البطولات الخليجية تواصل استقطاب اللاعبين التونسيين: استفادة مالية في ظل صعوبة فرض الذات في الملاعب الأوروبية

في سنوات خلت،كان الوجود التونسي في البطولات الخليجية عُملة نادرة حيث كانت أحلام اللاعبين تتركز

نحو الهجرة الى القارة العجوز وطرق أبواب تجربة احترافية أوروبية وتطوير إمكانياتهم والنهل من منبع الكرة الحقيقية،أما اليوم فالجالية 'الكروية' التونسية في الخليج بات عددها يرتفع من موسم إلى آخر حتى صرنا نخشى أن يأتي يوم ويصبح عدد الأسماء المحترفة في أوروبا لا يعدّ على أصابع اليد الواحدة.
في احد أعداد «المغرب» تطرقنا الى موضوع الهجرة التونسية الى ملاعب الخليج ونجد أنفسنا مضطرين الى تناوله مرة ثانية وثالثة بما أن الأمر أصبح بمثابة الظاهرة،غزو تونسي للملاعب الخليجية وعزوف عن الملاعب الأوروبية لأسباب عديدة تحتل فيها الأمور المالية صدارة الاهتمام.قد يقول البعض أن البطولات الخليجية تطورت كثيرا في السنوات الأخيرة وباتت تفرض الاحترام وأخر دليل تألق العين الإماراتي في مونديال الأندية ولكن علينا إن نقرّ أن بروزها ليس فقط لأنها تقدمت ولكن لان قوة المال تفسح لها المجال لانتداب ابرز اللاعبين على الساحة العالمية، أما الهجرة التونسية فالفائدة الأولى لها مالية لضمان عائدات مالية قبل كل شيء...

مونديال 1978 كان بوابة العبور
لا تعد ظاهرة الهجرة التونسية الى البطولات الخليجية جديدة بل إنها بدأت قبل 4 عقود من الزمن وتحديدا بعد تألق المنتخب التونسي في مونديال الأرجنتين 1978 والمشاركة الايجابية التي تمكن خلالها نسور قرطاج من دخول التاريخ كأول منتخب عربي وإفريقي يحقق الفوز في كأس العالم من خلال انتصاره على نظيره المكسيكي (3-1) في الدور الأول. بعد إسدال الستار عن نهائيات الأرجنتين،هاجر أكثر من نصف لاعبي المنتخب نحو البطولة السعودية فاحترف تميم الحزامي في الاتحاد السعودي وخاض كل من طارق ذياب ونجيب ليمام تجربة مع الأهلي السعودي فيما احترف نجيب غميض في اتحاد جدة وتقمص ساحر الأجيال حمادي العقربي والمختار ذويب زي النصر السعودي.في تلك الفترة ،لم تكن كرة القدم 'مهنة' تدرّ المال الكافي للاعبين لضمان مستقبل عائلاتهم بعد الاعتزال ولذلك قد نلتمس الاعذار لاختياراتهم لكن نقطة الاستفهام في السنوات الاخيرة خاصة منذ ان اختار يوسف المساكني الانضمام الى لخويا القطري في عنفوان تألقه بدل طرق باب تجربة أوروبية وحينذاك قيل ان بطولة قطر ليست الا قاطرة عبوره نحو القارة العجوز لكن مرت المواسم وبقي ذلك مجرد أحاديث

ضاعت معها ابرز مواهب الكرة التونسية في الخليج عوض ان تفجر طاقاتها في اوروبا.وتجربة المساكني حملت وراءها الكثير من التجارب او يمكن القول إنها فتحت الباب لمواسم الهجرة الى الخليج من احمد العكايشي وتجربته مع اتحاد جدة السعودي التي انتهت بعودته الى النجم الساحلي وعبد القادر الوسلاتي لاعب النادي الإفريقي سابقا والفتح السعودي حاليا الى تربص المنتخب الوطني الشهير بقطر في جانفي 2018 والذي كان بمثابة تجمع للسماسرة استقطبوا خلاله اكثر من لاعب الى البطولة السعودية على غرار الفرجاني ساسي نحو النصر السعودي وامين بن عمر الى الاهلي السعودي وفخر الدين بن يوسف في الاتفاق وفاروق بن مصطفى في نادي الشباب وأيمن المثلوثي الذي خاض تجربة في الباطن قبل العودة الى البطولة التونسية من بوابة النادي الإفريقي ومعظم التجارب كانت قصيرة المدى فغربال الاهلي لفظ امين بن عمر بعد 4 أشهر من انتدابه بسبب إصابة سبقت المشاركة في مونديال روسيا والفرجاني ساسي حزم حقائبه نحو البطولة المصرية وتحديدا مع نادي الزمالك...

