الكاتب الفلسطيني ناجي الناجي لـ«المغرب»: فوز «الطلياني» يعزز التواجد التونسي على الخارطة الروائية العربية

ناجي الناجي كاتب ودبلوماسي وقع مؤخرا مجموعته القصصية (ترنيمة إلى الضفة اﻷخرى) والتي تدور حول اللاجئين المشردين والشتات الفلسطيني، «المغرب» حاورته حول هذه المجوعةـ وحول رواية الطلياني الحائزة على البوكر والعديد من المواضيع الأخرى.

• لو تحدّثنا عن ملامح مجموعتك الجديدة؟
«ترنيمة إلى الضفة الأخرى» هي مجموعتي القصصية التي تتضمن إحدى عشرة قصة قصيرة، يدور جلّها على حواف الوطن ،على المكنون السيكولوجي للاجىء الفلسطيني، وعلى حالة الاغتراب التي كبرت مع مرور السنين منذ النكبة حتى الآن، كُتبت القصص بأساليب قصّ وتقنيات سرد متنوعة، تجاري ذلك الاختلاف بين نسائج تلك القصص وطبائع شخوصها، فهي تتعرض لمعاناة لجوء فلسطيني سوريا عبر البحار، والى أزمة وثيقة السفر التي لازمت الفلسطيني ولم تستطع النيل من هويته، والى المعركة المزدوجة التي تخوضها المرأة الفلسطينية ضد المحتل وضد الرجعية المجتمعية، بالإضافة الى مونولوجات استنهاض الحلم التي تزفر بما تحمله صدور اللاجئين من تضاد بين حب الحياة وقسوة الواقع

• كيف ترى فوز الدكتور والأديب التونسي شكري المبخوت بجائزة البوكر؟
قرأت روايته «الطلياني» بعد فوزها بالجائزة، وأعجبت بالمستوى الفني للرواية، والمساحات التي غطتها من تاريخ تونس الحديث بنصّ شديد التماسك ، أعتقد أن فوزه يعزز التواجد التونسي على الخارطة الروائية العربية، خاصة وأن هذه ضرورة سوسيولوجية للاطلاع على تجربة التحول في المنطقة برمّتها والتي كانت تونس شرارتها الأولى ، نحتاج نصوصاً تونسية تطلعنا على ذلك التراكم المجتمعي والذي أدى إلى الانفجار حتى الوصول إلى وضعنا الحالي.

• هل تعتقد أنّ العرب عموما يفتقرون لمشروع ثقافي رسمي؟
الأزمة تكمن في تعريف «المشروع الثقافي» لدى العرب، المصطلح يذهب إلى معادلة التأثير والتأثر بين الثقافة من جانب والتعليم والمجتمع والبيئة والتشريع والتاريخ والجغرفيا من جانب آخر، بينما إدراك العرب للمصطلح هو أن مردود الثقافة للمموّل وليس للمواطن والمجتمع، لذا فالرسميات ترعى المشاريع الثقافية التي تسوّق رؤيتها السياسية أو الحزبية وليست التي تحقق غاياتها الأولى، وللأسف في الفترة الأخيرة انتقلت تلك العدوى لبعض المنظمات غير الربحية والمؤسسات الأهلية التي بدأت في وضع اشتراطات عديدة لدعم قطاعات الثقافة في الوطن العربي، تلك الاشتراطات التي يفرضها بدوره الممول المعتني بتلك المنظمات، لنصل الى نفس النتيجة وهي افتقارنا الى مشروع ثقافي رسمي أوغير رسمي.

• كيف ترى مستقبل الإسلام السياسي في المنطقة العربية عموما؟
مستقبل الإسلام السياسي مرهون بنزول المثقف العربي من برجه العاجي والبدء في التأثير في المجتمعات لا التعالي والتفذلك عليهم، ثمة علاقة عكسية بين وعي المجتمعات وتمترس الإسلام السياسي، لم يتوغل أصحاب تلك المدارس إلا من فراغات الدولة والمثقفين، طرح أرباب الإسلام السياسي مشروعاً مجتمعياً يداعب أحلام المهمشين فاكتسبوا قواعد جماهيرية، استثمروها في المساومة على السلطة أو التحالف مع دول إقليمية تسير في نهجهم ذاته ، حتى اللحظة لم يظهر في منطقتنا ما يبشّر باستيعاب الدول أو المجتمع المدني خساراتهم المتلاحقة والتحرك لتعويض تلك الخسائر بالاندماج الجدي في المجتمع، أو طرح مشروع ثقافي حقيقي.

• كيف تقيّم اليوم أدب المقاومة الفلسطيني، وما رأيك في دور النخبة في قضية الكفاح الوطني؟
الأدب انعكاس للواقع أو تحريضٌ وحثٌ على تغييره، لذا وخلال فترات طويلة من النضال الفلسطيني سيمّا خلال فترات الكفاح المسلح كانت القصيدة والقصة والرواية تسير جنباً الى جنب البنادق، ترصد وتدوّل وتحمّس وتوثّق، تحلل وتستقرئ وتذكّر وتصيح وتنادي، فكتب محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زيّاد وراشد حسين وابراهيم طوقان وعبد الرحيم محمود، وفي القصة والرواية كتب غسان كنفاني وإميل حبيبي وجبرا ابراهيم جبرا وحسين البرغوثي ويحيى يخلف ورشاد أبو شاور وابراهيم نصر الله وسحر خليفة، أما بعد أوسلو فبدأت

أساليب جديدة للمقاومة تطفو على السطح صاحبتها تحوّلات رئيسة في منهج أدب المقاومة، يقوم بشكل أساسي على الانتصار لبناء الفرد أكثر من الشعار والهتاف ، وترسيخ صمود الفلسطيني على أرضه، والمكاشفة المجتمعية ، كأعمال ربعي المدهون وغريب عسقلاني وأحمد رفيق عوض والمتوكل طه ، أما في الفترة الأخيرة فثمة ثورة جديدة في أدب المقاومة ، حالة من الرفض للقوالب والكليشيهات يقوم بها أديبات وأدباء فلسطينيون من جيل الشباب الرافض للواقع السياسي والمجتمعي ، أكثر من صوت فلسطيني جديد بدأ ينتشر ويكوّن قواعد من القراء دونما الاعتماد على التسويق من طرف الدولة أو على التسويق الحزبي، وأعتقد أنهم سيشكلون رافعة للثقافة الفلسطينية في الفترة القادمة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115