«صديقة كسكاس» نحاتة تمثال الصغير أولاد أحمد لـ»المغرب»: تمثال «أولاد أحمد» تحيّة عشق ووفاء من حوّاء إلى شاعر كرّم النساء

«كتبت ، كتبت... فلم يبق حرف. وصفت، وصفت...فلم يبق وصف. أقول، إذا، وأمضي: نساء بلادي نساء ونصف»... كلمات من ذهب خطّها شاعر متمرد في سجل متفرد فحفظتها الألسن ورددتها الأفواه حتى صارت هذه الأبيات إجابة النساء المفضلة والبليغة حين يسألن عن نضالهن، عن نجاحهن، عن تفوّقهن ...

وفي عيد المرأة، شاءت الفنانة والنّحاتة «صديقة كسكاس» أن تهدي روح الصغير أولاد أحمد تمثالا من الأشعار والأحلام والخلود في تحيّة عشق ووفاء من ابنة حوّاء إلى شاعر رفع القبّعة اعترافا واحتراما للنساء...
احتفالا بستينية مجلة الأحوال الشخصية وبمناسبة عيد المرأة، أعدّ مهرجان الحمامات الدولي برنامجا خاصا بهذه المناسبة الوطنية، فكان من بين محطات هذا البرنامج تدشين تمثال للشاعر الراحل الصغير أولاد أحمد من إنجاز الفنّانة «صديقة كسكاس» بفضاء المركز الثقافي الدولي بالحمامات ...

تكريم خاص من مهرجان الحمامات لـ»أولاد أحمد»
حين كتب عن المرأة، حذف جسدها من خانة الغريزة والشهوة وفكّ عنها أسر العادات والتقاليد ليرسم صورة امرأة حرّة، لها الحاضر والتاريخ وبيدها الفعل والمستقبل... فكانت نساء أولاد أحمد «نساء ونصف». وفي ردّ للجميل، صاغت أنامل النّحاتة «صديقة كسكاس» تمثالا لشاعر تونس الكبير ليكون هدية حوّاء إلى شاعر حفِظ حقها وأكرم ذكرها ... فكان زواج فن الشعر بفن النحت تحت سماء الجمال والحياة.

لم يشأ مدير الدورة 52 من مهرجان الحمامات الدولي «معز مرابط» أن يفوّت فرصة ارتباط اسمه وفترة إدارته لهذا المهرجان العريق بإنجاز يؤرخ لذكرى صاحب «أحب البلاد» فاقترح على الفنانة والنحاتة «صديقة كسكاس» باستشارة من الفنانة التشكيلية «سناء تمزيني» إعداد تمثال للشاعر الراحل «الصغير أولاد أحمد». وفي هذا السياق صرّح مدير المهرجان والفنان المسرحي «معز مرابط» لـ» المغرب «بالقول:» تخليدا لذكرى شاعر كبير وشهير وبمناسبة عيد المرأة ارتأينا أن نقوم على طريقتنا بتكريم رجل برع في نظم الكلمات واللعب بالحروف... ووقع الاختيار على الفنانة التشكيلية «صديقة كسكساس» لانجاز نصب تذكاري للشاعر الصغير أولاد أحمد باعتبارها امرأة وفنانة ذائعة الصيت عالميا، فوجدنا منها القبول و التحمس للفكرة إلى درجة العمل بصفة تطوعية على انجاز منحوتة أولاد حمد التي تم تركيزها في مدخل حديقة «دار سبساتيان» لتغري الزائرين بدعوة للسفر في عوالم أولاد احمد الشعرية وأيضا بسفرة في ربوع تلك الحديقة الغنية بمواقع الفن والحياة...»

الشعر يسجد لـ«أولاد أحمد» في «صلاة خالدة»
لأنها تعشق أشعار «أولاد حمد» وتحفظ أبيات قصائده وتحترم مسيرته، لم ترفض «صديقة كسكاس» اقتراح مدير مهرجان الحمامات رغم ضيق الوقت وعدم التحضير المسبق لهذا المشروع الفني ...وفي تصريح لـ»المغرب» أضافت»صديقة كسكاس»، الفنانة التشكيلية وصاحبة الفضاء الثقافي «صديقة» بقمرت بالقول: «بالرغم من ضغط الوقت والصراع مع الساعة من أجل إنجاز «تمثال أولاد أحمد» في مدة لا تتجاوز أسبوعين في حين أن انجاز هذا العمل يتطلب أشهرا عديدة ... إلاّ أني لم أشأ تفويت فرصة وشرف أن أكون وجها لوجه مع شاعر كبير ورقيق بحجم محمد الصغير أولاد أحمد في حوار مع شعره وفكره وفلسفته...»

في حديقة المركز الثقافي بالحمامات (دار سبباستيان) تسلّحت الفنانة «صديقة كسكاس» بمطرقتها وإزميلها وخيالها... لتبعث الحياة في حجارة خرساء لتصبح شيئا فشيئا صورة وهوّية وذاكرة لشاعر امتازت حياته بالثورة والتمرد والمقاومة...
«صلاة خالدة»، هكذا اختارت الفنانة «صديقة كسكاس» أن تسم تمثال أو «تنصيبة» الشاعر الراحل الصغير أولاد أحمد وقد وصفته بـ «إلاه الشعر والفن والجمال».
وبعد أن أعادت قراءة أشعاره والتدقيق في أفكاره والتمعن في ملامحه... شاءت الفنانة «صديقة كسكاس» أن تنحت تمثالا لأولاد أحمد وهو واقف على سجاد من شعره ... وتضيف «صديقة كسكاس»: الوجه جاء مشابها لصورة أولاد حمد المعتادة مع تعمدي أن يكون الفم مفتوحا في دلالة على الصوت الذي لم يصمت ولم يهادن ولم يجامل واختار أن يكون حرّا وثائرا...أما الجسد فأردته أن يكون نحيلا في إشارة إلى المعاناة التي طبعت حياة الشاعر في معركته ضد السلطة والمرض...».

... وأخيرا تمثال جديد لأهل الإبداع
حين يجود رحم الأرض بقامات بارعة وعباقرة من طراز خاص في أي مجال من مجالات الحياة ، فإنه يحق على البشرية تقدير نِعم هذا العطاء ... وفي جل بلدان العالم تنتصب تماثيل العظماء و كبار الأدباء وأشهر الشعراء كجزء من هوية وحضارة وثقافة تلك الشعوب . وفي تونس وبعيدا عن تماثيل أهل السياسة، فإن هذا البلد لم يحسن لذكرى أسماء كبيرة لمعت في سمائه ووصلت شهرتها إلى أقاصي الدنيا ... وإن شهدت «الخضراء» ولادة شخصيات كبيرة وتجارب فريدة إلاّ أن سوء التقدير والجحود والإهمال قذف بهذه الإبداعات في قبو النسيان !

وفي الوقت الذي تفاخر فيه بلدان العالم بتماثيل مبدعيها وعظمائها ، ففي تونس العاصمة تمثال وحيد لرجل فكر وعلم ألاّ وهو تمثال العلامة «ابن خلدون «، أما في توزر فكان نحت تمثال في قلب الصخور لشاعر الخضراء «أبو القاسم الشابي نعمة من السماء. واليوم بعد أن انضاف تمثال الشاعر الصغيّر أولاد أحمد إلى قائمة تماثيل أهل الفكر والإبداع فقد ثبت أن تكريم الكبار والاعتراف بالخالدين لا يحتاج إلى معجزة أو كثير من المال بل مجرد إرادة صادقة ولمسة فنيّة...

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115