في الزمان والمكان دون الحصول على دعم وزارة الشؤون الثقافية. وحتى لا تبقى منظومة المهرجانات في بلادنا عبئا يستنزف الدعم العمومي ويثقل كاهل الوزارة، يأتي تنظيم الندوة الدولية «المهرجانات قاطرة للتنمية» من أجل محاولة الخروج بالمهرجانات من موضع «المستهلك» إلى موقع «المنتج» للثروة.
على امتداد ثلاث أيام (25 و26 و27 ماي 2022) احتضن نزل «البلاص» بضاحية قمرت فعاليات هذه الندوة الدولية التي بادرت بتنظيمها وزارة الشؤون الثقافية تحت إشراف المؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية. وقد حضرها وزير التعليم العالي والبحث العلمي منصف بوكثير وخبراء دوليون. كما ساهم في إثرائها مديرو أشهر المهرجانات الناجحة في العالم.
استئناس بتجارب مقارنة وخبرات وطنية
مع اقتراب موسم المهرجانات الصيفية، يأتي تنظيم ندوة «المهرجانات قاطرة للتنمية» التي اهتمت بالمهرجانات الموسيقية على وجه الخصوص في سياق الواقع الراهن ومتطلبات الراهن.
وقد أشرفت وزيرة الشؤون الثقافية حياة قطاط القرمازي على افتتاح ندوة «المهرجانات قاطرة للتنمية» موضحة أنها تندرج في إطار «تدارس مختلف القضايا المتعلقة بالتسيير الفني والإداري للمهرجانات والتبسط في عرض التجارب الوطنية والدولية في تنظيم التظاهرات الثقافية تصورا وإعدادا وانجازا وتسويقا ... وأضافت الوزيرة أن الغاية من هذه الندوة هي «وضع مقاربة تشاركية تتضمن أبرز آليات تطوير هذا القطاع وسبل تثمين بعده الاقتصادي التنموي. وكذلك الدفع به نحو آفاق جديدة أرحب لخلق الثروة في استفادة من التجارب المقارنة وتبادل الخبرات في هذا المجال، فضلا عن تركيز ثقافة احترام حقوق المؤلف والحقوق المجاورة وجعل حقوق الملكية الأدبية والفنية دافعا للتنمية الثقافية».
وعن قدرة الثقافة على خلق التنمية، أفات الدكتورة حياة قطاط القرمازي بالقول:»فضلا عن أبعادها الفنية والفكرية ودورها الجوهري في الارتقاء بالذوق العام وبناء العقول المتوازنة السليمة فإن للثقافة أدوارا رئيسية تضطلع بها في اقتصاديات الدول المتقدمة باعتبارها أحد الأسس الثابتة في خلق الثروة ورفع نسبة التشغيلية ودفع التنمية وجعل البلاد نقطة جذب وإقبال، وذلك من خلال الصناعات الثقافية وتثمين التراث والحرف والفنون والثقافة السياحية والاقتصاد الثقافي الرقمي...«.
وقد أثارت هذه الندوة على امتداد أيامها الثلاثة النقاشات المثمرة والتساؤلات العميقة حول أدوار المهرجانات الموسيقية وتحدياتها في المستقبل القريب والبعيد في إجماع على ضرورة تطوير أدائها وبرمجتها وتوسيع قاعدة جمهورها بالبحث عن أساليب مبتكرة في الإدارة والتنظيم والتسويق...
المهرجانات: دراسة وتخطيط واستشراف
ما هي صفات المهرجان الناجح؟ وهل يمكن لحياة المهرجان أن تستمر دون دعم الدولة؟ كيف يمكن للمهرجانات أن تنحت هوية خاصة بها وتجعل من هذه الخصوصية مصدر استقطاب للعائدات المالية والتنمية؟ هي بعض الأسئلة من بين الكثير من الهواجس والشواغل التي تم طرحها في الندوة الدولية «المهرجانات قاطرة للتنمية». وفي اليوم الافتتاحي، أشار المدير العام للمؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية يوسف الأشخم إلى أن هذه «الندوة هي مواصلة بحث وتمحيص وأيضا تفعيل لمخرجات و إتمام نهايات مفتوحة للدراسة التي أجرتها المؤسسة سنة 2021 بالتعاون مع برنامج تفنن للإتحاد الأوروبي حول خارطة المهرجانات، تنظيم العلاقة بين المهرجانات والمؤسسة وكيفية رصد المهرجانات و تطويرها...»
