اليوم ينطلق مهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية: مدينة الفنون تدافع عن البيئة وتصادق الجمال

في مدينة المحرس ترتسم الأحلام لوحات ومنحوتات تلامس السماء وتصافح البحر بين زرقتين تحتضنان مساحات الجمال والخيال.

هي المدينة الحالمة التي تحولت إلى متحف مفتوح يمتع حواس العابرين والمارين بالشاطئ المدجج بالأعمال الفنية والتجليات الإبداعية. وبفضل مهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية أصبح للمدينة الصغيرة شأن بين المدن وشهرة في العالم .
رغم صعوبات الدعم وإشكالات التمويل، أصرت الهيئة المديرة برئاسة إسماعيل حابة على تنظيم الدورة 34 لمهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية حتى لا يتوقف نبض الفن في عاصمة الفن التشكيلي في تونس.
دورة جديدة تتحدى الصعوبات المادية
يفرض مهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية حضوره في خارطة المهرجانات التونسية لما يتميز بع من خصوصية وتفرد وهو الذي رفع لواء نشر ثقافة الفنون التشكيلية منذ الثمانينات على يد مؤسسه الراحل يوسف الرقيق. و»من الصعب حصر لائحة الإنجازات والمكاسب لهذا المهرجان ... ذلك أن الزائر العادي لمدينة المحرس لا يمكنه غض الطرف من تلك المجسمات والجداريات الموزعة على طول الشارع الرئيس وبقية الشوارع والأنهج الفرعية والتي أعطت للمحرس خصوصية جعلت ولا تزال قوافل السياح تؤم المحرس لاكتشاف متحفها المفتوح في الهواء الطلق.» وبعد أن شرع أبوابه طيلة أكثر من ثلاثة عقود من الزمن لاحتضان المواهب الفنية الواعدة وكذلك استضافة كبار الرسامين والنحاتين على حد سواء، راكم المهرجان اليوم ثروة قيمة من الأعمال الفنية بإمضاء أشهر الفنانين من تونس والعالم. ويمتلك المهرجان اليوم حوالي1800 لوحة منها لوحات قيّمة وثمينة لرواد الفن التشكيلي وأشهر أعلامه على غرار الهادي التركي ورضا بالطيب وعادل مقديش ولمين ساسي والفنان الأردني محمد جلوس والفنانين أبراهام حاجو وصهيب قدور من سوريا وغيرهم...
بعد التأجيل تلو التأجيل بسبب تأخر دعم وزارة الشؤون الثقافية، حاد مهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية هذه السنة عن موعده المعتاد في صائفة كل عام لينطلق اليوم غرّة سبتمبر ويختتم فعالياته يوم 11 سبتمبر 2022.
تحت شعار «المحرس مدينة الفنون والبيئة» يستقبل المهرجان فنانين من جنسيات عربية وأجنبية من ليبيا والجزائر وإيطاليا والكوت دي فوار واليابان وتايوان وبريطانيا وفلسطين وفرنسا...

إشترك في النسخة الرقمية للمغرب

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د


ويحافظ المهرجان العريق في دورته 34 على تقليد تنظيم ورشات للأطفال واليافعين والفنانين المحترفين بالإضافة إلى ورشة الترميم وصيانة الأعمال في حديقة الفنون.
وفي مهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية تلتقي جل الفنون في فسيفساء من الألوان تعزف سمفونية الحياة في سهرات موسيقية وأمسيات شعرية وعروض تنشيطية... و»كما عمل المهرجان منذ التأسيس على إشاعة الذوق الفني وقيم الجمال وعلى المحافظة على المحيط والعناية بالبيئة»، فإنه يتبنى في دورته 34 قضايا الدفاع عن البيئة وحماية كوكب الأرض في ظل تغيرات مناخية تعصف بسلام العالم.
«الفنّ والبيئة... والمحرس الحارسة»
يزّين شاطئ المحرس 70 عملا فنيا من مجسمات ومنحوتات وأعمال فنية مختلفة مما بوّأ مهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية مكانة المهرجان الفريد من نوعه والوحيد في تونس والقليل في العالم الذي فتح متحفا للفن المعاصر في الهواء الطلق.
وإلى جانب المعارض والورشات والعروض الفنية ، تحتل المنابر الفكرية مساحة هامة من برمجة مهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية في اهتمام بعلاقة الفن والبيئة وحوار الالتزام بينهما. وتقديم الورقة العلمية لمنابر المهرجان في دورته 34 ، يقول الدكتور فاتح بن عامر: «إن الفن والبيئة والمحرس، ثالوث لم ينفصل ولن ينفصل ما دام المهرجان مستمرّا. المهرجان الّذي به اكتسبت المدينة بعدا من التّحضّر والّذي بمقتضاه يكون العيش أسهل وأحلى والحياة أفضل. هو الفنّ الّذي حافظ على البيئة وأضاف إليها وزاد لجمالها جمالا. هكذا تحالف المهرجان مع الفنّ ومع البيئة فصار ثالوثا غير منفصل، به يستمرّ الفعل وتلتقي الأيادي والأفكار وتلتحم الرؤية وتتواصل المسيرة. وهكذا أردنا معاودة السؤال، سؤال الفعل في البيئة وسؤال «تبيئة» الحياة بالفعل الفنّي، لا كلعب بالألفاظ، بل كإيمان بالطّاقة الخفيّة الّتي يزرعها الفنّان في المواد، حتّى وإن كانت على غير نبل، فيحوّلها إلى البديع من الأشكال ومن الكائنات. إنّها طاقة الاقتراح وقوّة الإنجاز وجماليّة الموقف ونبله. الفنّ والبيئة والمحرس تحرس الجهد الإنساني وتشهد عليه متحفا حيّا وروحا مرفرفة في فضاء المدينة. بهذا نباشر المنابر ونفتح لها مجالا قصيّا من السّؤال عن موقع الفنّان من البيئة وعن الفنّ المزروع في رحم الحياة، يفعل فيها ويضيف إليها بمثل ما يأخذ منها. وتشهد على ذلك المنجزات المقيمة في الماضي/الحاضر من تاريخ المهرجان وكذلك المتسرّبة نورا من الكوّات الّتي تفتحها الرّغبة في بهجة الحياة بوصفها غاية قصوى تمتدّ إلى الإحساس بالسّعادة. والسّعادة كما اللّذة تقضم من الجهد الإنساني ما يشي بالرّضا عن النّفس وما يعبّر عن السّرور بما عليه الذّات».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115