وعروض ترضي الفن دون سواه؟ وقد وجد بعض مديري المهرجانات أنفسهم في مأزق في مواجهة أكثر من إشكال و«معركة»... وكان كل الرجاء أن يكون موسم مهرجانات 2022 فرصة للمراجعة والتقييم حتى لا يتكرر سيناريو الفشل.
طغت أخبار الفوضى والعنف على بعض المهرجانات الصيفية التي تحوّل ركحها من منبر للفن إلى حلبة صراع وكر وفر بين الجمهور والفنان، الفنان والأمن، الجمهور والأمن في زمن اختلاط النابل بالحابل واستسهال الإبداع الفني عند كل من دب وهب.
الأمن حماة المهرجانات أم جمهور الصفوف الأمامية؟
لم يكن شيخ المهرجانات التونسية بمعزل عن التوتر بين إدارة المهرجان ورجال الأمن، حيث أعلن مدير مهرجان طبرقة الدولي وجيه الهلالي عن استقالته بسبب «تعرضه إلى الاعتداء بالعنف اللفظي والمادي من طرف أعوان الأمن المكلفين بتأمين الباب الرئيسي للمسرح عند تصديه لدخول الجماهير مجانا». من جهتها فنّدت النقابة الأساسية للأمن العمومي بطبرقة رواية مدير المهرجان وأرجعت الحكاية إلى مجرد دفاع عون عن حق ابنه في الدخول دون أن يقع أي اعتداء لفظي أو مادي».
من طبرقة إلى المنستير عبرت جمعية مهرجان المنستير الدولي في بيان لها عن استيائها الشديد بسبب الاعتداء على رئيسها و وأمين مالها بتاريخ 30 جويلية 2022 أثناء عرض الفنان «جنجون» بقصر الرباط بالمنستير. واعتبرت أنّ ما حدث سابقة أولى من نوعها في تاريخ المهرجان وتنافى مع العلاقات الطيبة التي ميزت دائما هيئة المهرجان بشريكها الأمني. ويأتي هذا الخلاف بسبب عدم الاستظهار بتذاكر الدخول.
وعلى هامش عرض «الزيارة» على ركح مهرجان قرطاج الدولي حدثت مناوشات بين الفنان ورجال الأمن ...
حرية التعبير بين «ديكتاتورية» الأمن والجمهور
هنا وهناك، وقعت بعض الأحداث المشابهة في المهرجانات الصيفية بسبب إصرار بعض رجال الأمن على احتلال الصفوف الأمامية صحبة عائلاتهم وفقا لمديري المهرجانات الذين أرهقتهم عقلية الدخول المجاني سيما أمام شح الموارد وتواضع منح الدعم.
ويمكن اعتبار ما حدث في مهرجان صفاقس الدولي الواقعة الخطيرة التي عصفت بحرمة أركاح المهرجانات وضربت عرض الحائط بعلاقة الاحترام بين المواطنين و«الأمن الجمهوري» ، حيث ساد العنف المسرح وعمت الفوضى المكان.
في مشهد مريع، تحوّل «وان مان شو» لطفي العبدلي إلى سهرة عنف وتلاسن بين الفنان والأمن أولا ، ثم الأمن والجمهور ثانيا... وانتهى الأمر بـ«تهريب» لطفي العبدلي على متن سيارة نقل المعدات وفقا للمنتج محمد بوذينة الذي أكد على تعرضه للعنف المادي واللفظي من طرف رجال الأمن.
وقد فندت وزارة الداخلية في بلاغها هذه الرواية، الذي جاء فيه: «على إثر ما تمّ تداوُلهُ بعدد من وسائل الإعلام وبعض الصّفحات بمواقع التواصل الإجتماعي بخصوص رفض أعوان الأمن مواصلة تأمين عرض مسرحي بمهرجان صفاقس الدّولي يوم 07 أوت 2022، تنفي وزارة الدّاخليّة ما تمّ تداوُلهُ وتؤكّد أنه تمّ تأمين العرض المذكور منذ بدايته إلى حين خروج الجماهير كما تمّ مرافقة عارض المسرحيّة إلى مقرّ إقامته بأحد النزل إثر نهاية العرض».
وأرجعت وزارة الداخلية أسباب هذه الحادثة إلى «أنّ المسرحي المذكور قام بحركة لا أخلاقيّة تجاه أعوان الأمن خلال العرض المذكور ممّا تسبّب في حالة تشنج في صفوف بعض الأمنيّين المكلفين بتأمين مختلف فعاليات مهرجان صفاقس الدّولي، وبتدخل المسؤولين تمّ تهدئة الأوضاع ومواصلة العرض في ظروف عادية».
وأكدت الوزارة «فتح محضر بحث عدلي حول حيثيّات الواقعة، كما تمّ فتح بحث إداري لدى مصالح وزارة الدّاخليّة حول الموضوع والتزامها بحرّية الرّأي والتعبير في نطاق ما يُخوّلهُ القانون والنصُوص الترتيبيّة الجاري العمل بها».
ولئن كان من المفترض أن يقدم لطفي العبدلي عرضا في مهرجان عروس البحر بقرقنة، فقد عبرت كل من النقابة الأساسية بمنطقة الأمن الوطني والنيابة النقابية للحماية المدنية بقرقنة عن مقاطعتهما التامة لتأمين العرض. وجاء في بيانها: «من هنا فصاعدا أي عرض فني سيمس من الذوق العام سننسحب منه وسنرفض تأمينه ولن نقبل أن نكون طرفا في أي جريمة أخلاقية».
فهل أصبح الأمن وصيا على الفن وهل يملك الشرعية والأهلية لتقييم العروض بدعوى الحفاظ على الذوق العام ؟
وفي المنستير تم إلغاء عرض «حسين في بيكين» لمقداد السهيلي بدعوى إساءته للزعيم حبيب بورقيبة في تصريح إعلامي سابق.
إن الفن اليوم أصبح في مواجهة مزدوجة مع ديكتاتورية الأمن وديكتاتورية الجمهور. وهو ما يستدعي تفكيرا وتدبرا وإعادة خلط الأوراق.
المهرجانات الصيفية: عبث الفوضى !
- بقلم ليلى بورقعة
- 12:06 09/08/2022
- 1067 عدد المشاهدات
في رقصة «الديك الذبيح» حاولت المهرجانات الصيفية هذا العام إيجاد التوازن بين ميزانية محدودة وبرمجة محترمة. لم تكن المعادلة سهلة بين سهرات تغري شباك التذاكر