محكمة التحكيم الرياضي بلوزان تقبل الدفع المبدئي بعدم الاختصاص في طعن قرمبالية الرياضية ضد الجامعة التونسية لكرة القدم

تلاحقت المواقف من الوثيقة الصادرة عن محكمة التحكيم الرياضي بلوزان وجاء في شرح مستفيض للاستاذ أحمد الورفلي وهو محام ومحكم ان «محكمة التحكيم الرياضي بلوزان تقبل الدفع المبدئي بعدم الاختصاص في طعن قرمبالية الرياضية ضد الجامعة التونسية لكرة القدم».

دراسة الاستاذ احمد الورفلي عالجت قضية التحكيم الرياضي بمنطق علمي يحتاج إلى التعميم وبعد استعراض لما استقر عليه الراي لدى فقهاء قانون التحكيم منذ عدة عقود على الإقرار بانطباق مبدأ الاختصاص بالاختصاص compétence-compétence في مجال التحكيم ويعني هذا المبدأ أن الجهة القضائية التي يرفع إليها نزاع تكون هي المختصة للنظر في ما إذا كان لها الاختصاص للنظر في ذلك النزاع. ولهذا المفهوم أثر سلبي أو سالب وهو أنه لا يمكن لجهة أخرى أن تقرر ما إن كانت الجهة المرفوع إليها النزاع هي المختصة بالنظر فيه

وبما ان الجدل قائم حول ما اذا كان ما صدر عن المحكمة الدولية قرارا ام لا وضح الاستاذ أحمد الورفلي:
« لقد أدت التعديلات المدخلة على أنظمة تحكيم بعض المؤسسات التحكيمية إلى وضع حدود معقولة لمبدأ الاختصاص بالاختصاص و لا وجود لهيئة تحكيم تقرر إن كانت مختصة أم لا، بل يصدر القرار عن الجهاز الإداري، أي عن الأمين العام لمؤسسة التحكيم أو مساعديه، فيكون من حيث طبيعته القانونية قرارا إداريا، يتلى بشكل طبيعي بإرجاع التسبيقات أو المعاليم التي أمّنها أو دفعها الطالب أو حولها إلى مؤسسة التحكيم بشكل أو بآخر.

ويطرح مثل هذا القرار إشكالين سنعود إليهما بمزيد من التفصيل:
ما هي القيمة القانونية لقرار رفض تسجيل القضية؟ وهل له قيمة قانونية معادلة لقيمة الحكمي التحكيمي؟ وإن لم تكن له مثل هذه القيمة، فكيف يطبق القاضي الفصلين 61 من مجلة التحكيم؟ أي متى يسترجع قاضي الدولة ولايته على النزاع في حين أنه لم يقع إصدار أي حكم تحكيمي بعدم الاختصاص؟

ما هي الصيغة الإجرائية لاتخاذ قرار قبول الدفع المبدئي بعدم الاختصاص؟ هل ينبغي لاتخاذه احترام مبدإ المواجهة؟ وهل يمكن اتخاذه دون سماع رأي الطرف المقابل ورده على طلب التحكيم؟ وهل ينبغي إعلام الطرف المقابل به ولو لم يقع تلقي رده على طلب التحكيم؟
بعجالة، وفي انتظار مزيد التفصيل في هذه المسألة، نرى أن قرار قبول الدفع المبدئي بعدم الاختصاص Exception préliminaire d’incompétence له وينبغي أن يكون له نفس أثر الحكم التحكيمي القاضي بعدم الاختصاص، رغم صبغته الإدارية. والقول بخلافه يؤدي إلى نتيجة غير معقولة إذ أنه يوصد باب التحكيم في حين يظل باب القضاء موصدا أيضا لعدم البت في الاختصاص التحكيمي بحكم تحكيمي جزئي sentence partielle، وهو ما يؤول إلى إنكار العدالة، وهذا أمر يأباه الفصل 108 من الدستور.

لكن في قضية قرمبالية الرياضية ضد الجامعة التونسية لكرة القدم، وقع أمر استثنائي وهو أن طالب التحكيم هو الذي تمسك بالدفع المبدئي بعدم الاختصاص وهو ما يعني منطقيا أنه من غير المجدي الاستماع إلى رأي الطرف الآخر والذي لا يكفي إقراره أو تمسكه بالتحكيم لقيام الاختصاص طالما أن الطرف المقابل ينازع بوضوح وبصفة مبدئية في الاختصاص التحكيمي. ومع ذلك، كان من الأسلم في رأينا أن يستمع الأمين العام لمحكمة التحكيم الرياضي إلى رأي الطلب المقابل، الذي يمكنه على كل حال أن يقدم براهين أو حججا أو تحليلا قانونيا قد يغير نظرة الجهاز الإداري لمؤسسة التحكيم إلى الأمور. لكن في هذه الحالة، ستضطر مؤسسة التحكيم إلى القيام بعمل مشابه لعمل هيئة التحكيم، وهو ما يعني حتما ضرورة استخلاص معاليم بعنوان هذا العمل، وهذه المعاليم ستطرح إشكالا من حيث تحديد الجهة التي ينبغي أن تتحملها، إذ الأصل أن من يدفع المعاليم هو الطرف المتمسك بالتحكيم لا العكس، في حين أنه في قضية الحال تمت تسبقة المعاليم من قبل الطرف الذي يرفض التحكيم، وهي وضعية معقدة جدا ونادرة جدا، آلت بسكرتارية محكمة التحكيم الرياضي إلى الاقتصار على رأي الطالبة (على ما يبدو) فأصدرت قرارها بعدم ترسيم القضية وعدم المضي قدما في إجراءات التحكيم دون أخذ راي الطرف المدعى عليه (الجامعة التونسية لكرة القدم).

وللحديث بقية بإذن الله
بقلم أحمد الورفلي
محام ومحكم

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115