في صفاقس: مائدة مستديرة حول كتاب « LA PROMESSE DU PRINTEMPS » للأستاذ عزيز كريشان المستشار السابق لدى رئاسة الجمهورية

نظمت كلّ من هيئة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان(فرع صفاقس الجنوبية) و المندوبية الجهوية للثقافة بصفاقس مائدة مستديرة حول كتاب « LA PROMESSE DU PRINTEMPS » للأستاذ عزيز كريشان المستشار السابق لدى رئاسة الجمهورية و ذلك يوم الخميس 23 جوان 2016

على الساعة العاشرة ليلا بقاعة العقود بقصر بلدية صفاقس الكبرى بحضور المؤلف.
و قد حضر المائدة المستديرة جمهور عريض و نوعي أثثه المثقفون و المجتمع المدني بالاضافة وجوه سياسية وبعض النواب من مجلس نواب الشعب.
استهل السمر بكلمة الأستاذ إبراهيم بن صالح رئيس فرع صفاقس الجنوبية للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان التي من أبرز ما جاء فيها ما يلي:

« يندرج سمر الليلة في خانة نشاط درج عليه فرع الرابطة على مدى ثلاث سنوات وهو نشاط يعنى بتقديم الكتب والمؤلفات ذات الصلة بحقوق الإنسان فردا كان أو جماعة أو شعبا فقدمنا : ــ (من أدب السجون ) « ذاكرة تأبى النسيان « لعمار العربي الزمزمي و» الحبس كذّاب الحي يروّح « لفتحي بلحاج يحيى تقديم الأستاذ الجامعي فرج بن رمضان يوم السبت 30 نوفمبر 2013 ــ «الهويات القاتلة « لأمين معلوف تقديم الأستاذ الجامعي نادر الحمامي يوم الجمعة 4 جويلية 2014 ــ « من الذاكرة :معنى العروبة اليوم « لكلوفيس مقصود تقديم الأستاذ الجامعي والأمين العام المساعد للألكسو عبد اللطيف عبيد يوم الجمعة 18 جويلية 2014 ــ « مرجعيات الإسلام السياسي « للأستاذ عبد المجيد الشرفي تقديم الأستاذ الجامعي فرج بن رمضان يوم الجمعة 25 جويلية 2014 ــ « نضالي من أجل التنوير « للأستاذ محمد الشرفي تقديم ثلة من الجامعيين من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمنوبة ورئيس الهيئة المديرة للرابطة وصلاح الدين الجورشي يوم السبت 11 أكتوبر 2014 ــ « حقوقنا في الثقافة والمجتمع « للأستاذ عبد الباسط بن حسن رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان تقديم الأستاذ محمد نجيب عبد المولى الخبير في حقوق الإنسان يوم 15 مارس 2015 .

لماذا هذا الاحتفاء
نحتفي الليلة بالأستاذ عزيز كريشان في كتابه « وعد الربيع « أو تباشير الربيع « فلماذا هذا الاحتفاء من فرع الرابطة بهذا الكتاب؟ الاحتفاء يعود إلى عدّة أسباب منها :

1 - أنّ الكتاب لمناضل مشهود له بالصدقية في نضاله من أجل الحريات والديموقراطية والقيم الكونية عموما فضلا عن مناهضته لعنف الدولة في سليانة وفي 9 أفريل 2012 وتنديده بالعصابات المتسلطة على منظمة الاتحاد العام التونسي للشغل وهذا ما سيتبسط فيه أكثر الأستاذ نورالدين الفلاح.

2 - أننا بحكم المهام الوطنية الجديدة للرابطة والتي اقتضاها السياق التاريخي الذي تمرّ به تونس كالمشاركة ضمن رباعي الحوار وجدنا في الكتاب من التاريخ القدر الوافي ومن السياسة والاقتصاد النصيب الكافي الذي يكفل لنا حوارا دسما ويتيح لنا نقاشا رصينا مترشدا إذ المستخلص من هذا الكتاب أنّ تونس اليوم تمرّ بمرحلة عصيبة فيها من التحديات والإكراهات ما عجزت النخبة التونسية عن الارتقاء إليها والتعامل معها وهو ما يستدعي قفزة نوعيّة يتمّ التعويل فيها على شباب جديد وكفاءات وطنية قادرة على الإضافة إذ استنزف كل من نداء تونس وحركة النهضة قواهما ولم يعودا قادرين على تقديم أية إضافة بحسب الكاتب.

