بالرغم من أن الأمر لم يتخذ بعد منحى رسميا ولم يتجاوز سياق التلميح والنوايا، فقد رفضت النقابة الأساسية لأعوان وإطارات مؤسسات العمل الثقافي ببن عروس مقترح «تسليم جزء من دار الثقافة بن عروس إلى مصالح الأمن الوطني قصد تحويله إلى مركز للأمن» كما اتخذت مديرة دار الثقافة بن عروس «نجوى الملوحي» الموقف ذاته في استنكار شديد لتهميش الثقافة وتصنيفها في الترتيب الأخير لاهتمامات السلط الجهوية...
رفض قاطع وبيان احتجاج
أصدرت النقابة الأساسية لأعوان وإطارات مؤسسات العمل الثقافي ببن عروس بلاغا ممضى من طرف كاتبها العام «سامي الذيبي» يوم أمس جاء فيه: «على إثر اقتراح السيد والي بن عروس وبلدية الجهة تسليم جزء من دار الثقافة بن عروس للأمن الوطني وتحويله إلى مركز للأمن، فإن النقابة الأساسية لأعوان وإطارات مؤسسات العمل الثقافي والمندوبية الجهوية ببن عروس – وبعد اعتزازها بكل وحداتنا الأمنية وأهمية دورها في حماية البلاد والسهر على أمن وسلامة المواطن- تندد وتستنكر محاولة الاستيلاء على جزء من دار الثقافة والمتمثل في رواق كبير تم بناؤه حديثا من طرف وزارة الثقافة، لحاجة الدار لفضاء للعرض يسهل برمجة وعرض الأنشطة والأعمال الفنية للمبدعين، علما وأن اغلب نوافذ وأبواب الدار تفتح على الرواق، مذكرين دائما بالدور العميق للثقافة في مواجهة الإرهاب خاصة في مثل هذه الفترة الحرجة من تاريخ تونس.» وأضافت النقابة في بلاغها أن «مجرد التفكير في تحويل رواق دار الثقافة بن عروس إلى مركز للأمن الوطني لا يخدم المصلحة الوطنية للبلاد، واعتداء صارخ على حق أبناء تونس في المراكز الثقافية.»
برقية اعتراض إلى والي بن عروس
لا تزال عديد المؤسسات الثقافية ودور الثقافة في تونس تعاني من إشكال عقاري يتمثل في امتلاك البلديات للأراضي المشيّدة فوقها دون إحالتها على أملاك وزارة الثقافة وهو ما يجعل هذه الهياكل الثقافية رهينة توجهات وخيارات السلطة البلدية. وفي هذا السياق أفادت «نجوي الملوحي» مديرة دار الثقافة بن عروس في تصريح لـ»المغرب» بما يلي: « بصفتي مديرة لدار الثقافة بن عروس لم أتلّق أي طلب أو مقترح رسمي حول الموضوع لكننا علمنا بوجود نيّة لاستغلال الأرض المحاذية لدار الثقافة بن عروس لبناء مركز للأمن الوطني مع استغلال جزء من رواق الفنون في الغرض ذاته. كما علمنا أنه كان من المتوقع عقد اجتماع بين مندوب الثقافة بالجهة ووالي بن عروس والسلط المحلية للتباحث في الموضوع إلا أن مستجدات طارئة أدت إلى تأجيل هذا اللقاء. ومع احترامنا الشديد لكل المؤسسات الأمنية فإننا نرفض رفضا قاطعا أن يتم تشييد مركز الأمن بمحاذاة مؤسسة ثقافية خصوصا وأن موقع قطعة الأرض المزمع تشييد مركز الأمن فوقها يتوسط دار الثقافة ورواق الفنون ببن عروس مما سيتسبّب في فصل مؤسستين ثقافيتين متجاورتين بجدار أمني ... فمن غير المعقول أن تفتح نوافذ دار الثقافة على بهو مركز للأمن؟ وهل من المنطق أن يتجاور النشاط الثقافي مع المهمات الأمنية؟ أليس من الممكن أن يهاب المواطنون المكان بسبب انتشار رجال الأمن وسياراتهم فيعزفون عن ارتياد دار الثقافة ببن عروس؟«
وأضافت «نجوى الملوحي» مديرة دار الثقافة بن عروس ورئيسة جمعية «ثقافة للجميع»:» أمام هذا الخطر المحدق بدار الثقافة بن عروس لم نبق مكتوفي الأيدي بل قمنا بإرسال برقيات رفض واحتجاج إلى المندوب الجهوي للثقافة ببن عروس وإلى مركز الولاية عن طريق معتمدية الجهة قصد ثني السلطات المحلية عن المواقفة على تحويل قطعة الأرض المجاورة لدار الثقافة بن عروس إلى مركز للأمن. وهنا نحمل المسؤولية لبلدية المنطقة التي لم نجد منها سوى تهميش الثقافة وافتكاك فضاءاتها والحال أننا طالبنا أوّلا بتمكيننا من قطعة الأرض المجاورة لدار الثقافة قصد التوسع وتحويل المكان إلى مركب ثقافي متكامل ولكن يبدو أن نداء الثقافة لا صدى له في آذان السلط الجهوية بالرغم من حاجتنا اليوم للفن والثقافة والحياة أكثر من أي وقت مضى ...».