الفيلم الوثائقي «عقرب مجنونة» ضمن أيام قرطاج السينماائية 2022: مملكة للمرأة ليس للرجل مكان فيها

انطلاقا من مدينة وذرف الواقعة شمال ولاية قابس، حيث واحة بحرية تصارع البقاء رغم التلوث وقد نقل الفيلم الوثائقي «عقرب مجنونة»

للمخرج أكرم منصر، واقع نساء يناضلن من وراء خيوط المنسج يوميا من طلوع الشمس الى غروبها لتؤسسن مملكة ليس للرجل مكان فيها. 
هذا الوثائقي الذي تم عُرض في دار الثقافة ابن رشيق بالعاصمة، ضمن «قسم آفاق السينما التونسية» للدورة 33 لأيام قرطاج السينامائية، المتواصلة إلى غاية يوم 5 نوفمبر، حمل الجمهور في رحلة بين ثنايا «المرقوم الوذرفي» وألوانه الزاهية أحيانا والقاتمة أحيانا أخرى و»رقماته» المتشابكة التي تصارع من أجل البقاء.
ينطلق الفيلم بتصوير امرأتين بصدد دق أعمدة حديدية، لتمرر بعد ذلك خيوط «الجداد» بينها، مع التغني بالرسول بترديد «يا محمد يا علي» و»الصلاة على النبي» وكأننا بهما تطلبان النصر من الله وهما تخوضان حربا لتأسيس مملكة، تناشدان الله فيها الستر وصلاح الحال.    وحاول المخرج من خلال هذا العمل نقل الحياة اليومية لصانعات المرقوم وصراعهن اليومي رغبة في التوفيق بين متطلبات الأعمال المنزلية من جهة ومساعدة أزواجهن في تأمين المصاريف العائلية من جهة أخرى، ليبرز دور المرأة في هذه المدينة المحافظة في الجنوب التونسي، في بناء الاقتصاد العائلي وتحقيق استقلاليتها المالية. واختار أكرم منصر لهذا الوثائقي عنوان «العقرب المجنونة» في استعارة لواحدة من بين 62 رقمة أو نقشة تميز المرقوم الوذرفي والتي اخترعتها صانعات المرقوم من واقعهن المعيش ومن المعتقدات لديهن ومن تراث المدينة العربي الإسلامي وحتى الامازيغي
ورغم حرصه على امتداد الفيلم على إبراز قوة المرأة في هذه المنطقة ونقل ما علق في ذاكرته من حنين إلى طفولته وإلى عالم تربّى بين طياته باعتباره ابن مدينة وذرف، فلم يفوت فرصة الإشارة إلى ما يتعرض له النسوة هناك من استغلال سواء من التاجر الذي يتولى مدهن بالمواد الأولية ثم شراء المرقوم بأسعار زهيدة وترويجها وحتى تصديرها الى الخارج، أو من الرجال في العائلة الذين يعتبرون مساهمة المراة في المصاريف حقا مكتسبا.
واقر منصر بنقله لرؤية ذاتية لواقع المراة في الجهة، اذ قال في تصريح ل(وات) «إن الصورة الأخيرة التي عرضت في الفيلم، والتي تظهر فيها امي وجدتي واخي منتج الفيلم، تلخص مجريات هذا العمل الوثائقي، الذي يجسد الحنين الذي يعود بي إلى تلك اللحظات».
وأضاف قائلا «إن شروعنا في تنفيذ هذا العمل ليس وليد لحظة راهنة او مجرد مشروع لترديد دعوات المناصفة أو غيرها، بل هو دين هلى عاتقنا وجب علينا إيفاؤه صوتا وصدى».
وأكد على أن «السداية» او المنسج ليس مجرد الة لصنع المرقوم بل هي قصة نضال نساء يعتبرن انفسهن امتدادا للمرقوم لذلك فإن المحافظة عليه هو محافظة على هويتهن.      ويعد فيلم «عقرب مجنونة» ثالث عمل وثائقي للمخرج الشاب اكرم منصر، خريج المعهد العالي لفنون الملتيميديا (2007) ومدير مهرجان مشروع 48 ساعة فيلم، بعد شريطي «طيور مهاجرة» و»بريكة عزيانة» الذي شارك به في عديد المهرجانات الدولية من بينها مهرجان الاسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة سنة 2012.  

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115