ما بقي من الكلاسيكو: الأيادي عوّضت الأقدام..لاعبو المنتخب فــــــــي قفص الاتهام وعقوبات قاسية في الانتظار

عندما تسحب روزنامة الموسم الكروي يكون الجميع في انتظار مواعيد المباريات الكبرى والدربيات خاصة أنها تكون الأكثر إثارة وتشويقا في ظل النجوم العديدة التي تمتلكها الفرق الكبرى ونحن في تونس

دائما ما نسلط الضوء على موعد الدربي والكلاسيكو خاصة أن المواجهات المباشرة بين الفرق المراهنة على اللقب تعد الواجهة المثالية للكرة التونسية سواء لتسويقها أو لمشاهدة كرة قدم جميلة نحن في حاجة إليها في ظل المستوى المتوسط للبطولة عموما.
من بين الأطباق التي ينتظرها عشاق الكرة التونسية الحوار التقليدي بين الترجي الرياضي والنجم الساحلي خاصة أن المنافسة باتت كبيرة بينهما في المواسم الأخيرة إضافة إلى أنّ تركيبة الفريقين تضم أفضل لاعبي البطولة سواء المحليين أو الأجانب لذلك فإن الطبق الكروي يكون مغريا لكن المواسم الفارطة قدمت صورة مشوهة لكلاسيكو البطولة واحد عناوينه البارزة تجاوزات من الطرفين أسقطت المتعة الكروية وأسست لمشاهد خارجة عن المألوف ليكون العنوان في الأخير «كلاسيكو الفضيحة».. «كلاسيكو العار» ويكون التحليل مخصصا لما هو غير كروي رغم أن المباراة تأتي تحت عنوان مباراة في كرة القدم.
كلاسيكو 26 نوفمبر الجاري لم يخرج عن نواميس مباريات القمة في آخر موسمين حيث كانت نهايته درامية وكارثية بما أنها قدمت مشاهد بعيدة عن كرة القدم وخلنا أنفسنا أمام مباراة في الملاكمة أو «الكاتش» لينعكس ذلك على الجو العام للمواجهة التي أعلنت جملة من التجاوزات انطلقت من المستطيل الأخضر لتصل إلى المدرجات ثم محيط الملعب ولم تكتف بذلك بما أنها طالت حجرات الملابس.

عمليات التجميل لم تنفع
أشار الجميع أن العنف في الملاعب استفحل بشكل كبير خاصة بعد الثورة والمشاهد التي تعيشها مدرجات ملاعبنا أكبر شاهد على ذلك إلا أن أصحاب القرار دائما ما أكدوا أن الأمور عادية وأن «الويكلو» هو الطريقة المثالية للحد من «الغول» الذي بات واقعا في الكرة التونسية فمشاهد المطاردات بين الجماهير ورجال الأمن مألوفة والشماريخ والتكسير عادية والعقوبات مخففة لتكون الحصيلة ما رأيناه في الكلاسيكو الأخير...
الخوف من العقوبات بات كبيرا من الجامعة والرابطة وهو ما أسس للتجاوزات من جميع الأطراف فعندما تكون القرارات ردعية ويسقط مفهوم المجاملات من قاموس العقوبات سنرى واقعا أفضل وملاعب أنظف وتجاوزات أقل... كرتنا عانت وتعاني كثيرا من العنف في الملاعب وعمليات التجميل العادية من الدكتور وأصحاب القرار لم تنفع بل زادت في التشويهات التي تعانيها الكرة التونسية التي أصبحت تتطلب تدخلا جراحيا عاجلا وفاعلا يمر عبر عقوبات واقعية ورادعة حتى يتأكد الجميع أن من يخطىء يعاقب وأن الخطأ يفرض العقاب.

لاعبون دوليون في قفص الاتهام
دائما ما يتحدث المحللون عن أن اللاعب الدولي يختلف عن اللاعب العادي لكن في مواجهة الكلاسيكو العكس كان صحيحا بما أن دولي الترجي الرياضي والنجم الساحلي هم من أشعلوا فتيل التجاوزات والمشاهد المخزية جعلت التعليقات كثيرة عن الذاهبين إلى كأس العالم روسيا 2018...
البداية كانت بلقطة أنيس البدري وحمزة لحمر اللذين أكدت الصور التلفزية التجاوزات فيما كان الحوار بين حمدي النقاز وخليل شمام خارجا عن النطاق لتؤكد لقطة الغاني الدولي «ألكالي بانغوار» انحدار المستوي فيما كانت اللقطة الأخيرة بين الثنائي الدولي محمد أمين بن عمر وماهر الصغير والتي أقامت الدنيا في أولمبي سوسة أسوأ مشاهد الكلاسيكو بما أنها أعلنت الفوضى وانتقلت بنا من ملعب كرة القدم إلى حلبة الملاكمة أين كان للاعبي المنتخب الوطني المتأهل إلى المونديال الدور الرئيسي في إفساد القمة وتحويل وجهتها إلى حلبة مصارعة وملاكمة و»كاتش»...
تجاوزات اللاعبين وترت الأجواء على المدرجات المشحونة أصلا ليكون الصراع بين الجماهير ورجال الأمن كبيرا سجلنا فيه عدة إصابات من الجانبين وخروجا غير مألوف عن عادات المواجهات في أولمبي سوسة.
الغريب أن تصريحات ما بعد اللقاء صبت في خانة الاعتراف بالتجاوزات بل أكثر من ذلك بما أن عددا من صناعي النشاز رفعوا شعار الاعتذار والتأكيد على أن التجاوزات لا تتماشى وما وصلت إليه الكرة التونسية.

