وأمام جسامة هذا الوضع، أطلق عدد من الفنانين ونشطاء في المجتمع المدني بصفاقس حملة «لا ... لا... لا لغلق قاعات السينما».
اليوم الخميس 25 أوت 2016، تنطلق حملة « لا ... لا... لا لغلق قاعات السينما» على الساعة العاشرة والنصف صباحا بقاعة سينما الكوليزي بصفاقس. وذلك قصد إنقاذ ما تبقى من قاعات سينما في عاصمة الجنوب من الغلق وانتشال «الكوكب» و»الكوليزي»، القاعتين الوحيدتين بالجهة من الاندثار...
« لا ... لا ... لا ... لغلق قاعات السينما»
أطلق «فتحي الشلي» صاحب قاعة الكوليزي بصفاقس صيحة فزع مناديا بالالتفاف حول حملة مناهضة غلق قاعات السينما بصفاقس، وداعيا إلى مواكبة انطلاق حملة « لا ... لا... لا لغلق قاعات السينما» وذلك بقاعة سينما الكوليزي باب بحر صفاقس اليوم الخميس على الساعة العاشرة والنصف صباحا. وفي هذا السياق أفاد صاحب القاعة بما يلي: «لن نأخذ من وقتكم أكثر من نصف ساعة من أجل مشاهدة عرض فيلم قصير بعنوان «الحجر يتكلم» لرياض الحاج طيب ليتم بعدها مناقشة أسلوب النضال أو فكرة التحرك بهدف إيقاف نزيف غلق قاعات السينما مع رسم التصورات المستقبلية لإنقاذ قاعة سينما الكوكب وقاعة سينما الكوليزي بصفاقس في إطار حملة « لا ... لا ... لا ... لغلق قاعات السينما».
ولاشك أن جمهور فيلم «الحجر يتكلم» لن يكون جمهورا عاديا في قاعة مألوفة لمشاهدة عرض معتاد، فالجمهور سيكون متبنيّا للقضية ومناهضا لغلق قاعات السينما والقاعة ستكون في حالة مزرية إذ تفتقد حتى لمقاعد الجلوس أما الفيلم سيتحدث بدوره عن الخراب الذي لحق بالمدينة العتيقة بصفاقس...
30 دينارا مدخول يومي و 350 ألف دينار ديون !
30 دينارا فقط هو المدخول اليومي للقاعة الواحدة، 350 ألف دينار هو حجم الديون ... أمام هذا الاختلال ما بين حجم المداخيل وكلفة النفقات لم يتبق أمام قاعات السينما في صفاقس سوى التأرجح على حبل الأزمة واليأس في تهديد من شبح الإفلاس.
وقد أفاد المخرج «رياض الحاج طيب» ورئيس حملة « لا ... لا ... لا ... لغلق قاعات السينما» بما يلي :» إن غياب الدعم طيلة مرحلة ما بعد الثورة أي غياب منحة التسيير وتحسين القاعات طيلة 5 سنوات جعل من هذه الفضاءات خرائب مغلقة أو محلات تجارية أو مخازن ..أما مصير ما تبقى من قاعات فكان الغرق في بحر ديون كبيرة لفائدة الضمان الاجتماعي ولبعض المزودين وشركات التوزيع للفيلم السينمائي... وبالرغم من هذا الحجم من المشاكل والقضايا بالجملة فإن قاعات السينما بصفاقس حاولت الاستمرار بمداخيل يومية لا تتجاوز 30 دينارا يوميا حتى تبقى مفتوحة ولو بظروفها الحالية التي أصبحت لا تليق بمتقبّل لا يزال يطمح إلى مشاهدة العرض السينمائي داخل قاعة بث محترمة ويحلم بمتعة الفرجة أمام الشاشة الساحرة ...».
وزارة الثقافة تتفاعل ولكن...
كيف كان موقف وزارة الثـقــــــــافة والمحافظة على التراث إزاء الخطر المحدق بما تبّقى من قاعات سينما في صفاقس؟ وهل تعاطت الجهات الرسمية ايجابيا مع هذا الموضوع؟ الإجابة جاءت على لسان «رياض الحاج طيب» رئيس حملة مناهضة غلق قاعات السينما بصفاقس كالآتي : «أصحاب القاعات اقترحوا حلولا بتحويل هذه القاعات إلى فضاءات ثقافية متعددة الاختصاصات عبر إدماج فضاءات للورشات الفنية والعروض المسرحية ومقهى ومطعم... مع الإبقاء على العروض السينمائية في أولوية نشاط هذه الفضاءات. وبعد تقديم ملف إلى وزارة الثقافة للحصول على دعم من أجل إعادة الهيكلة وتجهيز القاعات بالتقنيات الحديثة في البث والتقبل إلا أن رد الوزارة وإن جاء بالموافقة فإنه قدّم القليل من الدعم المادي الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.» وأضاف رئيس الحملة :«حركة أو حملة مناهضة غلق القاعات السينمائية أردناها تعبيرة فنية من أجل تحسيس وزارة الثقافة وحثها على دعم هذه الفضاءات حتى تبقى في صفاقس قاعات لبث الفيلم السينمائي واستمرار الفنّ السابع في ربوع مدينة كان فيها أكثر من 14 قاعة سينما لكنها تحوّلت إلى فضاءات تجارية ومستودعات للعجلات...!
وإن كان من أوجه التناقض أن تكون آخر قاعات الفن السابع مهددة بالاندثار في عاصمة الثقافة العربية، فقد أفاد رئيس الحملة أنه «لا حياة لمن تنادي.. وأن المسؤولين عن التظاهرة يرفضون التعاون معهم بالرغم من رفع وزارة الثقافة توصية في هذا الخصوص إلى هيئة صفاقس عاصمة الثقافة العربية».
رغم تطور عدد قاعات السينما من 21 قاعة سنة 2013 إلى 23 قاعة سنة 2014 ثم إلى 25 قاعة سنة 2015 حسب آخر أرقام وزارة الثقافة فإن قاعتين وحيدين للسينما تقاومان من أجل البقاء في صفاقس ... فهل يليق هذا الوضع المخجل بسمعة تظاهرة صفاقس عاصمة للثقافة العربية ؟