طويلة هي قائمة الأدباء والشعراء العرب الذين اتهموا بالسرقات، فقد اتهم الراحل نزار قباني بسرقة أشعار الفرنسي «جاك بريفير» بعدما وّموه بشاعر الإباحية، والسطحية، وشاعر «العامة» في تقزيم لشعره..فكأنّ الشعر العربي يجب أن يكون قرآنا منزلا، والنقاد ملائكته التي تحرسه..
الشاعر الفلسطيني محمود درويش، اتهم أيضا بسرقة العديد من مآثر الأدب الإنجليزي وحتى العربي.. وأنه لا يأبه لهذه السرقات..
القائمة طويلة جدا، لعلنا نذكر صاحب «الأيام» و«دعاء الكروان» طه حسين الذي اتهم بسرقة نصوص الآخرين.. كذلك الروائي عبد الرحمن الشرقاوي اتهم بسرقة رواية»الأرض»، من رواية «فونتمارا» للأديب الإيطالي اجنازيو سيلوني..
رواية «عمارة يعقوبيان» الشهيرة لعلاء الأسواني، اتهم صاحبها بسرقة فكرتها من مسرحية «الناس اللي تحت»، علاء الأسواني اتهم في أكثر من رواية، حيث أنّهم ادعوا أنّ روايته «نادي السيارات» مسروقة وأصلها رواية «حفلة التيس» لماريو باراغاس يوسا...
ولا ننسى أنّ الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي اتهمت بسرقة رواية «ذاكرة الجسد»، بل اتهمت أنها دفعت أموالا لأحدهم كي يكتبها لها..
ربما يكون هنالك جانب من الصواب أحيانا، وربما لا يكون، ولكن لماذا كلّما ذاع صيت هذا أو ذاك إلا وبدأت هذه التهم تتهاطل هنا وهناك؟
بعدما تحصّل الدكتور شكري مبخوت على جائزة البوكر للسنة الماضية، لم يتهم بالسرقة، بل اتهم بعلاقاته المتعددة التي خولت له أن يفوز بهذه الجائزة، حتى أنّ البعض ذهب في تحليله أنّ الجائزة سياسية، وقد نالتها تونس تكريما لها لا لمبدعيها.. وأخيرا ها هي الروائية آمنة الرميلي تتهم بالسرقة الأدبية بعدما تحصلت روايتها الأخيرة «توجان» على العديد من الجوائز..
نحن لا نتحدّث عن الأشخاص، إنما نتحدّث عن المبدإ، لماذا عندما تفوز رواية ما، بجائزة وتسلط الأضواء عليها نوعا ما تُتهم كاتبتها أو كاتبها بالسرقة؟ لماذا لا تتهم قبل أن تفوز بالجائزة، لماذا لا يُتهم «المغمورون» حتى ولو كانت لديهم أطنان من المؤلفات بالسرقات- المغمورون في أوطانهم، ربما بعضهم مبدعون.. ينصفهم الزمان حتى ولو بعد حين-.. لماذا كما يقال ندفع الناجح حتى يفشل في حين تدفع المجتمعات المتحضرة الفاشل حتى ينجح؟ لماذا لا يذهبون إلى أنّ «النقد هو معلومات يمكن أن تساعدنا على النمو».. لا على الإحباط والتشويه والتقزيم..
ربما لن يرتقي المشهد الثقافي إلا إذا ارتقينا، يدفاعنا عن الفكر النيّر وبنقاشنا ونقدنا حتى اللاذع للأعمال الفنية والأدبية حتى تتولّد حركية ثقافية ترفعنا إلى فوق.. وأفكار نيرة تضيء بصيرتنا وتفتح لنا أبواب النقاش لا السباب..