عقوبات منتظرة
سيكون ملف كلاسيكو يوم 26 نوفمبر الماضي أحد المواضيع الرئيسية على طاولة مكتب الرابطة الوطنية لكرة القدم سيما أن التجاوزات كانت موثقة سواء تلفزية أو في تقرير الحكم أمير العيادي الذي يتحمل جانبا كبيرا من المسؤولية رغم إقصاء 3 لاعبين في حصيلة كبيرة لكنها كانت قابلة للزيادة...
مكتب الرابطة سيكون على موعد مع أحد الملفات الشائكة في هذا الموسم خاصة أن التجاوزات كانت كبيرة في الكلاسيكو ما يجعل أعضاء الرابطة مطالبين بقرارات تتماشى والأحداث التي عرفها أولمبي سوسة والأكيد أن تقرير الحكم إضافة إلى التقرير الأمني والصور التلفزية ستكون أهم مؤيدات العقوبات المنتظرة على اللاعبين والمسؤولين وحتى المدربين.
عديد اللاعبين سيكونون عرضة للعقوبات والبداية ستكون بالثنائي لحمر والبدري اللذين وثقت الصور التلفزية التجاوزات حيث ستكون عقوبة المواجهتين في الانتظار بما أن لحمر قام بحركة لا أخلاقية ليكون رد البدري بالاعتداء بالعنف أما «أكالي بانغوار» فإن تقرير مرلقب المباراة أكد عملية البصق على فخر الدين بن يوسف ليكون الغاني مهددا بالغياب لمدة 3 مباريات مع خطية مالية بـ5 آلاف دينار ولم يستثن تقرير أمير العيادي الثاني الطرد في أخر المواجهة وهما المصري عمرو مرعي وماهر الصغير اللذين سيكونان عرضة لعقوبة بمباراتين بسب الاعتداء على المنافس وستشمل العقوبة عدة مسؤولين على غرار المدرب قيس الزواغي.
تداولت بعض الصفحات الخاصة بنقابات الأمن أن أحد لاعبي النجم الساحلي اعتدى بالعنف على أحد الأعوان وهي حادثة إن تم توثيقها في التقرير الرسمي للأمن فإن اللاعب المذكور سيكون عرضة للشطب والتغريم بــ20.000 ألف دينار استنادا إلى الجدول «ب» من الفصل 44 للمجلة التأديبية ويبقى هذا الخبر بكل احتراز في انتظار استكمال كل التقارير الرسمية.

جماهير النجم الساحلي هي الأخرى ستنال جانبا من عقوبات الرابطة خاصة بعد الأحداث التي عرفتها مدرجات أولمبي سوسة حيث يلوح شبح الويكلو لثلاث مباريات على فريق جوهرة الساحل إضافة لخطية مالية بألفي دينار.

كلاسيكو أكبر من الحكم
صحيح أن لعب ورقة الحكام الشبان تعد إيجابية للجنة الفيدرالية للحكام لكن لابد أن يكون الحكم مؤهلا لقيادة المباريات الكبرى التي تتطلب شخصية قوية تمكنه من السيطرة على اللاعبين وعلى المواجهة وأمير العيادي رغم مؤهلاته التي أظهرها في المباريات السابقة إلا أنه لم يكن الحكم المناسب لمواجهة الكلاسيكو التي عرفت عدة تجاوزات من طرف اللاعبين وقرارات غير موفقة جعلت المباراة تفلت منه وتذهب إلى السيناريو الذي انتهت عليه...
التدخلات العنيفة كانت حاضرة والمشاهد الجانبية عديدة وما زاد في متاعب العيادي هو الدور الذي لم يلعبه مساعداه اللذان اكتفيا بمشاهدة اللقطات دون تنبيه الحكم رغم أن كافة اللقطات التي احتج عليها الطرفان كانت أمام عيون المساعدين. لجنة التعيينات لابد أن تحمي حكام النخبة خاصة بعدم وضعهم أمام مباريات صعبة ويكون فيها الرهان كبيرا رغم أن سياسة الاعتماد على الشبان محبذة لذلك فإن حماية الحكم وتكوين شخصيته مطلوب لكن بعدم رميه في المواجهات الصعبة.

