في معرضه «أتقصّى أثري» يرسم الفنان الطيب زيود لوحات من الفسيفساء ترابط بين الواقع والمجاز في نحت لمسيرة الفنان الذي تتلخص رغبته في الحياة في ترك أثر وطبع بصمة على جدار الوجود لتكون دليلا على سيرة صنّاع الجمال وحرّاس الأحلام في كل زمان ومكان.
يتواصل بدار الثقافة ابن رشيق معرض الفنان التشكيلي الطيب زيّود تحت عنوان «أتقصّى أثري» في عرض لتسع لوحات رسمت بالفسيفساء «المحفل» و»العاصفة» و»القصر المهجور»... لتقف عند «باب الله» سائلة عن أثر الإنسان في هذا الكون و باحثة عن آثار الفنان في صنع الجمال.
ملحمة الفنان ما بين رسم ومحو
في ملء فراغ لوحاته، يستلهم الطيب زيود مواضيعه من التاريخ والأسطورة والواقع لتتدفق ألوانه حارة كالشمس ومتوهجة كالحياة. وفي معرضه الأخير بعنوان «أتقصّى أثري» تجاوزت اللوحات مجرد النقل للواقع أو المتخيل لتتحوّل إلى تعبيرة تشكيلية ذات أبعاد ميتافيزيقية ورؤى فلسفية.
تتعدّد مواضيع اللوحات فتتغير الألوان والأشكال ما بين مربعات ومستطيلات ودوائر مشحونة بالدلالات الجمالية والإيماءات الرمزية. وما بين خامات ومناخات اللوحات تتجلى الذات الفنانة في وضوح أحيانا وتستر أحيانا أخرى، لتشي بنوع من الصراع مع اليومي والنمطي والمفروض من الأفكار والأحكام والتقاليد... هي ملحمة الفنان في التوق إلى الحرية والتمرد على القيود.
يتعامل الطيب زيود مع مادة حساسة وشرسة الترويض في الآن ذاته، ولكنه ينجح في تطويع الحجر ليبدع لوحات من الفسيفساء تتماهي فيها الحدود وتنصهر الفواصل لتتحوّل إلى شاهد على اجتهاد الفنان في ترك الأثر حتى وإن تعامل مع مادة الحجر.
للوهلة الأولى يلوح التنسيق الواضح بين أجزاء اللوحة والرصف المتين لحبات الفسيفساء فيها في هندسة بديعة تحدث إيقاعا بصريا جميلا. ولا غرابة في ذلك حين نعلم أن الفنان الطيب زيود قد تلقى تدريبات تكوينية على يد فنانين من اليابان، فتعلم منهم الدقة والانضباط في رسم اللوحة.
ما بين ألوان حارة وأخرى باردة، وما بين نور وعتمة، وما بين غموض ووضوح... يبعثر الطيب زيود عوالم لوحاته لتستقر في عين المتفرج رموزا أو وجوها أو حكايات قابلة للتأويل على مقاس كل واحد فينا.
عن الكائن الفنان المجبول على حب الجمال يحدثنا معرض «أتقصّى أثري» عن هوس الرسام بتصوير الحياة من زوايا أخرى والتعبير عن الواقع بطريقة مغايرة. فإذا به يقضي الساعات والأشهر والسنين ما بين رسم ومحو حتى يعثر على وجه اللوحة المبتغى والمشتهى.
في معرض «أتقصّى أثري» للطيّب زيود: فسيفساء تمزج بين ألوان الأرض والسماء
- بقلم ليلى بورقعة
- 10:20 18/11/2022
- 799 عدد المشاهدات
يحدث أن تتحوّل اللوحة إلى سمفونية تنسجم فيها الألوان والخطوط والأشكال لتحدث توازنا جماليا يقود إلى إيقاع بصري بين متن الأثر وعين المشاهد.