وجوه رمضان.. منى نور الدين وميساء ساسي ونور الدين بن عياد: زاد الممثل الصدق ليصنع نجاحه

يترك كل ممثل بصمته في الذاكرة البصرية لمتلقي العمل الدرامي، لكل ممثل وسائله التقنية لإقناع المشاهد بعضهم يعمدون إلى الاستفزاز العاطفي وآخرون

يصنعون من القسوة مطيه للدخول إلى قلوب المتابعين وثالث يعتمد على إكسسوارات مسرحية محددة وبعضهم يفكك الشخصية ويعيد تركيبها وتقمصها حد التماهي، لكل ممثل أسلوبه الخاص في التعامل مع الشخصية والهدف المشترك إقناع المتابعين بقيمة الشخصية ودورها في العمل الدرامي.
في دراما رمضان 2022 نجوم استطاعوا شدّ انتباه المتابعين للأعمال التونسية وتركت شخصياتهم الأثر لدى متابعي الأعمال من نقاد وجمهور ومن بينهم منى نور الدين المتميزة بشخصية «زينة» وميساء ساسي في شخصية «حياة» في الحرقة للاسعد الوسلاتي وعودة نور الدين عياد بشخصية «كلتوس» في «كان ياماكانش» لعبد الحميد بوشناق، ثلاثتهم نجوم اتقنوا أداء شخصياتهم وابدعوا في تقديمها.
منى نور الدين: سيدة الشاشة المتجددة
امرأة شامخة وممثلة عشقت التمثيل واختارته وسيلتها لتدخل قلوب ملايين التونسيين، الجميلة منى نور الدين سيدة الشاشة الصغرى تعود إلى الدراما هذا العام بمشاركتها في مسلسل «الحرقة» بشخصية أداؤها مربك ونصها موجع.
منى نورالدين ابنة فرقة مدينة تونس، الممثلة التي خبرت كل تراب الجمهورية التونسية في عروض الفرقة وجولاتها، منى نور الدين ممثلة لا تكبر قادرة على تحمل الشخصية بكل وجعها والمها النفسي، من يشاهد «الحرقة» سيتساءل كم من «زينة» في هذا الوطن؟ كم من ام ثكلى ثكلها الفقر في ابنها لكنها لازالت تصر على انه حيّ ما لم تر جثته بعد، «خالتي زينة» الصامتة دائما، الجالسة في مكانها تحمل صورا بين يديها، تتكلم قليلا واغلب حوارها السؤال عن ابنها الذي رمى بنفسه الى البحر نقمة على البلاد، خالتي زينة احدى الامهات اللواتي تنتظر عودة ابنها، لازال قلبها يخبرها انه على قيد الحياة، شخصية موجعة، نظرات الانكسار والخوف أتقنت منى نور الدين رسمها على محياها لتبدو للمشاهد صادقة وحقيقية.
«خالتي زينة» في مسلسل الحرقة أنموذج عن امهات كثر، أمهات ما يزيد عن الخمسة آلاف شاب اختار البحر طريقه حالما بالجنة في الضفة الأخرى، اغلب الامهات يلتجئن الى سلاح النسيان ليواصلن الحياة، الا خالتي زينة يظل الشوق جمرة ملتهبة دائما وتنتظر ابنها يوميا «الساعة السابعة مساءا»، شخصية موجعة اتقنت منى الدين تقديمها، برعت في دور الام المنهكة نفسيا بالانتظار، انتظار موجع كما انتظار «غودو» هي ايضا تنتظر المجهول، تنتظر عودة ابن راسمة نظرة خوف وبعض كلمات الأمل «نعرفو قلبو كاسح ما يخافش».
منى نور الدين في شخصيتها الجديدة، صادقة ومقنعة،ممثلة تعرف جيدا قيمة الكلمة والنظرة، تتقن توزيع مشاعرها لتقنع المشاهد بأمومتها، شخصية مختلفة عن شخصية «الام» في أعمالها الأخرى التي تميزت اغلبها بالقوة والجبروت، خالتي زينة «ام صابر» تختلف كثيرا عن «ام عبد المجيد» في «قمرة سيدي المحروس» تتقاطع مع «امك عروسية» في مسلسل منامة عروسية، تختلف عن أمي فاطمة في «شوفلي حل» الذي يرافق المائدة الرمضانية والعائلة التونسية منذ اعوام، و دور الأم في نسيبتي العزيزة بأجزائها الكثيرة و «منانة» في الخطاب عالباب، شخصية الأم ليست بجديدة على الممثلة لكن متمماتها التمثيلية وقراءتها النفسية للشخصية هو الجدي.