ولم يقتصر الأمر على أندية قسم الاضواء بل ان اللاعب التونسي بات 'سهل المنال' حتى بالنسبة الى الفرق التي تراهن على الصعود على غرار تعاقد العدالة مع كل من بلال السويسي وياسين بوفالغة ويوسف الفوزاعي والكوكب مع علي العياري وشاكر الرقيعي، ونجران مع وسيم نوارة والتحق به مؤخرا عمر زكري على سبيل الاعارة لمدة 6 اشهر من النجم الساحلي. أما نادي هجر فتعاقد مع أحمد حسني وضم ونادي ضنك محمود بن صالح لاعب النادي الصفاقسي سابقا فيما انتدب نادي حطين محمد علي الكزدغلي ومحمد الوزاني...

الإغراءات المالية للأندية واللاعبين
وقّعت الجامعة السعودية لكرة القدم قبل المشاركة في مونديال روسيا 2018 اتفاقية تعاون مع الجامعة الاسبانية تم بمقتضاها تسهيل انتقال الدوليين السعوديين إلى الدوري الإسباني، لتطوير مستواهم ورفع جاهزيتهم البدنية والفنية قبل نهائيات المونديال وامام خروج اكثر من عنصر وجدت الاندية السعودية ملاذها في اللاعبين التونسييين، توفّرت السيولة المالية اللازمة فلم تجد من النوادي التونسية واللاعبين المطلوبين إلا الموافقة والمباركة خاصة اذا كان اللاعب لا يزال مرتبطا بعقد مع النادي فانتقاله الى الخليج سينعش خزينة النادي بعائدات مالية هامة كفيلة بمجابهة متاعبه على غرار النجم الساحلي الذي استفاد من مليوني يورو في صفقة انتقال امين بن عمر الى الأهلي السعودي ووفر انتقال الفرجاني ساسي الى النصر نفس المبلغ لخزينة الترجي ...

اما بالنسبة الى اللاعبين فالفائدة حاصلة لا من الناحية الفنية فحسب ولكن أيضا على المستوى المادي،إذ لا يخفى على احد ان جلهم جابهوا عديد الصعوبات لنيل مستحقاتهم المالية من الأندية في ظل تفاقم الأزمات المالية مما دفعهم الى اللجوء الى لجنة النزاعات لذلك يجدون في التجارب الاحترافية الخليجية أفضل ملاذ لتوفير موارد مالية كفيلة بضمان مستقبلهم وظروف العيش الكريم لعائلاتهم بعد الاعتزال وبعض الوضعيات الصعبة للاعبين أدارت لهم الظروف ظهرها عندما غادروا المستطيل الأخضر تجعل اللاعبين الحاليين يتعظون من هذه الدروس.

صعوبة اثبات الذات في اوروبا
قد يكون اختيار المحطة الاحترافية الخليجية شرا لابد منه خاصة أن النجاح في البطولات الأوروبية بات أمرا في غاية الصعوبة ولنا في تجارب الأسماء التونسية ابرز مثال فالعناصر التي يمكن القول إنها تمكنت من فرض ذاتها تعد على أصابع اليد الواحدة أما البقية فمستواهم متأرجح بين الإقناع تارة والتراجع تارة أخرى وهناك فئة اخرى وجدت نفسها في ثلاجة الإهمال بعد ان علّق عليها الشارع الرياضي التونسي آمالا كبيرة للنجاح على غرار المدافع أيمن عبد النور الذي لم يعرف النجاح المنتظر في تجربتيه الاحترافيتين الاسبانية والفرنسية.وجاء مونديال روسيا 2018 ليكشف أن اللاعب التونسي في حاجة الى سنوات ضوئية ليلتحق بمستوى اللاعب الأوروبي ولذلك دفع منتخبنا الفاتورة باهظة أمام بلجيكا...

للمدربين نصيب ....
لم يعد الأمر مقتصرا فيما يتعلق بالهجرة الى ملاعب الخليج على اللاعبين بل انتقلت العدوى الى المدربين خاصة مع حملات الإقالة في الرابطة الأولى ولذلك ليس بغريب ان نجد ان نصف مدربي الدرجة الأولى بالسعودية تونسيون ويبدو ان نجاح تجربة فتحي جبال مع الفتح هي التي كانت قاطرة لزيجات أخرى فالتحق محمد الكوكي بـ«ضمك» السعودي وتعاقد الحبيب بن رمضان مع الطائي واستنجد حطين بخدمات عامر دربال مؤخرا ...

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115