قسم فن وفكر بقابس سينما فن السينما الأقلية: سينما خارج النظام المعياري للصورة

انطلقت اليوم الدورة الخامسة لقابس سينما فن، خمس سنوات من البحث في الصورة وأشكالها ومن الغوص في

المفاهيم والمصطلحات التي تحدّد الصّورة وتحرّرها، خمس سنوات من "النضج" إن صحّ التعبير، تنغرس خلالها توجّهات المهرجان ومشاغله أكثر فأكثر في هدف الجعل من هذه التظاهرة تجربة تفكير.

في الدورة الثالثة من قسم "فنّ وفكر" بقابس سينما فنّ، تطرّق اللقاء إلى "السينما الأقلية، نضالات الأقلية: إمكانات التلاقي". ليس هناك حدود لإمكانات التلاقي، بل ربّما يستمدّ كلا الموضوعين وجوده من الآخر ويبرّره. ورغم أنّ العالم قد بني منذ الأزل على ثنائية المحور والهامش، يبقى السؤال قائما: ماللذي يجعل من هذه السينما أقليّة؟ هل هو عددها، أم مواضيعها أم كثافة المقبلين عليها؟ كلّ ذلك ربّما، لكن فلنتفق أنّ السينما الأقلية هي خيار قبل كل شيء، تتعدّد منطلقاته ومقارباته وتفضي جميعا إلى تحرير الإبداع من سطوة المال، تمويلا كان أو مردودية، وإلى تذويب القوالب وإلغاءها ليتحلّل الجماليّ في السياسيّ ويلبس كلّ تحوّلات الآخر وتشكّلاته المعقّدة تجريبا وسردا.

استهلّ اللقاء عالم الاجتماع والناشط ماهر حنين، باسطا مفهوم الأقليّة على أرضيّته الفلسفية والإجتماعية، ماهدا الطريق إلى مجموعة من حلفاء المهرجان والفاعلين في السينما العربية للحديث عن تجاربهم بين الإنتاج والتوزيع والبرمجة والتدريب/ تنمية القدرات.
يستند ماهر حنين في بداية مداخلته على أطروحة الفيلسوف الفرنسي جورج كانغيلام "العادي والمرضي"، لإبراز أنّ الاختلاف هو اتفاق اجتماعيّ وليس شذوذا في الأصل، مقرنا ذلك بمقولة كانط ومن ثمّ الفكر الحداثي حول الأخلاق كواجب عقلاني يفضي بالضرورة إلى الكونية، لتلفض بذلك الحداثة كلّ ما لا ينطبق مع ما يؤمن به العقل الجمعيّ ويؤسّسه. كلّ شيء بالتالي يخضع بشكل ما إلى منظومة معياريّة ما، ويدعى أقليّة كلّ ما يخرج عنها.
جوسلين صعب، كريم بن اسماعيل، عمر أميرالاي، هالة لطفي، نصرالدين السهيلي، غسان سلهب، حسان فرحاني، حمزة عوني والقائمة تطول، كلّهم مخرجون مرّت أغلب أفلامهم على قاعات قابس سينما فنّ، يشتركون في انتصارهم للهامش كحقيقة، وللفرد كمطلق وللشكّل كذات مكتملة المعالم لها فلسفتها وسياستها الخاصة. كلّ هذا جعل منهم روّادا لسينما الأقلية، بما هي حياد عن المعايير التي تضعها المنظومة المهيمنة العقول والمحدّدة لاحتماليات الفهم والتحليل.

فإذا كان النظام المعياريّ المهيمن قد صنع جمهورا لا يطمح سوى إلى الهروب والنكران لواقعه المظلم وقضاياه الحارقة ليجد في السينما المحورية ملاذه نحو جنة من المباشراتية والتسليم وضخّ الأفكار دون أن يبذل مجهودا إضافيّا إثر يوم من الأيام الرتيبة، فإنّ السينما التي تضع المتفرّج أمام مرآة السأم، هي بالضرورة أقلية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115