وفي استعراض لتاريخ ظهور المهرجانات في سياقها التاريخي وبعدها العالمي أوضح يوسف الأشخم أن المهرجانات قد « انطلقت سنة 1830 في أنقلترا مع الموسيقى الكلاسيكية، و في أمريكا الشمالية انطلقت متأخرة سنة 1967 مع «حركة الهيبي» وموسیقی «البوب» كحركات تعبيرية لجيل شاب ينزع إلى ثقافة مضادة في مقابل الثقافة الرأسمالية السائدة. بعد الحرب العالمية الثانية شهدت الدول الأوروبية حركة مؤسسة للبروبقاندا الثقافية بإحداث المؤسسات التي تعنى بالمبدعين وتدخل الدولة لدعم الإبداع وبعث السياسة الحمائية للمنتج الثقافي المحلي.».
وعن دواعي تنظيم الندوة الدولية «المهرجانات قاطرة للتنمية» صرّح مدير عام المؤسسة يوسف الأشخم بالقول:» تتطلب المهرجانات اليوم الدرس العلمي الدقيق لاستشراف مستقبلها (باعتبار صلتها بالثقافة والهوية)، واستراتيجياتها (باعتبار جدلها مع السياسات وتموقعاتها بالنسبة للمنظومة العالمية)، ومن حيث التخطيط (باعتبارها مشاريع ذات أهداف بالإعتماد على موارد ومقدرات محددة).
بعد اختتام الندوة الدولية «المهرجانات قاطرة للتنمية»، من المنتظر أن يقع تنظيم ندوة مماثلة في شهر سبتمبر المقبل على أن تعقبها منتديات ولقاءات أخرى في إستراتيجية لتحقيق الأهداف القريبة والبعيدة وفق ما أعلنت وزيرة الشؤون الثقافية حتى تصبح الثقافة فعلا محركا للاقتصاد ورافدا من روافد التنمية.
توصيات ومخرجات الندوة
1 - همية التمعن في سياق بعث المهرجانات وإنجاز تصور مسبق عن الرهانات والأهداف حتى يكون لها رجع صدى في المكان والزمان وعلى المدى الطويل.
2 - التجارب الأجنبية لناجحة التي تم استدعائها لم تتحصل على دعم من وزارة الثقافة أو الحكومات في بلدانها.
3 - مزيد توضيح العلاقة بين إدارة المهرجان والسلط المحلية.
4 - بناء علاقة حقيقية مع الشركاء وتصميم برامج مشتركة للمهرجانات مع العامين في قطاع السياحة والصناعات التقليدية ...
5 - يمكن للمندوبيات الجهوية للثقافة أن تلعب دورا هاما في تسهيل التواصل والعلاقات بين المهرجانات والسلط ...
6 - خلق نوع من التنافسية بين المهرجانات سيما التي لها نفس الخصائص والتصنيفات.
7 - دعوة المهرجانات إلى التفكير في إنجاز إنتاجات خاصة بها بالشراكة مع دور الثقافة
8 - اعتبار المؤسسة التونسية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة شريكا فاعلا في تمويل المهرجانات
9 - إنشاء خارطة جيوثقافية لتحديد عدد المهرجانات بكل دقة وإبراز خصوصية كل مهرجان حتى تكون مرجعا للتصنيف والتمويل.
في الندوة الدولية «المهرجانات قاطرة للتنمية»: كيف يمكن للمهرجان أن يتحوّل من «المستهلك» للدعم إلى «المنتج» للثروة؟
- بقلم ليلى بورقعة
- 11:32 28/05/2022
- 1359 عدد المشاهدات
أكثر من 800 مهرجان في تونس يتشابه أغلبها حد الاستنساخ، ويتميز القليل منها ببصمة ذاتية وهوية ذات خصوصية. ولا يمكن لهذه المهرجانات أن تتواصل