هي مبان كانت في الماضي أيقونات جمال هندسة ومعمار وأضحت اليوم خرابات مهجورة تبكي على أطلال الأمس البعيد !
تمتلك تونس العشرات والعشرات من المعالم الأثرية الفريدة من نوعها والتي يمكن إعادة فتحها لتكون مراكز ثقافية أو استثمارها في سياق السياحة الثقافية... وفي هذا السياق تسعى وزارة الشؤون الثقافية إلى ترميم عدد من المعالم على غرار «تربة الباي» و»دار بن عبد الله» (متحف العادات والفنون التقليدية) و«قصر دار البكوش»...
إعادة افتتاح «تربة الباي» موفى أكتوبر
في مخطط يشبه المسجد العثماني الكلاسيكي، يضم معلم «تربة الباي» قبور 14 حاكما حسينيا من أصل تسعة عشر، حكموا تونس من عام 1707 وحتى عام 1957. ويذكر المؤرخون أنّ «هذه المقبرة، تقدم بالإضافة إلى أهميتها المعمارية، واحدة من أهم مجموعات النقائش الكتابية الجنائزية. فكافة القبور عليها نُصب مؤرخة مختلفة حسب المتوفى إذا ما كان رجلا أم امرأة. فقبور النساء عليها لوحة نقش أحد طرفيها التي من جهة الرأس، فيما وضعت شاهدة على قبور الرجال من جهة الرأس، مكللة بعمامة أو طربوش منحوت من الرخام. والشكل الأول سابق لعملية تغيير الزّي الذي أقره الباب العالي في عام 1828 - 1829، وهو من أجل الزي الغربي بدل القفطان، واستبدل العمامة بالطربوش أو بالشاشية».
إشترك في النسخة الرقمية للمغرب
وقد مثّلت مسألة إعادة افتتاح معلم تربة الباي بالمدينة العتيقة محور جلسة عمل انعقدت مؤخرا بمقر وزارة الشؤون الثقافية، وقد أكدت الوزيرة حياة قطاط القرمازي خلال هذه الجلسة على تحديد موعد لإعادة افتتاح المعلم التاريخي تربة الباي على ألاّ يتجاوز ذلك موفى شهر أكتوبر 2022.
وقد تم رصد 2 مليون دينار لأشغال تهيئة «تربة الباي» حتى يعود المعلم إلى سالف نشاطه ضمن المسلك السياحي الثقافي لمدينة تونس.
«دار بن عبد الله» في حلة جديدة
في زيارة ميدانية أدتها وزيرة الشؤون الثقافية حياة قطاط القرمازي إلى «تربة الباي» ، احتل معلم «دار بن عبد الله» حيزا من هذه الزيارة لمتابعة مدى تقّدم أشغال ترميمه وإعادة صيانته. وشددت الوزيرة على «ضرورة إنقاذ مثل هذه المعالم التاريخية وبعث الروح فيها وإعادة توظيفها وتثمين محتوياتها ليتم إدراجها ضمن عجلة الاقتصاد الوطني والتنمية الشاملة». كما تابعت حياة قطاط القرمازي وسير عمل مسرح الفن دار بن عبد الله الذي يشرف عليه المسرحي القدير نور الدين الورغي.
وتسرد الوثائق التاريخية أن تأسيس هذه الدار يعود إلى القرن 18، وكانت ملكا لأحد أعيان مدينة تونس الحاج محمد بن علي القسنطيني منذ سنة 1797 ثم انتقلت ملكيته إلي سليمان «كاهية» وهو قائد عسكري في عهد حمودة باشا باي الذي تزوج ابنة محمد باي «حكم من 1814 إلي 1824» وأوكلت له مهمة قيادة الجيش النظامي. وقد بقيت «دار الكاهية» تحت ملكيته إلي حدود سنة 1875. وبعد وفاة سليمان كاهية تم بيع القصر أو الدار بالمزاد العلني إلي أحد أغنياء «القماشة» بمدينة تونس وهو «الطاهر بن صالح بن عبد الله» الذي سمي القصر باسمه إلي يومنا هذا إلي أن بيع القصر في فترة الاحتلال الفرنسي إلي الرسام الفرنسي «ألبار أوبلي» بثمن قدره 30.000 فرنك سنة 1905 بعد إفلاس مالكه. وعادت ملكية دار بن عبد الله إلى الدولة التونسية بعد الاستقلال .
ترميم وحماية قصر «برج البكوش»
في أريانة تشكل قصور «الزاوش» و»عبد الرحمان بن عياد» و«برج البكوش» ثلاثيا معماريا فريدا من نوعه، لكن للأسف طاله التخريب وعبث اللصوص وإهمال السلطات. وقد دعت وزيرة الشؤون الثقافية حياة قطاط القرمازي خلال زيارة أدّتها إلى قصر برج البكوش الأثري بأريانة إلى «عقد جلسة عمل مع والي الجهة في أقرب الآجال للاطّلاع على مدى تقدّم تنفيذ الاتفاقية الممضاة في 28 أوت 2020 بين الوزارة ممثّلة في المعهد الوطني للتراث ووكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية وبلدية المكان قصد توفير الاعتمادات اللازمة لترميم هذا المعلم والقيام بالأشغال اللازمة لتهيئته ووضع خطة عمل تضمن حسن توظيفه ثقافيا مع مراعاة طابعه التاريخي والتراثي». وقد أذنت الوزيرة للمعهد الوطني للتراث ومصالح وزارة الشؤون الثقافية بالانطلاق فورا في تنظيم حملات لتنظيف معلم برج البكوش الأثري بالتعاون مع بلدية أريانة وعدد من مكوّنات المجتمع المدني بما يسهم في المحافظة على مكوّناته وحمايته من كلّ أشكال الإتلاف والسرقة.كما أشارت الدكتورة حياة قطاط القرمازي إلى أهمّية التفكير في برنامج عمل لضمان حسن توظيف هذا المعلم التاريخي وذلك بالتوازي مع أشغال الترميم والتهيئة التي من المقرّر أن تنطلق في الأيام القليلة القادمة.
ويعود بناء قصر برج البكوش إلى القرن 18 و يمتد على مساحة أربعة آلاف متر مربع في تأثر بالنمط الأندلسي في الهندسة والزخرفة وتصميم الحدائق .