3 - أننا وجدنا فيه جانبا كبيرا من الترجمة الذاتية ، بالأمس كان الأستاذ عزيز كريشان فاعلا سياسيا وهو في الكتاب اليوم شاهد على ما كان يفعل سياسيا بهذه المسافة الزمنية بين كان وصار نجد التصححيح والتوضيح والتبرير والتقويم والنقد الذاتي والنقد اللاذع للجميع وقد تخفف صاحبه من ضغوط السلطة وواجبات التحفظ».

شهادة من داخل منظومة الحكم
ثم أحيلت الكلمة للأستاذ نور الدين الفلاح عضو الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان و الذي ذكر فيها ما يلي:
« كتاب الأستاذ عزيز كريشان شهادة من داخل منظومة الحكم باعتباره فاعلا سياسيا إذا أخذنا بعين الاعتبار أنه مستشار أول برتبة وزير لدى الرئيس الأسبق محمد المنصف المرزوقي .
لقد رسم المؤلف أطوار العلاقة التي أقيمت بينه و بين المرزوقي سواء بعد اعتلاء هذا الأخير سدة الحكم كرئيس دولة أو بعد ذلك، كما يذكر أنه كانت بينهما مودة و عشرة منذ الثمانينات في فرنسا حيث جمعت بينهما لقاءات للتحاور حول الوضع السياسي بتونس و

ربطت بينهما شراكة في وجهة النظر السياسية قامت أساسا على تعبئة كل روافد المعارضة الوطنية بدون استثناء بما في ذلك الرافد الإسلامي، و قد كانا راضيين على حركة 18 أكتوبر 2005 و باركاها. كما امتدت بينهما علاقة تفاوض على قاعدة عقد أخلاقي سياسي دخل بموجبه كريشان إلى القصر و أراد من خلال ذلك تحقيق الأهداف المشتركة التي يتفق بشأنها مع الرئيس السابق لكنه في ممارسته كمستشار اصطدم بعنت الرئيس السابق و إصراره على اعتماد رأيه دون الرجوع في غالب الأحيان إلى المستشار. و بهذا التمشي يرى كريشان أن المرزوقي وقع في أخطاء يعتبرها فادحة « يركب راسو» من بينها عدم الاستشارة في قطع العلاقة مع سوريا رغم أهمية الموضوع ، السماح لعقد مؤتمر أصدقاء سوريا بتونس ، مسألة تسليم البغدادي. أما الحادثة التي أفاضت الكأس خاصة فهي تتمثل في أن الرئيس تنكر لتعهداته السابقة خاصة في اتخاذ موقف محايد من الاستقطاب الثنائي الذي كان على أشده بين النداء و النهضة أي بين الحداثيين و الإسلاميين و يعتبر المرزوقي قد « صب الزيت على النار « و أذكى الحريق الناشب بين الأطراف المتصارعة في حين يرى كريشان أنه كان من المفروض و المطلوب من رئيس الدولة أن يتصرف باعتباره رئيس كل التونسيين دون الانحياز إلى طرف دون آخر.

و يوضح الأستاذ كريشان ذلك بهاجس الانتخابات التي كان يطمح الرئيس السابق أن يفوز فيها بنيابة جديدة عن طريق الصندوق، و قد قدر أن انحيازه إلى النهضة سيمكنه من الفوز بهذا الاستحقاق فكل الخطوات التي قام بها المرزوقي كان فيها هاجسه الوحيد هو الفوز في الانتخابات الرئاسية .»

و قد أضاف الأستاذ نور الدين الفلاح: «في الكتاب محاور أخرى لا تقل أهمية منها قراءة في الحدث الثوري من 17 ديمسمبر 2010 – 14 جانفي 2011 إلى غاية كتابة الدستور . كل هذه الفترة قام الكاتب بتقويمها مرحلة بعد أخرى و قد أدان السياسات المتوخاة أثناء الفترة الانتقالية زمن الترويكا، و لكن هذه الإخفاقات لا يحملها للترويكا فقط و إنما يضاف إلى ذلك الفجوة بين طموحات و تطلعات الشعب كما عبر عنها في شعاراته إبان الثورة و بين عقم النخب السياسية و إيغالها في إعادة إنتاج الممارسة السياسية التقليدية التي كانت قائمة قبل الثورة و أساسا الزبونية و التكالب على السلطة بدون إيلاء الأهمية إلى الأوضاع المتردية في البلاد سواء منها الإقتصادية أو الإجتماعية.

كما قدم المؤلف بدائل للخروج من وضع إنسداد الأفق أولا و بشّر بظهور نخبة سياسية بالمعنى السياسي بالكلمة و لعله يقصد بذلك بعض القيادات الوسطى في الإتحاد والمحامين و بعض روافد الطبقة المتوسطة الذين ساهموا إسهاما فعالا في انبثاق الحراك الثوري و إدارته في طوره الأول على الأقل.»

