بعد تتويجه بجائزة «هوميروس» في تركيا: السياسة تفسد على «أدونيس» غبطة التكريم

كثيرا ما تفوح رائحة السياسية من الجوائز الأدبية، وتتحكم الإيديولوجيات في التتويجات... وبعد فوزه، مؤخرا بجائزة «هوميروس» في تركيا لم يسلم الشاعر السوري

من المحاكمات والانتقادات بسبب العلاقات السياسية بين دمشق وأنقرة.
اختارت بلدية إزمير أن يكون أدونيس من بين المكرمين في الدورة الأولى لمهرجان «هوميروس الدولي للفنون الأدبية» . وقد تنقل الشاعر السوري إلى تركيا مؤخرا لنيل هذه الجائزة.
أدونيس: انقسمت الثقافة إلى فضاء للدين وآخر للشعر
عند الإعلان عن ترشيحات جائزة نوبل للآداب في كل عام، يحضر اسم أدونيس في كل مرة بقوة كأبرز المبدعين العرب في مجال الشعر والأدب. لكنه بقيت هذه الجائزة بعيدة عنه، ولم يفز بها بعد نجيب محفوظ سنة 1988 أي شاعر أو كاتب أو روائي عربي.
بعيدا عن نوبل، يتلقى «أدونيس» التكريمات والتتويجات من كل حدب وصوب، وهو الذي في رصيده 25 تكريما واعترافا بمكانته الشعرية ومدونته الفكرية.وآخر هذه إلى جانب 3 مكرمين من تركيا.
وقد ألقى أدونيس كلمة لم تخل من الرمزية التي تطبع شعره، وقد قال فيها:» تكاد الثقافة اليوم في صورتها اللغوية أو الأبجدية في العالم كله، بخاصة في العالم الإسلامي، أن تنشطر إلى فضاءين، فضاء الدين وفضاء الشعر.
لا نرى في فضاء الدين، بخاصة الأوروبي- الأميركي، إلا العنف والحروب تدميراً وإبادة، بطرق وأشكال مختلفة ومتنوعة وعلى جميع الأصعدة.
وفي حين تحيط بهذا كله، احتفاء ودعماً وتمجيداً، مختلف أشكال الإعلام، يقف الشعر وحيداً، مهمشاً، ومتهماً. هكذا يزداد إيغالاً في آفاقه الخاصة في التفات حميم إلى آبائه الأول سائلاً، ماذا على الشعر أن يفعل يا جلجامش؟ وأنت يا هوميروس، قل لنا إلى أين يسافر أحفاد عوليس، وهل سيعودون من هذا السفر، وكيف؟ وإلى أين يعودون؟ وقبل ذلك إلى أين يسافرون؟ ويا فيرجيل، أحببنا شعرك في المنفى، حتى كدنا أن نحب المنفى نفسه».
وهاهو عالمنا الذي نعيش فيه يسيطر عليه فن الطمس والمحو والتهميش لكل ما هو إنساني، حقيقي، كوني، ولا مكان في هذا العالم للذاتية الحرة المستقلة.
بلى، العالم الذي نعيش فيه هو عالم حرب باطنها أشد هولاً من ظاهرها، لأن الباطن تدمير للإنسان من داخل في هويته العميقة ذاتها، أما الظاهر فيتصل بتدمير الحقيقة، وهو ما يعبر عنه الشاعر الإنجليزي كيبلينغ قائلاً، «الحقيقة هي الضحية الأولى في الحرب».
فالحرب في وجهها الحقيقي محو لمبدأ الحقيقة ومحو للشعر، وهي أولاً محو للإنسان. حقاً، ما أخطر اللغة اليوم يا هوميروس!»
المعارضة التركية صاحبة الجائزة
اعتبر أدونيس أنّ جائزة هوميروس التي تمنحها تركيا هي «تجسيد للانفتاح والحوار الخلاق بين الذات والآخر، وللسفر في مجهولات العالم والأشياء، ولوحدة الكائن البشري، فيما وراء اللغات والأعراق والبلدان».
وفي المقابل أحدث قبول أدونيس بهذه الجائزة جدلا ولغطا ما بين سوريا وتركيا وخارجهما... وقد تعرض أدونيس إلى حملات هجوم من مساندي النظام السوري ومعارضيه على حد سواء. ومن بين الاتهامات التي وجهت إليه «تجاهله لمأساة النازحين السوريين الذين يعيشون في الخيم وتورط تركيا في السماح بدخول مسلحين ينتمون إلى داعش إلى سوريا عبر أراضيها...»
من جهة أخرى، قال المدافعون عن أدونيس إنّ المعارضة التركية هي الراعية للمهرجان والجائزة، وهي من قامت بدعوة وتكريم الشاعر السوري أدونيس، وأن رئيس بلدية إزمير المعارض «سردار ساندال” ظهر على التلفزيون مع أدونيس وقال كلاما معاديا لسياسة أردوغان. وقد غطت صحف المعارضة التركية حضور أدونيس واحتفت بتصريحاته المعادية للإسلاميين».
ولعل من أقوال أدونيس التي يمكن أن تكون هي الفيصل في مثل هذا الموقف ، قوله:» «فكر الإنسان لا يولد إلا في تعارض مع فكر إنسان آخر، فإذا لم يكن تعارض، لا يكون فكر، بل يكون تقليد وفي أحسن الحالات شرح وتفسير».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115