«بيت الحكمة» يحتفل بـمرور 39 سنة على تأسيسه: «أيّ مجمع نريد» حتى يكون فعلا مؤسسة سيادة وطنية؟

في العصر الذهبي للإسلام تم تأسيس أول بيت حكمة في بغداد زمن حكم هارون الرشيد. فكانت محركا أساسيا لتطور الحضارة العربية الإسلامية .

وفي قرطاج يتربع بيت الحكمة على ضفاف البحر الذي ينعكس على سطحه صخب الفكر والنقد والبحث في شتى العلوم والفنون. واليوم يستعد المجمع التونسي للآداب والعلوم والفنون للاحتفال بمرور 39 سنة على تأسيسه وعشرية هيكلة العلمي. فهل يتبوأ اليوم هذا المجمع مكانة السيادة التي يستحقها؟ وأي دور للنخبة التي تمثله في قيادة الرأي العام وصناعة القرار من أجل مستقبل أفضل لتونس؟
تمّ تأسيس «المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون» «بيت الحكمة» بموجب القانون عدد 116 لسنة 1992 المؤرخ في 30 نوفمبر 1992 ليحلّ مكان المؤسسة الوطنية للترجمة والتحقيق والدراسات التي أحدثت سنة 1983. وتتويجا لمساهمته في إثراء الساحة العلمية والأدبية والفنية، فاز بيت الحكمة بباقة من الجوائز تمثلت في جائزة الشيخ زايد للنشر والتقنيات الثقافية 2014 وجائزة الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة 2014. وكانت آخر هذه التتويجات جائزة ابن خلدون لتنمية الدراسات والأبحاث في العلوم الإنسانية والاجتماعية في الضفة الجنوبية بالبحر الأبيض المتوسّط لسنة 2018.
• عز الدين العامري (مدير الاتصال):
المجمع في قلب الأحداث الوطنية والعالمية
في قطع مع سياسة التعيين، كان الدكتور عبد المجيد الشرفي هو أول رئيس منتخب تولى مهمة رئاسة بيت الحكمة في سنة 2015. وقبلها مثلت سنة 2012 حدثا مفصليا في تاريخ بيت الحكمة حيث تم تأسيس هيكله العلمي. وفي هذا السياق، يقول مدير الاتصال عزالدين العامري: «قبل سنة 2012 كان المجمع بلا مجمعيين. في حين أنّ الهيكلة الجديدة التي تم اعتمادها منذ سنة 2012 أتاحت وجود مجلس علمي وأصبح المجمع يضم بالتالي 5 أقسام: قسم العلوم و قسم الآداب وقسم الفنون وقسم الدراسات الإسلامية وقسم العلوم الإنسانية والاجتماعية. ويضم كل قسم كفاءات أكاديمية ذات إشعاع وطني وإقليمي وعالمي. والأهم أن كل قسم ينظم أنشطته في منتهى الاستقلالية وفي علاقة مباشرة باهتمامات الشأن العام وبالقضايا الراهنة حول العالم. وهذا ما يؤكده برنامج الاحتفالية الذي يسلط الضوء على قضايا البيئة والمناخ وجوائز نوبل وغيرها من القضايا التي تشغل الرأي العام العالمي. إن المجمع هو حقا في قلب الأحداث الوطنية والدولية وفي صميم المستجدات العلمية والفكرية والثقافية.
• محمد صلاح الدين الشريف:
لابد للمجمع أن يمثل السيادة الوطنية
هو الخبير في النحو العربي والمتمرس في فنون اللغة العربية وهو الذي رشحه «تمكنه من النقد المزدوج للتراث والإنسانيات من أجل صياغة تصورات فلسفية تحتاج إليها اللسانيات اليوم حتى لا تكون مجرد ممارسة تقنية اختبارية» للفوز بجائزة «الإنسانيات» في دورتها الأولى لشهر سبتمبر 2022. وباعتباره عضوا قارا في بيت الحكمة سبق أن صرّح محمد صلاح الدين الشريف لـ «المغرب» وما يزال على رأيه بالقول : « أعتقد أن المجمع لم يقم بدوره كما يجب إلى حد الآن. لكنّني