شااشات رمضان: السيناريو يطيح بمسلسلات رمضان ضعف في الكتابة وانخرام في الحبكة الدرامية

قد تتفاوت دراما رمضان 2016 على المستوى الفنّي فتعكس بعض الأعمال تطوّرا تقنيا ملحوظا في حين تظهر إنتاجات أخرى وكأنها أعدّت بتقنيات «بدائية» لم تواكب تطور العصر... ولكن القاسم المشترك بين أغلبها هو الفقر الشديد على مستوى السيناريو الذي فضح عدم نضج

الصياغة الدرامية وكشف عدم الحرفية والتمكن من أبجديات الكتابة إلى الشاشة...

كثيرا ما يراود المشاهد التونسي الانطباع بأن معظم الأعمال الدرامية المعروضة على تلفازات بلاده هي عبارة عن «كولاج» من أفلام أجنبية أو إسقاط ركيك للواقع أو «تيمات» سبق الاشتغال عليها حدّ التكرار الممل...
الاستغناء عن أهل السرد والرواية أضرّ بالدراما

يبدو أن الاستغناء - عمدا أو اختيارا- عن أهل السرد وروّاد الرواية في كتابة السيناريو لدراما رمضان قد أدخل الإنتاج السمعي والبصري في أزمة، حيث أن معظم الأعمال لم تعد تنطلق من رواية أو قصة أو صياغة أدبية محكمة البناء ..بل يتم الاعتماد على «شبه نصوص» بعيدة عن شكل ومضمون السيناريو الحقيقي والحرفي باعتباره كتابة أدبية وإبداعية أوّلا وقبل كل شيء. وإن كانت تونس لا تفتقد إلى الطاقات المبدعة والأقلام الجيّدة سواء من جيل الكبار أو الشباب، وبعد أن تمّ الاعتياد على سيناريو مسلسلات من الطراز الرفيع بإمضاء علي اللواتي وعبد القادر الحاج نصر وعلي الدب... طالعتنا الشاشات التونسية في السنوات الأخيرة كما في رمضان هذا العام بسيناريوهات ضعيفة وفقيرة ومهترئة بإمكان المشاهد العادي أن يتفطن لثغراتها وأخطائها وانخرام تماسكها الدرامي ... ونتيجة لهذا الضعف في السيناريو، يكون الاسترسال في مشاهد ثانوية أو الاستغراق في تفاصيل هامشية أو زيادة من جرعة «الأكشن» وجرائم العنف لتعبئة الدقائق الدرامية المطلوبة لكل حلقة... وهكذا أصبحت الدراما التونسية نسخة مشوّهة وهوّية هجينة تستعجل النجومية وتلهث وراء نسب المشاهدة دون الارتكاز إلى دعائم صلبة تكون قاعدة الأساس فيها هي السيناريو الجيّد ولهذا فإن الذاكرة كثيرا ما تلفظ هذه الأعمال غير الناضجة بمجرد انتهاء الموسم الرمضاني في حين تعلق بها عناوين المسلسلات الجيدة لسنوات طوال...

عودة إلى روايات نجيب محفوظ وطه حسين
في الوقت الذي يتجاهل فيه «صنّاع» الدراما في بلادنا كتاب الرواية وأهل الأدب وأصحاب القلم استنجدت الدراما العربية بأشهر كتابها وأدبائها في عودة إلى الروايات العربية القيّمة بعد أن ثبت في أكثر من مناسبة أنّ الاقتباس من الأدب إلى التلفزيون هو تجربة ناجحة. وفي هذا السياق قام التلفزيون الكويتي بتحويل رواية «ساق البامبو» الحائزة على «بوكر» 2013 للروائي الكويتي «سعد السنعوسي» إلى مسلسل ضمن باقة دراما 2016. وفي تونس أيضا لدينا رواية حائزة على «بوكر» 2015 ألا وهي رواية «الطلياني» للأديب شكري المبخوت لكن لا أحد من أهل الدراما في بلادنا فكر في أن يحوّلها إلى إنتاج دارمي أو يقتبس منها للتلفزيون !

وفي مصر عادت الدراما الرمضانية في موسم 2016 للنبش في كبرى الروايات وأهم الآثار بحثا عن سيناريو جيّد ونص مكتمل، فتّم الالتجاء إلى رواية «دعاء الكروان» للأديب الكبير طه حسين و أيضا وقعت الاستعانة برواية «أفراح القبّة» للكاتب المصري والعربي الوحيد الحائز على جائزة «نوبل» نجيب محفوظ.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115