المحلات التجارية في مدينة الثقافة: ضرورة من أجل حيوية المدينة

هي المدينة التي تسبح في ملكوت الأزرق الشفاف، وكأننّا بأقطابها كائنات من نور تشع على تونس بهالات من السينما والمسرح والرسم والرقص... فالأكيد أنّ حضور التظاهرات الفنية

في مدينة الثقافة يشبه حصة العلاج النفسي. إلّا أن زيارة مدينة الثقافة كثيرا ما تكون منقوصة في ظل غياب أبسط الحاجيات لقضاء وقت طيب في رحاب المدينة. الأكيد أن الثقافة غذاء للروح وللعقل ولكن قد يحدث احتساء فنجان قهوة الفرق!
حتّى تكتمل المتعة في مدينة الثقافة الشاذلي القليبي كان لا بد أن تكتمل بقية مكوناتها التجارية حتى تلبّي حاجة زوارها وجمهورها ولو إلى مجرد توّفر قارورة مياه صالحة للشرب !
خدمات للجمهور وإنعاش للميزانية
بعد عشرين عاما من الانتظار تحقق الحلم الكبير ليتم افتتاح مدينة الثقافة في شهر مارس 2018. ومنذ 5 سنوات تشهد المدينة أوج نشاطها الفني والثقافي بفضل حركية أقطابها على مدار فصول السنة. ولكن بقي قسمها التجاري معطلا في غياب للأساسيات البسيطة التي يحتاجها الزائرون والعابرون وتشتد الحاجة أكثر عند احتضان المدينة للتظاهرات الكبرى في شتى الفنون وتنظيم المعرض الوطني للكتاب التونسي...
ومن أجل سد هذا النقص أعلن مسرح الأوبرا عن إجراء بتة عمومية قصد تسويغ عدد من المحلات التجارية بمدينة الثقافة، مما خلّف بعض ردود الفعل المتشنجة التي اعتبرت أن أنشطة بعض المحلات على غرار التجميل وبيع المنتوجات شبه الطبية من شأنها أن تفسد صبغة المدينة الثقافية والفنية.
وبالرغم من أن هذا القسم المتعلق بالمحلات التجارية كان جزءا من مشروع مدينة الثقافة منذ البداية إلا أنّ البعض سارع إلى التنديد والاستهجان معتبرا أن المدينة هي للثقافة لا غير ! 
وقد أوضح مدير عام مسرح الأوبرا محمد الهادي الجويني في تصريح لـ «المغرب» بالقول: «إنّ مدينة الثقافة الشاذلي القليبي هي مدينة للثقافة وستبقى . ولن يفسد افتتاح المحلات التجارية للود قضية بل سيحدث حيوية وديناميكية كبرى في أرجاء المدينة على امتداد الليل والنهار باعتبار أن زوار المدينة سيجدون كل ما قد يحتاجونه من مرافق أساسية تغنيهم عن قرار المغادرة السريع أو اقتطاع بعض الوقت للبحث عن حاجياتهم الاستهلاكية من أكل وشرب وشحن الهواتف خارج المدينة. ولن يقتصر الجانب التجاري في المدينة على تقديم خدمات متنوعة للجمهور بل سيساهم في إنعاش ميزانية مدينة الثقافة وتحقيق جزء من الموارد الذاتية «. وأكد محمد الهادي الجويني أنه تم إعداد كرّاس شروط لتسويغ المحلات التجارية بالتنسيق مع وزارة أملاك الدولة التي لتعود كل العائدات إلى «صندوق مدينة الثقافة» الذي تشرف عليه وزارة المالية وسيتم صرف مداخليه لدعم الأنشطة الثقافية والتعهد بأشغال الصيانة والنظافة والبستنة صلب المدينة.
75 % من المحلات لترويج الصناعات الثقافية
كشف محمد الهادي الجويني أن 75 % من المحلات التجارية داخل مدينة الثقافة تختص أساسا في الصناعات الثقافية على غرار بيع العرائس والتحف الفنية والمنتوجات التقليدية والأدوات المكتبية ... أما النسبة القليلة المتبقية فتتعلق بأنشطة يحتاجها الزائرون والضيوف في علاقة تقاطع مع الثقافة وليس تصادم.
وأشار مدير عام مسرح الأوبرا أن افتتاح محلات التجارية في مدينة الثقافة ليس بدعة بل هو إجراء معمول به في التجارب المقارنة مستشهدا في هذا السياق بمتحف اللوفر بباريس.
مما لا شك فيه أن حاجة مدينة الثقافة إلى التحليق بجناحيها الإبداعي والاقتصادي أصبحت ضرورة من أجل مردودية أفضل وحيوية أكبر . ولا بأس أن تلعب المحلات التجارية دور «الطعم» في استقطاب مختلف شرائح المجتمع التي لا تهتم سابقا بالثقافة لتصبح من أوفياء تظاهرات مدينة الثقافة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115