أسجّل تحسّنه في السنوات الأخيرة. يجب ألا يقتصر دور بيت الحكمة على جمع الأعلام وعلى تنظيم المحاضرات والاحتفاء بالإصدارات. صحيح أنّه يضمّ كفاءات كبرى في كافة الميادين ممن تجاوزوا الخمسين ولم تعد لهم طموحات شخصية. لكن حكم عليه أن يبقى مجرّد مؤسّسة ثقافيّة عاديّة مخصوصة ببعض المميّزين. فالمشرّع لم يدرك بعد أنّ المجمع مؤسّسة دولة، وليست مجرّد مؤسّسة حكوميّة. فإلى حد الآن لا يرتبط المجمع التونسيّ مباشرة برئاسة الجمهورية كما هي الحال في المجامع الجمهوريّة والمجامع الملكيّة في العالم. وإلى حد الآن لا يقوم بوظيفته في تمثيل السيادة الوطنيّة في المجال اللغويّ والثقافي».
• المجمعية سعاد كمون الشوك:
من المهم فتح مكتبة المجمع للعموم
أشادت عضوة بيت الحكمة في قسم العلوم سعاد الشوك بدور المفكر الراحل محمد الطالبي في تجميع العلماء والمفكرين تحت راية المجمع وبصمته الخاصة في جعل هذه المؤسسة السيادية تطمح إلى آفاق أرحب وتتطلع إلى لعب أدوار أساسية في نهضة المجتمع التونسي والإنسانية عموما. واعتبرت أنّ بيت الحكمة حقق انجازا مهما في الانفتاح على محيطه وتشجيع الأجيال الجديدة على الالتحاق بدائرة البحث. وذلك من خلال إحداث جائزة الباحث الشاب في ميادين العلوم الرياضيّة والفيزيائيّة والطبيعيّة والعلوم الإنسانيّة والاجتماعية والآداب والفنون والعلوم الإسلاميّة. ودعت المجمعية سعاد كشو إلى فتح مكتبة بيت الحكمة للعموم حتى يستفيد جميع الباحثين من الوثائق النادرة والكتب القيمة والمراجع النفيسة. كما أشارت أن بيت الحكمة قد حقق عديد المكاسب والانجازات غير المسبوقة على مستوى عربي وإفريقي ودولي.
• المجمعي مبروك المنّاعي:
بيت الحكمة هو «مناعة» البلاد
بعد أن أبلى البلاء الحسن في إدارة معرض تونس الدولي للكتاب سنة 2021، تخلى الدكتور مبروك المناعي عن هذا المنصب ليتفرّغ إلى جامعته وبحوثه وكتبه... وباعتباره عضو بيت الحكمة في قسم الآداب، تحدث عن الموجود والمنشود، فقال: «إنّ المقام اليوم هو مقام احتفالي بامتياز بمناسبة مرور 39 سنة على تأسيس المجمع الذي يضم خيرة العلماء والأدباء والباحثين والفنانين... وهذه المناسبة ستكون منطلقا لمرحلة إعادة تفكير ووقفة تدبر في مسيرة بيت الحكمة منذ التأسيس حتى الآن. نحن المجمعيين نملك رؤية شاملة وتصورا متكاملا لمزيد إدماج بيت الحكمة في حيثيات الواقع التونسي ورسم ملامحه المستقبلية. وأعتقد أن الرهان الأول هو اشتغال المجمع على نفسه لتطوير الأداء ودعم التموقع للتأقلم مع سياقات الراهن والمستقبل. أما الرهان الثاني فيتمثل في إحداث وعي جديد لدى السلطة السياسية والثقافية والعلمية. لا بد أن نكون جميعا على يقين بأنّ بيت الحكمة يضم نخبة البلاد ويلعب دور وقاية «مناعة» الوطن على مستوى الفكر والعلم والفن».

رؤساء «بيت الحكمة» منذ التأسيس إلى اليوم
• أحمد عبد السلام (1983 - 1987)
• عز الدين باش شاوش (1987 - 1991)
• سعد غراب (1991 - 1995)
•عبد الوهاب بوحديبة (1995 - 2011)
• هشام جعيّط (2012 - 2015)
عبد المجيد الشرفي (2015 - 2021)
• محمود بن رمضان (2021 إلى حدّ الآن)

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115