من خيبات دراما 2022: السيناريو غير القابل للتطبيق والتصديق !

حزم شهر رمضان حقائبه ورحل... ولملمت الشاشات التونسية أوراقها وإنتاجاتها على أمل العودة في موسم جديد. وبعد حوالي شهر

من الدراما بوجهها الضاحك والباكي، لم يبق في البال سوى بعض العناوين والوجوه أما الباقي فكان كمن يكتب في الماء بلا أثر وتأثير !
لعل من أسباب الإخفاق ومواضع الخيبة في الدراما التونسية 2022 هو فشل السيناريو في ملء الشاشة وجذب اهتمام الناس. باستثناء مسلسل «حرقة 2» الذي حصد الإعجاب والإشادة والتتويج بنصيب الأسد من جوائز رمضان هذا العام، سقطت بقية الأعمال في فخ استسهال الجمع بين التأليف والإخراج في الآن نفسه.
في تعسف على الاختصاصات وتطفل على مهنة السيناريست، غاب عن ذهن البعض أن كاتب السيناريو الناجح هو من يلتقط شخصيات من الحياة، تشبهنا وتتقاطع معنا في أحد الوجوه والمناطق... فيكون السيناريو أقرب إلى الحقيقة منه إلى الخيال . وحتى إن لم يكن السيناريو يمت إلى الواقع بصلة فيكفي أن يكون قابلا للتصديق أو التطبيق لا مجرد ضرب من ضروب الوهم والضحك على الذقون !
وحتى لا تكون كاميرا الإخراج مقبرة للسيناريو على المخرج أن يكون قادرا على سرد القصة في خط مستقيم ومقنع يربط الشخصيات والأحداث بوشيجة من التناغم والتواصل من الحلقة الأولى إلى الأخيرة. ولكن حدث في هذا الموسم الدرامي، أن عبث المخرج سامي الفهري بسيناريو «براءة» حد السخرية المثيرة للشفقة.
وفي «فوندو» بدت المخرجة سوسن الجمني وكأنها كانت تتلذذ بقتل شخصياتها في كل حلقة كما كان «مراد الثالث» في رائعة الحبيب بولعراس ينتشي بتعذيب رعيّته ...إنها الجرعة الزائدة من المبالغة حتى لم يعد موت الأبطال يعني كثيرا المتفرجين.
إنّ من يحتكر مهنة المخرج والسيناريست في الوقت نفسه كثيرا ما يكون حاملا لهمّين: همّ السيناريو وهمّ الإخراج فإذا هو يمسك بيد بورق النص المكتوب والحوار المنطوق وباليد الأخرى عدسة الكاميرا ولغة الصورة. فتضيع منه البوصلة وينفرط من بين أصابعه مقود القيادة... فيدخل بنا في متاهة بلا منفذ للخروج ويلوي حول نفسه والمشاهدين حبالا ملتوية من الأحداث «المفبركة» التي لا تصدقها حتى الكاميرا الخفية. لا شك أنّ عديد الروايات التونسية وحتى العربية والعالمية تمثل مصدرا ملهما لاقتباس سيناريو المسلسلات، ولا شك أن الاستعانة بالمختصين واستشارة أهل الذكر كانت ستنفع المخرجين وترتقي بمسلسلاتهم حتى تكون في مستوى انتظارات الجمهور وفي حجم مجهود أشهر من التصوير وإعادة التصوير. فهل سيتعظ صنّاع الدراما من هذا الدرس في مواسم الدراما القادمة؟

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115