا الكرة التونسية إلى أزهى فتراتها...مشاكل كرة القدم التونسية أكثر من ان تحصى: عنف وفوضى وأزمات مالية وصراعات إدارية وشكوك تحكيمية و«القشّة التي قصمت ظهر البعير» هي البنية التحتية وحالة الملاعب التي جعلت دربي العاصمة يتحول إلى المنستير.
أزمات مالية واضرابات...
ألقت الأزمة الاقتصادية بظلالها على جل القطاعات وخاصة منها الرياضي فالموارد التي كانت توفر للأندية مصاريفها ونفقاتها باتت شحيحة وتسير نحو الاندثار، وإذا تسنى لبعض الفرق ان تجابه المصاريف بفضل مساهمة وتضحيات بعض مسؤوليها فإن البقية وجدت معاناة كبيرة في الاستجابة للنفقات ودخلت في دوامة الديون والقضايا كما هبت رياح التغيير على بعضها لتعصف بمصير هذا المدرب او لتعلن تمرّد اللاعبين بين تنفيذ الإضرابات وفسخ العقود.
كان نجم المتلوي من ابرز الفرق التي عانت من ازمات مالية في هذا الموسم بل هي تداعيات مواسم سابقة فالفريق الذي كان في السابق رقما صعبا في البطولة ورمزا للاستمرارية تراجعت نتائجه ودخل في دوامة التغيير بسبب قلة ذات اليد والكل يتذكر ان الهيئة أعلنت في الموسم المنقضي تعليق نشاط الفريق قبل أن تعدل عن قرارها. في الموسم الحالي تواصلت الأزمة ورفع اللاعبون شارة الإضراب بسبب تأخر المستحقات الأمر الذي جعل القطيعة مع المدرب عفوان الغربي حتمية بعد ان باتت ظروف العمل شبه مستحيلة. ولم تكن حال الاتحاد المنستيري افضل فالفريق الذي احتل في الموسم المنقضي المركز الرابع في سباق البطولة وجد نفسه هذا الموسم في قاع الترتيب بفعل المشاكل المالية التي دفعت الرئيس احمد البلي الى رمي المنديل قبل ان تتحرك السلط المحلية لإثنائه عن قراره وتقديم الوعود بدعمه وإنقاذ الفريق من الفراغ التسييري. النادي البنزرتي ورغم نتائجه الايجابية وتصدره جدول الترتيب عاش هو الآخر صعوبات مالية ورغم ذلك قدم اللاعبون أفضل ما لديهم لكن بما ان «للصبر حدود» فقد اضرب اللاعبون مؤخرا بسبب عدم إيفاء هيئة السعيداني بالتزاماتها المالية وانعكست الأزمة المالية على التحضيرات لتلغي تربص المغرب الذي كان من المفترض أن ينطلق منذ يوم الأربعاء ممّا أثار مخاوف أحباء النادي المقبل بعد فترة على مواعيد هامة ابرزها ملاقاة الترجي الرياضي.
ملاعب مغلقة ودربي العاصمة في المنستير
بات الحديث عن الملاعب في بطولة الرابطة المحترفة الأولى أمرا عاديا فنجم المتلوي قضى مبارياته متنقلا سواء كفريق مضيف او ضيف فاضطر الى استقبال ضيوفه في الرديف والنادي البنزرتي لا يزال يعاني من إغلاق ملعب 15 أكتوبر وبعد ملعب منزل عبد الرحمان بات ملعب العالية ملاذ فريق عاصمة الجلاء ونفس الأمر عانى منه نادي حمام الأنف الذي استنجد برادس قبل اعادة فتح ملعب الضاحية الجنوبية. لكن النقطة التي أفاضت الكأس كانت الملف الذي استأثر باهتمام الشارع الرياضي هذه الفترة كانت الملعب الذي سيحتضن مباراة الدربي بين الترجي الرياضي والنادي الإفريقي خاصة بعد لان أعلنت ادارة الحي الوطني الرياضي غلق ملعب رادس للصيانة، وبعد أخذ ورد أعلن مكتب الرابطة الوطنية لكرة القدم المحترفة ان لقاء الاجوار سيجرى في ملعب مصطفى بن جنات بالمنستير بحضور 3600 مشجع رغم ان هيئة الترجي رفضت اللعب خارج العاصمة وبحضور 3600 فقط من أنصار فريقها والساعات القادمة ستكشف المزيد في خصوص هذا الموضوع الذي كان يمكن تجاوزه لو لم يتمسك المكتب الجامعي باجراء المباراة الودية بين تونس والمغرب يوم 20 نوفمبر الماضي بملعب رادس والحال ان ادارة الحي الوطني الرياضي اعلنت غلق الملعب قبل ذلك التاريخ لتضطر الى فتحه بعد يوم واحد للقاء الترجي والاتحاد المنستيري ضمن الجولة السابعة من البطولة.
أندية تحت مطرقة عقوبات «الفيفا»
كلما فُتح باب الانتقالات، تسابقت بعض الأندية على إبرام الصفقات الداخلية والخارجية وكأن الأمر يتعلق بسباق يفوز فيه من يظفر بأكبر عدد من التعاقدات، ولو كانت الاستفادة من الانتدابات حاصلة لهان الأمر لكن بعض الأسماء تلازم بنك البدلاء إن لم تكتف بالمدارج وغالبا ما تنتهي الزيجة بفسخ تعاقداتها من هيئات النوادي ومن جانب واحد الأمر الذي يدفع اللاعبين إلى اللجوء الى لجنة النزاعات التابعة للجامعة التونسية لكرة القدم او لجنة النزاعات بـ«الفيفا» لنيل مستحقاتهم. ويذكر الشارع الرياضي ان النادي البنزرتي كان مهددا في بداية الموسم الحالي للنزول الى الرابطة الثانية بعد خصم 6 نقاط من رصيده في الموسم الماضي بسبب عدم تسديد القسط الثاني من مستحقات اللاعب النيجيري إبراهيم اليو أبوبكر والمقدرة بمبلغ 500 ألف دينار قبل ان تتدخل الجامعة التونسية لكرة القدم وتتعهد بخلاص المستحقات على ان يتم اقتطاعها لاحقا من منحة الوزارة. أما أكثر الاطراف التي طالتها تهديدات الاتحاد الدولي وعقوباته فهو النادي الإفريقي الذي تعاني هيئته الحالية من التركة الثقيلة للرئيس السابق سليم الرياحي بسبب عدم الايفاء بالتزاماتها المالية مع عدة لاعبين من مستحقات حسين ناطر وياسين الميكاري وبسام الصرارفي ولسعد النويوي الى اموال المدرب الهولندي رود كرول والمعد البدني السابق للفريق مهدي مرزوق وصولا الى ملف التشادي ايزيكال حيث كان فريق باب الجديد مهددا بخصم 6 نقاط من رصيده لولا تدخل رئيس الحكومة يوسف الشاهد ورئيس الجامعة وديع الجريء ولا يزال الفريق ينتظر فك الحظر عليه على مستوى الانتدابات.