في العرض الكوريغرافي «شظايا» لأميمة البحري: سيرة ذاتية على خطى الرقص وشغف الفن

في خفة الفراشة ترقص أميمة البحري في رشاقة وجاذبية لترسم في الفضاء أشكالا وألوانا من الأفكار والأحلام ...

في عرضها «شظايا» تروي بلغة الجسد الراقص بعضا من المسيرة وجزءا من السيرة التي يتقاطع فيها الذاتي والموضوعي في تجسيد هواجس الكوريغرافيين وخصوصيات مهنة الرقص.
في إطار مهرجان «جو فوتوغرافيا»، قدمت الكوريغرافية أميمة البحري عرض «شظايا» في «فضاء 42» بنهج علي بن غذاهم في تونس العاصمة.
الجسد الراقص ... جسد حر
تتساءل أميمة البحري عمّا يحدد علاقتها بنفسها : هل هي السرعة أم الحركة؟ ثم تعلن أنها تخشى الهزيمة أمام نسق السرعة ولكنها في المقابل تجاري الحركة وتتحرك فوق الركح في جاذبية غامضة.
تصافح الراقصة أميمة البحري جمهورها وفي يدها وردة حمراء وكأنها تمسك بين يديها شرارة الثورة أو شعلة الحب ...فترسم لوحات كوريغرافية موغلة في الشاعرية والرمزية. تتحول الوردة إلى بتلات وتتفكك إلى شظايا وقد أرادت الراقصة أن تسمي عرضها «شظايا».
ترقص أميمة البحري حافية القدمين لترسم من خلال حركات يديها وقدميها انفعالات واستعارات ومجازات...هي كلها إشارات إلى محطات من مسيرتها في فن الرقص انطلاقا من الخطوات الأولى إلى الاحتراف. كان جسدها الراقص يقاتل من أجل هزم خوفه وكبته وعقده في بوح حميمي، وكأنها تدعو إلى كسر حاجز من المسافة بين الراقص وجمهوره.
تلقت الراقصة والممثلة أميمة البحري تكوينها في فضاء التياترو. كما تعاملت مع شركة فاميليا للإنتاج حيث شاركت في مسرحية تسونامي للفاضل الجعايبي. وتعاونت سنة 2014 مع الراحل قيس رستم في مشروع أصوات. وفي الدراما التلفزية سجلت حضورا لافتا في دور «كايلا» في مسلسل «حرقة» للمخرج الأسعد الوسلاتي.
على الركح، جسدت أميمة البحري الجسد المنكسر والتائه بين الرغبات والأمنيات، وأيضا الجسد القوي المنتفض في وجه القيود والأزمات لتترجم إرهاق الراقص في رحلة البحث عن ذاته ومحاولة إقناع الناس بفنه.
في استعارة لصورة الشاطئ والرمل، تبدو الراقصة وكأنها تصارع قدرا ما وهي تجري بسرعة ولكن خطاها مثقلة بالرمل إلى حد انقطاع أنفاسها وغرقها... ربما هو الغرق في عشق فن الرقص واستحالة التخلي عنه مهما كان الثمن!
لم تكن أميمة البحري ترقص فحسب بل كانت تطير بأجنحة الفن لتلامس سماء الحرية وسقف التصالح مع الذات والجسد.
ولأنها تحب الكاميرا وتحبها الكاميرا في المقابل، فقد اهتمت أميمة البحري في عرضها «شظايا» بالتفاصيل من نظرات وإيماءات وجه من فرح وحزن لتكون صادقة في نقل كل ما يخالج أفكارها ومشاعرها من وهم وأمل، كبت وتحرر، كرة وحب ... وفي النهاية يبقى الجسد هو مرآة الإنسان لاكتشاف نفسه والانفتاح على العالم.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115