الثانية : أن الأسماء توقيفية فلا تثبت إلا بنص أو إجماع على الصحيح , وأثبتها قوم بالاشتقاق من الأفعال والصفات وما جاء في الصيغ من الدعوات وغيرها وهو مرجوح عند العلماء ملحوظ عند المتصوفة وعليه جرى الشيخ أبو العباس البوني في تقسيمها وانتهى بها إلى مائة ونيف وخمسين , والله أعلم
الثالثة : أن الاسم عين المسمى وأباه قوم , وفصل آخرون, وتوقف آخرون , امتناعاً لكن السلف لم يتكلموا في الاسم ولا في المسمى ولا في الصفة والموصوف ولا في التلاوة والمتلو , طلبا للسلامة وحذرا على الغيرة وهو الورع .
الرابعة : الأسماء أربعة أقسام : أسماء الذات , وهي التي يقال هي هُوَ , وأسماء الصفات , وهي التي لا يقال هي هُوَ ولا هي غيره , ولاهي فيما بينهما اعتبار , وأسماء التنزيه وهي : ما دل على التقديس المطلق كالقدوس , ونحوه , وأسماء الأفعال قال إمام الحرمين : هي كل ما دلت التسمية به على فعل كالخلق والرزق , ونظر في ذلك بعض المشايخ بأن المغايرة فيما منه الاشتقاق لا في الاسم وهو صحيح .
الخامسة : قد صح أن لله تبارك وتعالى تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة الحديث , فحصر هذا الثواب للتسعة والتسعين ولم يحصر الأسماء في التسعة والتسعين , فجاز أن يكون ثم غيرها ولا علم لنا به , أو علمناه وليس له هذا الثواب , وقال بعضهم : هذه موضوعة للتعبد والسلوك بها بخلاف غيرها , وبينه القاضي أبو بكر بن العربي – رحمه الله تعالى – في الإمداد الأقصى فأنظره .
السادسة : قد وقع في الترمذي عد هذه التسعة والتسعين وكذا في غيره باختلاف وتقديم وتأخير , فرجح الحفاظ أن سردها إنما هو من الراوي , وسامح قوم في حملها على الرفع , وقالوا : يُقبل فيها خبر الواحد , لأنها عبادة وعمل .
السابعة : الاشتقاق حيث ذكر في الأسماء فالمراد به أن المعنى المذكور ملحوظ في الاسم المذكور وإلا فشرط المشتق أن يكون مسبوقا بالمشتق منه , وأسماء الله تعالى قديمة , لأنها من كلامه , وأنكر قوم إطلاق الاشتقاق للإيهام وقالوا : إنما يقال في مثل أسمه السلام فيه معنى من السلامة , في مثل اسمه الرحمان فيه معنى من الرحمة : قالوا والأشياء مشتقة من الأسماء , للحديث هي : الرحم وأنا الرحمان اشتققت اسماً من اسمي ولما أنشده حسان في النبي حيث قال :
وشق له من أسمه ليجله***فذو العرش محمود وهذا محمد
الثامنة : الإحصاء على خمسة أوجه : الحفظ والذكر والعلم والتعلق والتخلق , والكل أقوال , ثم الذكر إما للتعبد أو التوسل أو لطلب الخاصية , ولكل شرط ووجه ومادة , وأنواعه خمسة تقضي بمواده ووجوهه , لأنه إما نكتة تنصبغ بها الحقيقة فتخرق الظاهر والباطن بلا عمل , وإما نقطة يثلج بها القلب فتبسط في خواطر , فيقع التصرف على وفقه , وأما هيئة تشغل الظاهر بمبانيها , وتوجه الباطن لمعانيها فيقع التأثير على أثره , وإما رسم يعمر الوقت ويحصل التعبد , وإما عادة لا تفيد ولا تجدي , وهو الذي يجري على ألسنة العوام من غير قصد أو بقصد غير جازم أو جازم لا يستشعر معه الذكر ولا المعنى ولا المذكور , فالأول للعارفين , ثم للواجدين ثم للمريدين ثم للمبتدئين ثم لعامة المتوجهين , ثم لا عبرة إذ ليس بذكر حقيقة.