في عدد من المهرجانات بجهات البلاد التونسية وفق برنامج يمنح الجمهور و هواة المسرح مناسبات للاطلاع على هذا العمل الفني الجديد حيث تشير حكايته و مضمونه الى موسيقي يدعى « ياقوت « بدأ حياته الموسيقيّة مفعما بأحلام النجاح و الشهرة .. تتوالى السنين و لم يحقق النجاح المنتظر و تتبدّد أحلامه و أصبح يجاهد لضمان عيشه اليومي بعد أن ماتت فيه بذرة الإبداع .في إحدى الأمسيات بعد أن أخذ منه الإرهاق مأخذا تتراءى له «جنيّة تدعى تاج الأقمار».
لتقايضه بأن تعطيه أدوات النجاح و الشهرة مقابل أخذ نصف عقله فيرفض في البداية و لكن في الأخير يقبل بذلك بعد أن أقنعته بحجتها و برهانها بأنّه لم يعد له ما يخسر بعد أن فقد حلمه عندها أعطاها نصف عقله لتأخذ الأحداث منعرجا آخر يكتشفه المتفرجون .
هذه المسرحية الكوميدية الغنائيّة هي من تأليف و إخراج الطاهر علوان و قد قامت فيها الممثلة سوار الشيخاوي بتشخيص دور تاج الأقمار , كذلك بشير المنّاعي في دور الجنيّ الخفيّ إلى جانب الطاهر علوان في دور ياقوت . و من إنتاج شركة فن المتوسّط للفنون الدراميّة .
تجربة الفنان الطاهر علوان ثرية حيث سبق و أن قذم تجارب منها عمل مع عملة المصانع و هم يجترحون آلامهم ويقدمونها في مسرحية خلال عام 2018 وفق تجربة المسح التفاعلي و ضمن مشروع «تفنن تونس المبدعة» الممول من طرف الإتحاد الأوروبي...
كما كان له عمل مسرحي سابق بعنوان ‘جمر ورماد’ عن نص وإخراج للطاهر علوان وتمثيل كل من اسلام الباجي وعبد الستار الصغير والطاهر علوان وذلك ضمن انتاجات شركة آرماد ـ فن المتوسط تم عرضها بدار الثقافة ابن رشيق بتونس العاصمة.هذه المسرحية كانت تجربة جديدة في أعمال الفنان المسرحي الطاهر علوان وهي حكاية مخرج ناجح فنيا ولكنه فاشل عاطفيا وقد أعجب بالممثلة وراح يفصل العمل الفني والمسرحي على مقاسها ورغم فارق السن بينهما فانه اراد لها ان ترتبط به كردّ جميل وقد بنى المخرج ‘نزار’ بدار الثقافة ابن رشيق عالماً تخييليا في خصوص هذه العلاقة، فالممثلة أخذت الفن عن المخرج كما أنّها أخذت حب الحياة عن خطيبها وهنا ينتقم المخرج من خطيب الممثلة ويرتكب جريمة ويهرب الى الأمام ثم يواصل التمرن على المسرحية لابراز الجريمة ولتصفية حساباته مع الممثلة التي تركته واعرضت عنه لفائدة خطيبها.في هذا العمل تظهر اللعبة التقنية على النار بأسلوب براشتي في الظاهر لتكسير الوهم حيث رجة المتفرج لنزع الوهم عنه.. وفي المسرحية هناك ايهام بالارتجال ويبرز السؤال بيّنا بين حدود الحياة والمسرح حيث ذاك الخيط الرفيع متى يبدأ الفنّ وما حدود الحياة.. وهل ان المسرح في الحياة ام ان الحياة هي المسرح.في المسرحية تبرز حكاية النار وتبرير الجريمة وعشق النار حيث يقول المخرج ‘انا نحب الموت.. موتة الابطال.. كاليغولا.. قيس…’. المسرحية طرحت مسألة القيم والعاطفة المفقودة وقد جاء النص بشحنة عاطفية فيها التأملات الحسية حيث يضع المخرج نفسه في مفترق طرق ليعود السؤال هل ان الكتابة هي وفاء للتجربة الذاتية ام انها موضوع للتمثيل. ويقول المخرج الطاهر علوان بخصوص
هذا العمل: ‘وجدت نفسي منساقا في خطاب آخر دفين وباطني وربما طغت الجمالية على كتابة النص ليبرز وكأنّه مرتجل وبمثابة الجولة في عوالمي وعوالم الممثلين.حاولت الخروج عن لغة المسرح المألوفة لمعالجة دوافع الابداع انطلاقا من دواخل الفنان وعوالم النار كانت بمثابة النجاة والتطهر.. لقد لعبت على حدود المسرح والواقع.. بحثت عن التجديد بعيدا عن الافتعال وهذا اقتضى لغة اخرى تذهب الى ماهية النص والمسرح ضمن اسئلة اعمل ضمنها بالبحث وتطوير اساليب الخطاب وجمالياته.. اعتبر ان نزار المخرج قد نجح فنيا وفهم ان حياته مرتبطة بالعاطفة لبلوغ درجات اخرى. السينغرافيا للشاذلي بلخامسة والديكور بقايا اثاث محروق وسور مهشم وهو الحاجز الحامي لمفعول النار الرمزي في علاقتها بالشخصية والمرآة المهشمة ترمز للفضاء الذي تنكسر فيه الصورة والوجوه.. الملابس لحليمة العلاوي حيث البدلة الكلاسيكية تناغما مع الشخصيات..’.الممثلة اسلام الباجي تتقمص في هذه المسرحية دور اخلاص الممثلة وعبد الستار الصغير في دور معزّ التقني المسرحي والطاهر علوان هو نزار في دور المخرج في المسرحية والمخرج الفعلي ايضا.. هناك فضاءان للتمثيل بمعنى مستويين، الاول هو الأرضية ويبقى الركح الفضاء الثانوي للعب في هذه المسرحية التي تطغى عليها فكرة الارتجال.هذه المسرحية تأتي بعد اعمال اخرى في مسيرة الفنان الطاهر علوان نذكر منها ‘حرف الياجور’ مع كمال العلاوي و’يوميات الصوفي باشا’ وفي قمرية وريحانة وعيد ميلاد مع الفنان احمد السنوسي.