هذا المنحى تسارعت وتيرته وتكثّفت في الأعوام القليلة الماضية بعد أن كانت السياسة الأمريكية تُتناول في الأفلام فقط تقريبا، مثل فيلم «آرغو»، وفيلم «أسود وحملان»وفيلم «المرشح»، وفيلم «المملكة» وفيلم «تشي» وفيلم «حافة الظلام» وفيلم «رئيس الخدم»..
السياسة الأمريكية والدراما مادة نهلت منها العديد من الصحف الغربية، وكتبت عنها بإطناب، سلسلات تنطلق من أحداث حقيقية وتتعامل معها بطريقة الفانتازيا.. واللافت للإنتباه أنّ كل الأعمال الدرامية التي ذكرناها في البداية تتخذ من البيت الأبيض في واشنطن في الولايات المتحدة مقرا لها: مكان تصوير الأحداث ومركزها.. لنقل أنّ هذا البيت الأبيض في كل الأعمال الدرامية يصور أجواء ودهاليز وأحاديث وصفقات ومؤامرات السياسة الأمريكية.. وكل سلسلة تتعاطى مع هذا وتصورها بطريقة متفرّدة.. ولا سلسلة تشبه غيرها..
كلها يصبّ في البروبغندا..
مثلا، تصور سلسلة «بيت من ورق» دهليز السياسة الأمريكية خلف الستار ووراء الكواليس في البيت الأبيض، حيث تدرّجت شخصية فرانك أندروود (كيفين سبيسي)، وهو زعيم الأغلبية في مجلس النواب إلى أعلى هرم السلطة في النظام الأميركي ليتولى منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية مؤقتا، ثم تقام انتخابات ويربحها ويكون رئيسا فعليا، ويمرّ، وهو رئيس الولايات المتحدة، أو مرشحا للرئاسة، بأجواء سياسية محمومة تتأرجح بين ضغوطات مالية، وتهديدات خارجية وإرهابية وصراعات حزبية خانقة، حيث جماعات من الانتهازيين والفاسدين وحتى المجرمين يتناحرون لرفع راية الديمقراطية لخدمة مصالحهم لا غير، وهي مصلحة الإدارة الأمريكية..
ورغم الصعوبات التي يضعونها أمام مرمى الإدارة الأمريكية لتحقيق هدف من أهدافها الإستراتيجية، كحماية منشاءاتها العسكرية ومصالحها الاقتصادية، فإنّ السلسلات تتقاسم في تصوير الإنتصار الأمريكي، بحزمة من أبطال متميزين..
أبطال تتوفر فيهم الحنكة السياسية، وقوة الخطاب، وقوة المراوغة والإستشراف والشجاعة والجرأة وطبعا الوطنية، وقد تقودهم وطنيتهم إلى خيارات صعبة، غير أنّه لا بأس إذا تمّ التضحية بالقليل مقابل الكثير، حتى لو كان هذا القليل فردا وطنيا أو مجموعة أفراد تشتغل لصالح الولايات المتحدة..
إنها البروبغندا الأمريكية التي تُنسج بعيون الكاميرا وأداء الممثلين وقوة السيناريو والحبكة، وحتى وإن كانت هذه الأعمال تنتقد أحيانا الديمقراطيين أو الجمهوريين في مختلف سياساتهم إلا أنها تتفق على نقطتين اثنتين: لا قوّة تضاهي الولايات المتحدة الأمريكية، هي المنتصرة دائما حتى وإن اتخذت قرارات صعبة، والنقطة الثانية التي تتفق عليها أغلب إن لم نقل كل السلسلات هي المارد الروسي: عدوّ دائم ويجب التعامل معه كذلك.. وأنّه يسعى دائما للحرب والإدارة الأمريكية تدفع للسلم وتستطيع أن تتعامل بالحرب وتنتصر لكنها تفضل السلم..
البيت الأبيض: مهما كانت العراقيل فقد تمّ التعامل مع الأمر
في باب البروبغندا تقول جودي بيرمان وهي كاتبة في صحيفة الغارديان البريطانية في مقال كتبته في الثاني عشر من جويلية الجاري : «أصبحت بطلة مسلسل «سكاندل»، أوليفيا بوب (كيري واشنطن) رمزًا لفكرة....