بن عمر والصغير شرارة الأحداث
اللقطة التي أشعلت الكلاسيكو في دقائقه الأخيرة هي الصراع الذي جمع الثنائي الدولي أمين بن عمر وماهر الصغير والذي كان تحت أنظار الحكم المساعد وحتى الحكم الرئيسي الذي واكب المعركة الأولى بين الثنائي لكنه اختار معاقبة المهاجم المصري عمرو مرعي الذي أكدت الصور التلفزية أنه لم يكن طرفا في الحادثة بل اقتصر دوره كبقية زملائه على إبعاد زميله بن عمر إلا أن الحكم اختار طرد المصري ما جعله يخرج عن النص بسبب قرار التحكيم. الغريب أن ردة فعل بن عمر كانت مبالغة فيها خاصة أنه عودنا على ضبط النفس والتعامل مع الوضعية الصعبة إلا أنه رد الفعل بطريقة أعلنت تحول المشهد إلى حلبة دخل فيها كافة لاعبي الفريقين تقريبا وفرضت تدخل الحكم بإقصاء الصغير فيما لم ينل بن عمر أي عقوبة رغم أنه كان الطرف الرئيسي في الحادثة التي أشعلت المواجهة.

وزارة الرياضة تتفاعل
أصدرت وزارة الشباب والرياضة أمس بيانا إثر الأحداث التي رافقت مواجهة كلاسيكو أولمبي سوسة بين النجم الساحلي والترجي الرياضي أكدت فيه ضرورة التصدي لمثل الأحداث التي رافقت المواجهة مطالبة الهياكل الرياضية بضرورة اتخاذ قرارات حازمة وصارمة تضرب على التجاوزات معلنة أنها ستتابع القرارات التي ستصدر عن الهياكل الرياضية وفي ما يلي نص بيان وزارة الشباب والرياضة:

على إثر أحداث العنف الخطيرة والمؤسفة التي سجلتها مباراة كرة القدم التي جمعت النجم الرياضي الساحلي بالترجي الرياضي التونسي في إطار الجولة الخامسة من بطولة الرابطة المحترفة الأولى التي دارت فعالياتها يوم الأحد 26 نوفمبر 2017 بالملعب الاولمبي بسوسة، تعرب وزارة شؤون الشباب والرياضة عن بالغ أسفها وعميق تنديدها واستنكارها لما شهدته هذه المباراة من نهاية مؤسفة واعتداءات وتصرفات غير مسؤولة بدرت عن عدد من المعنيين بالشأن التنظيمي والرياضي من لاعبين ومسيرين وجماهير رياضية وهي لا تمت للرياضة وأبعادها الأخلاقية والتربوية بصلة.
وإذ تؤكد الوزارة أن الرياضة مدرسة للأخلاق والتربية وأن انتهاك حرمة المنشآت والأشخاص خط أحمر لا حياد عنه ولا يمكن المساس به في أي حال من الأحوال، فإنها تدعو كافة الهياكل الرياضية إلى التصدي الحازم لهذه السلوكيات المشينة وإلى الحرص على تطبيق القانون تجاه من ثبت ارتكابه لهذه التجاوزات ومن شارك وتسبب بصفة مباشرة وغير مباشرة في الإخلال بالسلوك والروح الرياضية وفقا للقوانين الجاري بها العمل وخاصة منها الأحكام المدرجة ضمن القانون عدد 104 لسنة 1994 المؤرخ في 3 اوت 1994 المتعلق بتنظيم وتطوير التربية البدنية والأنشطة الرياضية والتي تشمل سلسلة من العقوبات التي تمس لاعبي الفرق المشاركة في المباراة والمدربين والحكام والجماهير المتسببة في ذلك (من الفصل 49 الى الفصل 56).

كما تؤكد الوزارة حرصها على متابعة تطورات هذه المباراة وحيثياتها وما يجب اتخاذه من قرارات ردعية وقانونية في الخصوص، حماية لصورة الرياضة في تونس بصفة خاصة ودفاعا عن المنظومة الأخلاقية القيمية بصورة عامة.
وتدعو سلطة الإشراف إلى تعبئة مجتمعية شاملة لجميع الفاعلين في المنظومة الرياضية من مسؤولين ومسيرين وحكام ووسائل إعلام وهياكل المجتمع المدني من أجل تكثيف الجهود لمعالجة جميع أشكال العنف التي تناقض القيم السامية للرياضة وتسيء الى صورتها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115