566 هو العدد الجملي للمهرجانات الصيفية في كل الولايات حسب آخر أرقام دائرة المهرجانات وإن تحتل ولاية نابل نصيب الأسد بمعدل 46 مهرجانا فإن حصة ولاية تونس تمثلت في 36 مهرجانا في حين جاء ترتيب ولاية منوبة في آخر السلم بمعدل 10 مهرجانات ...
تثمين التراث والرهان على الخصوصية: ورقة الربح الضائعة
قد تختلف التسميات وتتعدد العناوين وتتنوع الأماكن، ولكن المضمون يكاد يكون واحدا في جل مهرجاناتنا من شمال تونس إلى جنوبها بالرغم من أن لكل جهة ثرائها وعمقها الحضاري وموروثها الفني الخاص ...ولاشك أن هذه البرامج المستنسخة عن بعضها البعض فوّتت على الجهات المعنية الاستفادة من فرصة التميز والتفرد بمهرجان مختلف ومغاير للسائد قادر على استقطاب الجمهور من داخل الولاية وخارجها في تنمية للسياحة الداخلية بالجهة... كما أن إهمال حلقة التراث من برمجة المهرجانات الصيفية حرم هذه التظاهرات من الظهور في شكل أجمل والبروز في حلّة أعمق ... ولعل المرجو من هذه المهرجانات وخصوصا تلك المنتشرة في الجهات والولايات الداخلية ليس استقدام فنان من «الحجم الثقيل» لجلب الجمهور بل ابتكار عروض جديدة وناجحة من عمق الجهة في حدّ ذاتها بدل استنزاف الميزانية المتواضعة أو الهزيلة في خلاص أجور «الكبار» الذين يعيدون إنتاج العرض نفسه في أكثر من مهرجان ولأكثر من موسم ...
المسالك السياحية والبيئية: فرصة مهدورة
في بلد 3 آلاف سنة حضارة تنتشر المسارح الأثرية والمعالم التاريخية التي تتخذها المهرجانات أمكنة مفضلة ومستحبّة لعروض الهواء الطلق، إلا أن انتصاب هذه المسارح لم يكن معلقا ما بين الأرض والسماء بل تحيط به مسالك سياحية وبيئية لا تقل جمالا وتاريخا... لكن نادرا ما ينتبه القائمون على هذه المهرجانات إلى هذا المعطى فيقتصر مجهودهم على تأمين السهرات الترفيهية دون استغلال المحيط لتنظيم زيارات استكشافية وتثقيفية... ممّا من شأنه أن يستقطب الاهتمام ويحرك الفضول في مزيد اكتشاف المنطقة وبالتالي دعم السياحة الوطنية.
وإن تتكاثر هذه المهرجانات من سنة إلى أخرى ليفوق عددها 500 مهرجان، فإن جل المهرجانات باستثناء المهرجانات الكبرى تعاني من صعوبات مالية وتتخبط في أزمة ديون ... مما يستوجب مراجعة شاملة لسياسة المهرجانات ميزانية ومضمونا وتصنيفا ... فالحكمة ليست في ضخامة العدد بل في جودة المحتوى !