والمهنيون بتأسيس معرض وطني للكتاب التونسي يحتفي بإنتاجات محلية مائة بالمائة، فيبدو أنّ إشكاليات الكتاب متواصلة وتزداد تضخما من سنة إلى أخرى.
في الوقت الذي كان من المفترض فيه الانكباب على الإعداد لدورة جديدة من المعرض الوطني للكتاب التونسي، فاجآ اتحاد الناشرين التونسيين الرأي العام بنشر بلاغ يعلن فيه عن مقاطعة لكل المعارض والتظاهرات والأنشطة التي تنظمها وزارة الشؤون الثقافية.
ناشرون على أبواب الإفلاس !
«يعيش قطاع النشر وضعا كارثيا ويتجه جل الفاعلين فيه نحو الإفلاس في الوقت الذي تنظر فيه وزارة الشؤون الثقافية إلى احتضارهم بكامل الأريحية، بل وتمعن في إقصائهم وتغييبهم عمّا هم أهله من تمثيل للثقافة التونسية في معارض الكتاب العربية التي اتّخذت تونس ضيف شرف لها»، هكذا جاء هذا توصيف واقع النشر في تونس في بلاغ اتحاد الناشرين التونسيين في الساعات الأخيرة. وقد اتخذ الاتحاد منحى تصاعديا بإعلانه مقاطعة كافّة أعمال وزارة الشؤون الثقافية وتظاهراتها بما في ذلك لجان الدعم والمعارض الوطنية وأنشطتها صلب المعارض العربية التي تكون فيها تونس ضيف شرف.
عن أسباب اتخاذ هذا القرار، أفاد رئيس اتحاد الناشرين التونسيين محمد رياض بن عبد الرزاق في تصريح لـ «المغرب» بالقول :»لقد استنفدنا كل الطرق الممكنة في الحوار مع سلطة الإشراف دون أن نجد إصغاء أو تجاوبا مع مطالبنا القاهرة والملحة من أجل إنقاذ قاع النشر وبالتالي الحفاظ على ديمومة حياة الكتاب التونسي. وقد زاد الوضع سوءا بعد جائحة الكورونا أمام لامبالاة وتهميش غير مسبوقين لقطاع الكتاب من طرف الوزارة مع غياب سياسة ناجعة وإستراتيجية فعّالة لإدارة أزمة النشر في تونس اليوم. وللأسف يدفع صانعو الكتاب فاتورة هذا التجاهل فمن ذلك على سبيل الذكر لا الحصر عدم انعقاد لجان دعم الورق واقتناء الكتاب التونسي وغيرها وقد انقضت ثلاثة أرباع السنة الحالية. ويعتبر هذا التأخير سابقة خطيرة لم تحصل منذ إحداث إدارة الآداب، هذا إضافة إلى عدم خلاص مستحقات الدورة الثانية للاقتناءات لسنة 2021».
إشترك في النسخة الرقمية للمغرب
إقصاء من الاستشارة والتصور
واعتبر بيان اتحاد الناشرين أنّ ما يحدث اليوم في قطاع النشر، حيث ورد فيه: «لا يمكن وصفه إلاّ بمحاولة قتل ممنهج للناشر التونسي ومن ورائه الكاتب والكتاب التونسيين، رغم المحاولات العديدة مع سلطة الإشراف لفتح آفاق جديدة للنهوض بالقطاع وتطوير المهنة ومدّ أيادي التعاون والاقتراح فإنها لم تجد في كلّ مرّة إلاّ النكران وتسويق الوهم عبر الوعود والأحلام، ولعلّ أكبر وهم هو وهم الشراكة بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، بل الحقيقة أنّ الإدارة آخذة في التغوّل والهيمنة عبر إقصاء الاتحاد وتغييبه وفرض رؤاها ومناهجها التي خبرناها منذ سنوات طوال ونتائجها من التدهور والانهيار بيّنة جليّة».
وردا عن سؤال « المغرب» حول مدى تأثير قرار اتحاد الناشرين التونسيين بمقاطعة الأنشطة التي تنظمها وزارة الشؤون الثقافية على انتظام الدورة الرابعة للمعرض الوطني للكتاب التونسي التي ستحتضنها مدينة الثقافة من 13 إلى 23 أكتوبر 2022. أفاد رئيس الاتحاد محمد رياض بن عبد الرزاق قائلا: « لقد طالبنا منذ سنوات طويلة بتأسيس معرض وطني للكتاب التونسي. ولما تمّ بعث هذا المعرض على أرض الواقع انتظرنا أن نكون فاعلين فيه انطلاقا من تعيين مديره وصولا إلى إعداد البرمجة. ولكن للأسف تواصل الوزارة إقصائنا واستبعادنا من المشاركة في الاستشارة والاقتراح والتصور. وللإشارة فإنّ تونس كانت سباقة عربيا في تأسيس معرض وطني للكتاب التونسي ثم اقتدت بنا الجزائر بعد سنتين ليقتصر دور الوزارة هناك على الدعم وتضطلع جمعية الناشرين الجزائريين بتنظيم المعرض. وفي الحقيقة لم تتقدم عشرات دور النشر التونسية بطلب مشاركة في الدورة من المعرض الوطني للكتاب التونسي، كما انسحبت عديد الدور الأخرى من المشاركة...»
ويضم اتحاد الناشرين التونسيين نصيب الأسد من دور النشر في تونس حيث يجمع تحت لوائه 120 دار نشر تونسية من بينها حوالي 50 دار نشر نشيطة وموجودة على الساحة بانتظام.
وكشف رئيس اتحاد الناشرين التونسيين لـ»المغرب» أنّ الاتحاد يعتزم تنظيم معرض خاص به للكتاب التونسي من إعداده وتنظيمه وإدارته حتى يستعيد المشروع الذي اقترحه وطالب بتنفيذه على امتداد السنوات الماضية.