وليس من عشاق الفن السابع أو الفنون عموما، إلاّ أنه استاء من صدى السجاد الأحمر وبعض ما وصله من صور بعض المتطفلين والدخلاء ... فإذا به يستقبل وزيرة الشؤون الثقافية حياة قطاط القرمازي في لقاء تناول بعض المسائل المتصلة بمجال الثقافة، ومن بينها أيام قرطاج السينمائية و»ما شابها من ممارسات حادت بها عن الأهداف التي أنشأت من أجلها». فهل غاب عن ذهن الرئيس أن السجاد الأحمر والعابرون عليه ليسوا سوى بروتوكول شكلي من حفلي الافتتاح والاختتام ولكن ما بينهما أيام من الأفلام والنقاشات والحوارات والتكريمات... ؟ هل من العدل أن نحاكم نجاح تظاهرة في حجم «الجي .سي .سي» من عدمها في مجاراة لزوبعة «الفايس .بوك» حول فساتين النجمات ومظهر بعض «الغرباء»؟ وهل من المنطقي وصف المهرجان العريق بالحياد عن أهدافه لمجرد تناقل صور «شاذة» على السجاد الأحمر دون التمعن في خطه التحريري وفلسفته وتصوراته؟
إنّه من السذاجة والغباء أن نحمّل الهيئة المديرة لأيام قرطاج السينمائية وزر السجاد الأحمر ومسؤولية بعض المارين عليه «لغاية في نفس يعقوب» وهي الإثارة وإحداث الضجة. فليس الحصول على باقة دعوة بالمطلب المستحيل، بل يمكن العثور عليها عند المستشهرين وشركاء المهرجان وحتى شرائها من «السوق السوداء»...
دون تريث أو تثبت، سارعت وزيرة الشؤون الثقافية حياة قطاط القرمازي بعد لقائها برئيس الجمهورية بالقول إنّ أيام قرطاج السينمائية ستعود إلى الانتظام كل سنتين. فأي تسرع وعبثية وراء هذا القرار؟ هل مثلا سيختفي غير المرغوب فيهم من الوجود بعد عامين فلا «يدّنسون» السجاد الأحمر؟ وهل أنّ «الأيّام» إن احتجبت ستعود من جديد عروسا مشرقة لا غبار عليها؟
من المضحكات المبكيات أنّ الوزيرة قد اتخذت قرارها في لحظة انفعال وغضب بعيدا عن تحكيم العقل والمنطق والتشاور مع أهل الذكر وأصحاب الشأن. ويبدو أن إعلان مديرة الدورة 33 سنياء الشامخي عن استقالتها مباشرة بعد حفل الاختتام قد زاد الطين بلّة. ولكن أليست وزيرة الشؤون الثقافية هي من أتت بهذه المديرة على رأس أيام قرطاج السينمائية؟ فهل كان هذا القرار خاطئا منذ البداية؟ وبأي ذنب يدفع صناع السينما وعشاقها ضريبة القرارات الارتجالية والتعيينات المتذبذبة؟
إنّ التفريط في الموعد السنوي لأيام قرطاج السينمائية يعني بالضرورة نسف الطفرة النوعية التي عرفتها السينما التونسية في السنوات الأخيرة. ويؤدي أيضا إلى تراجع مكانة المهرجان وقيمته بسبب سحب مهرجانات أخرى للبساط من تحته. ولا شك أن أيام قرطاج السينمائية ستخسر امتياز العروض الأولى للأفلام السينمائية لا محالة.
منذ سنة 2014 أصبح موعد أيام قرطاج السينمائية قارا سنويا بعد أن كان بالتداول كل سنتين مع أيام قرطاج المسرحية. واليوم عندما تعلن الوزيرة عن العودة إلى ما قبل 2014، فماذا عن مصير أيام قرطاج المسرحية؟
من حسن الحظ أن الوزيرة حياة قطاط القرمازي أفصحت عن قرارها في حوار على شاشة التلفزة الوطنية ولم تعلن عن ذلك في بلاغ رسمي، وهو ما يترك مجالا للتدارك. فلا سبيل إلى العودة إلى الوراء سيدتي الوزيرة !
مرايا وشظايا: في تذبذب القرارات والتعيينات: بأي ذنب تدفع أيام قرطاج السينمائية الثمن؟
- بقلم ليلى بورقعة
- 11:11 09/11/2022
- 806 عدد المشاهدات
طلع الرئيس علينا من ثنايا الصمت، ليقول كلمته في الشأن الثقافي بعد طول تجاهل. ويبدو أنّ رئيس الجمهورية قيس سعيد لا علاقة له بأيام قرطاج السينمائية