المهرجانات الصيفية على الأبواب: هل يكون الحلّ لعائق التمويل من خلال الجمعيات؟

من سلبيات حلّ اللجان الثقافية تعذّر مواصلة العمل بالهيئات في المجال الثقافي وخاصة هيئات المهرجانات الصيفية لعدم وجود صيغة قانونية لهذه الهياكل لتتمكّن الادارة الثقافية ممثّلة في المندوبيات الجهوية للثقافة من تحويل الاعتمادات المخصصة لها ممّا ولّد صعوبة

في اعداد مشاريع برامج المهرجانات الصيفية التي لم يعد يفصلنا عنها سوى شهر من الزمن،فما هي الآليات المتخذة لتدارك هذا الخلل في ما تبقى من الزمن؟

«المغرب» بحثت في الموضوع لتقف عند وجود صعوبات لدى أغلب الجهات في حين بادرت جهات أخرى وباجتهادات من المشرفين على القطاع الثقافي بإيجاد حلّ بديل على غرار المندوبيتين الجهويتين للثقافة بكل من الكاف وبنزرت.

ففي الكاف وبعد التشاور مع مصالح وزارة الثقافة والمحافظة على التراث تمت دعوة الجمعيات الثقافية بالولاية للترشح لإدارة المهرجانات الصيفية وهو ما اعتبره الاستاذ محمد البشير التواتي تمشّ اجتهادي مهمّ حيث تعطي هذه الصيغة منافسة جدية للجمعيات الثقافية في خدمة المهرجانـات و في خدمة الصالح العام كما تساهم في تطوير العلاقة التشاركية بين الإدارة والمجتمع المدني شرط ان تتوفر في الجمعيات المشاركة الشروط التي نص عليها الامر عدد 88 لسنة 2011 المنظم لنشاط الجمعيات وكذلك احترام جملة من الأهـداف تطلع عليه مسبقا مع إمضاء اتفاقية فيها مجموعة من البنود تلزمها عند الاضطلاع بهذه المهمة على أن تشكّل لجنة فنية تشرف على انتقاء العروض الواردة عليها في اختيار برامج الجمعيات كما ان للجنة حق متابعة اطوار تنفيذ المهرجان من التصور الى التنفيذ و قد تمّ تعميم البلاغ على كافة معتمديات الولاية مع مراعاة التواجد الترابي لكل جمعية في اقتراح إدارة اي مهرجان و بهذه الطريقة تتم عملية الاختيار على البرامج الجدية التي تساهم في تطوير محتوى المهرجان وبما يساهم في تكريس اللامركزية و تحرير الممارسة الثقافية و الإبداعية بتحفيز الجمعيات بالجهة على المبادرة بتصور برامج ثقافية مشتركة تؤكد التعدد و الثراء في برامج هذه المهرجانات خلال فترة تنظيمها من 15 جويلية الى غاية 31 اوت القادم، كما سيتم اعلام الجمعيات الراغبة في الترشح بالاعتمادات المالية التي منحت من قبل مؤسسات الدولة الى المهرجان وبقيمة العروض المدعومة جهويا ووطنيا وعند تعذر الترشحات تسند اللجنة إدارة المهرجان بصفة استثنائية للمؤسسات الثقافية المتواجدة بالجهة الى حين تحفيز الجمعيات على المشاركة في المناسبات المقبلة .

وأضاف مندوب الثقافة بالكاف أن هذه المبادرة التي نقترح على وزارة الثقافة تعميمها على مختلف مصالحها الثقافية الجهوية تكتسي أهميتها في تحقيق جملة من الاهداف منها تحقيق ديمومة استمرارية المهرجان الصيفي كمكسب للنسيج الثقافي الجهوي وتنويع المضامين الثقافية في البرمجمة اعتمادا على خصوصية الجهة وتشريك الطاقات المحلية و الجهوية ضمن برمجة المهرجـــان و التفاعل مع مكونات المجتمع المدني وتطوير المضامين الثقافية و الموارد المالية للمهرجان و النأي بهذه المهرجانات عن أي تجاذب فكري او اديولوجي او سياسي والعمل على ان تكون هذه التظاهرات الصيفية محركا للدورة الاقتصادية بالجهـــة ومساهما في تنميتها المستدامة و العمل على مساهمة المهرجان في التاطير و تطوير الكفاءات الثقافية الجهوية .