نقاش ثري وتدخلات متنوعة
ثم تسلم الكلمة الأستاذ خالد كرونة الإعلامي و المحلل السياسي الذي أكد على أن « الكتاب يحتوي على نظرة إستراتيجية للمستقبل غير موجودة سوى في هذا الكتاب. كما جاء في المؤلف جرد للمراحل التي مرت بها تونس خلال الخمس سنوات الأخيرة بما في ذلك مخرجات انتخابات 2014. يحتوي الفصل الأول من الكتاب على تمثل ما شهده العالم من تحولات و النتيجة أن هذا المؤلف فيه محاولة لتصور تونس أخرى مختلفة.
و يحتوي الفصل 17 و هو الفصل الأخير على تمثل برنامج بديل لمنوال تنموي مختلف عما سارت عليه تونس منذ 1915.»

وقبل الدخول في نقاش مع المؤلف، بيّن الأستاذ عزيز كريشان الظروف التي مرت بها البلاد منذ 17 ديسمبر 2010 إلى غاية 14 جانفي 2011 لعبت فيها الانتفاضة التي انطلقت من الأرياف أولا ثم بمواقع أحزمة العاصمة لتلتحم في مرحلة ثالثة بالقوى الديمقراطية بالبلاد و الهياكل الوسطى للاتحاد العام التونسي للشغل و أصحاب المؤسسات لتلتحم بعموم الشعب التونسي.

كما أشار كريشان إلى أنه إثر الخروج من القصر حاول تقييم الفترة الفاصلة بين المرحلة الانتخابية و موعد الانتخابات. و قد قام بذكر وجهة نظر حاجيات البلاد اليوم و ما يتطلبه انجاز مهام الثورة من إصلاحات اقتصادية واجتماعية.
النقاش كان ثريا جدا و التدخلات كانت متنوعة اختلفت فيها الآراء حول مضمون الكتاب وعلاقته بالوضع الراهن الذي تعيشه البلاد.

بعض المتدخلين توقفوا عند المقترحات التي جاءت في مؤلف كريشان حول الوضع الاقتصادي الحالي المتدهور و ذلك بمقاومة الفساد و جلب الاستثمارات وتوفير الشغل واعتبروا أن الكاتب و لئن لديه انتظارات تتمثل في قفزة نوعية من الشباب التونسي في المستقبل البعيد - لأنه حاليا مازال في مرحلة التشكل الجنيني ولم ينضج بعد - فإن القضايا الاقتصادية حارقة وتستوجب حلولا عاجلة و ذلك بالإسراع بإيقاف نزيف الاقتصاد الموازي و التهريب و محاصرة اللوبيات المالية في البنية الفوقية و تخليص الاقتصاد من كفي هذه الكماشة.

كما عبر بعض المتدخلين عن الحيرة أمام عدم تعويل الكاتب للخروج من المأزق الاقتصادي على رجال اشتغلوا مع النظام السابق مقابل عدم بروز كفاءات و نخب ناضجة بعد 14 جانفي تقود البلاد.

وعود كاذبة للربيع العربي
وقد التقت «المغرب» في الأثناء بالسيد أحمد السماوي أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب الذي صرح لها بما يلي:
«يعكس كتاب السيّد عزيز كريشان «وعود الربيع» سعة اطّلاع صاحبه وتعدّد اختصاصاته عالمَ اجتماع واقتصاد وسياسة ومؤرّخ ومحللًّ سياسيّ يعمل على الإقناع بآرائه. وهذا الكتاب أراده مذكّرات لتجربته مستشاراً سياسيّاً للرئيس السابق محمّد المنصف المرزوقي. وأبرز ما يسترعي الانتباه أيضاً احتداد لهجة الانتقاد للرئيس. أمّا الموقف من وعود الربيع فقد تأكّد لديه أنّها وعود كاذبة. وربّما يعود ذلك إلى كون الحكومات المتعاقبة رغبت في أن تنسج على منوال بورقيبة في فرض اختياراته الاجتماعيّة والاقتصاديّة بالقوّة. ولكنّ هذا لم يتسنّ لها 2011 بسبب هامش الحريّات السياسيّة التي افتكّها الشعب التونسيّ. وما دامت التنمية هي مطلب التونسيّين منذ 1956 فالواجب يقتضي تكاتف كلّ القوى الاجتماعيّة والأطراف السياسيّة لتحقيق هذا المطلب. ولعلّ هذا هو نقطة الخلاف الأساسيّة مع المرزوقي الذي رفض الحوار الوطنيّ وعمل على تكريس الثنائيّة الإيديولوجيّة بين إسلاميّين وعلمانيّين.»

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115