اما بالنسبة الى ولاية بنزرت فإن المندوبية الجهوية للثقافة وكما أكّد الاستاذ مراد عمارة المندوب الجهوي لـ»المغرب» اختارت منذ مفتتح الموسم الثقافي في جانفي من السنة الحالية التوجّه للعمل التشاركي مع هياكل المجتمع المدني على مدار السنة وتم اعلام الجمعيات بهذه المقاربة التشاركية والتي كانت الغاية منها مزيد إحكام الشراكة بين الجمعيات و هياكل العمل الثقافي بالجهة مع اعطاء الأولوية في البرمجة المشتركة للمناطق المحرومة حيث تتميز الجهة باتساع رقعتها وقلة المؤسسات التنشيطية بها و هو ما أجبر على اعطاء اولوية مباشرة للمناطق التي لا توجد بها دور ثقافة باعتبار ان تغطية المؤسسات لا يتجاوز 55 ./. حيث لا توجد برامج جاهزة بقدر التعويل على مثقفي الجهة و الجمعيات الثقافية في صياغة الأطر العامة لهذه البرامج والعمل التشاركي المباشر وهو نفس التوجّه في ما يخصّ المهرجانات الصيفية شبه الجاهزة حاليا بالتنسيق مع الجمعيات الثقافية بكل مدن وقرى ولاية بنزرت ولأنه لا توجد بولاية بنزرت تظاهرات دولية بأتم معنى الكلمة بدأ العمل على بعث ملتقيات فنية دولية في الرقص و في المسرح و في الموسيقى في إطار تظاهرات تجمع بين الفرجة و التكوين و تبادل الخبرات كما ستشهد هذه الصائفة وتحديدا في شهر جويلية ميلاد أول مهرجان في الصورة و الصوت بالتعاون مع احدى الشركات الخاصة وبعض الجمعيات الثقافية و هو عبارة عن احتفالية فرجوية في الفضاء العام أي الشارع ويقوم هذا المهرجان على الإبهار بالصورة و الصوت بالمباني العالية بالمدينة و قنطرة بنزرت و سور المدينة العتيقة و مسرح الهواء الطلق كما تستضيف حدائق بنزرت فعاليات الجامعة الصيفية التي يشارك فيها الكثير من الجامعيين و المفكرين في مختلف المجالات وبهذا يكون المجتمع المدني شريكا في مختلف التظاهرات الثقافية بما فيها المهرجانات الصيفية وليست مشاركته صورية باعتبار عائق التصرّف المالي المفروض وفق مجلة المحاسبة العمومية وانما الشراكة كما هي لوجستية فهي فنية أيضا من الفكرة الى الانجاز

وفي قراءة لهذه المبادرات الخصوصية لا بدّ من التأكيد أوّلا أن العلاقة بين الادارة وهياكل المجتمع المدني تجاوزت اليوم ما عرفته منذ بدايات الثورة من بعض التجاذبات السياسية التي ولّدت بدورها بعض التجاذبات المهنية بالادارة الثقافية ممّا أثّر سلبا على العلاقة داخل هذا الوسط وبالتالي اضمحلال بعض التظاهرات التي عاد لها اليوم بريقها الثقافي لتعود لهذه التظاهرات خصوصياتها الاحتفائية الابداعية كما ننتظر أن تساهم هياكل المجتمع المدني اليوم في اعادة الاعتبار للمهرجانات الصيفية التي سبق أن ضمّت هيئاتها من هبّ ودبّ ممّن لا صلة لهم بالفعل الثقافي لا انتاجا ولا استهلاكا بمنطق استغلال الفوضى والارتماء في احضان التظاهرات ولكن ثبت فشل هذا التوجّه حتى تعود المهرجانات هيبتها كمحامل محامل ثقافية يشارك في تأثيثها وبرمجتها المجتمع المدني من حيث ادارتها ومتابعتها باشراف المندوبيات الجهوية بهذه الجهات التي تتدخّل بالهيكلة وحسن التنظيم واقتناء العروض وتوفير الدعم بمختلف أنواعه المادي واللوجستيكي وتجاوز المفهوم الكلاسيكي لهذه المهرجانات التي أضحت ولسنوات مضت تقتصر برامجها على تنظيم عروض وسهرات فنية ليلية في الموسيقى والمسرح دون تنظيم أنشطة أخرى على غرار الورشات والندوات واللقاءات الشعرية بتعلّة ضعف الامكانيات المادية

وفي الختام تظلّ المبادرات سالفة الذكر مهمّة في انتظار تقيم هذه التجربة والوقوف على مدى قدرة الجمعيات في ادارة هذه التظاهرات والنجاح في تأمين مادة ثقافية راقية وبعيدة عن التهريج والبهرج والصخب وبما يفيد مختلف الفئات العمرية والشرائح الاجتماعية

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115