تجربة أخرى ومختلفة تضاف لزاد فني وإبداعي طويل لممثلة عشقت التمثيل فنجحت في المسرح وتميزت بشخصية «دوجة» في الماريشال وأبدعت في نصوص شكسبير ولفتت انتباه متابعي المسرح في «صقر قريش» و»عرس الدم» و»مجنون ليلى» و»كاليغولا» و»الليل زاهي» ونحتت اسمها في رحاب الفن الرابع بالكثير من الحب والاجتهاد، والسينما أحبتها لتتألق في «يا سلطان المدينة» و»السامية» و»موسم الرجال» وفي الدراما لها رصيد إبداعي وتمثيلي محفور في ذاكرة متابعي الاعمال التونسية من «غادة» الى «امواج» و»الخطاب عالباب» ومنامة عروسية» وصولا الى «دار الوزير» و»ليلة الشكّ» و»دار نانا» وأصبحت منى نور الدين إيقونة إبداعية تونسية وسيدة الشاشة دون منازع.
ميساء ساسي: أداؤها مربك التمثيلي
شدت انتباه متابعي مسلسل «الحرقة» منذ حلقته الأولى بشخصية حياة، الممثلة الشابة ميساء ساسي تجسد شخصية امرأة تكبر عن عمرها الحقيقي، ميساء الشخص امرأة مرحة وخفيفة الظل أما الشخصية فكانت مكبلة بقيود الخوف والفقر، منكسرة، خانعة للظلم المجتمعي والتهميش، تعمل ساعاتها الطوال بصمت، وفي الوقت ذاته قوية مصرة على إتمام ابنها لدراسته، تحفزه لينجح «نحس بالفرحة كيف يقولو لد حياة جاب امتياز».
الممثلة تجسد شخصية الام العاملة في مصب للفضلات، ام تحاول جاهدة مقاومة شبح الفقر لإعالة وحيدها، ترهق نفسها بالاسئلة عن الحياة وتحمله معها الى المصب متحملة اسئلته البريئة والموجعة عن فضاء اخر غير «الزبلة»، امّ تحفر في صخر الفقر والعدمية لتصنع من وحيدها تلميذا ناجحا وانموذجا يحترمه الاخر، شخصية قريبة من الكثير من التونسيات، لامس وجعها الكثيرات ممن يعاندن الحياة ويحولن ظلمتها الى فرحة من خلال مشهد الزغاريد وتوزيع الحلويات وسط مصب النفايات بعد تميز ابنها في الدراسة، هو المشهد الوحيد المفرح طيلة الحلقات السابقة من العمل.
«حياة» انموذج عن النساء الكادحات الصادقات، هي إشارة إلى اللواتي يبحثن عن انسانيتهنّ بالعمل، نساء فقيرات يؤمن بدور التعليم في التغيير فيشجعن ابناؤهنّ، شخصية حياة أنموذج يحتذى به في صبرها وعنادها للحفاظ على تدريس وحيدها، شخصية تخترق قلب المشاهد ليتعاطف مع وجعها، شخصية مؤلمة نجحت ميساء ساسي في التحكم في عوالمها، لبستها وتماهت معها حدّ الصدق فبدت حقيقية وكانها لا تجسد شخصية تلفزية.
ميساء ساسي تخوض تجربتها التلفزية الأولى وأكدت أنها ممثلة قادرة على النجاح وهي العالمة بخبايا الشخصيات المسرحية والقادرة على الانتقال بينها ببراعة، ممثلة سبق وان تألقت في أعمال مسرحية مثل «بيادق» و»دوالب» إخراج يووسف مارس ومتحصلة على جائزة أحسن ممثلة بأدائها في «القبلة» إخراج منير العرقي، ميساء ساسي تشبه ذاك البرعم الأخضر الذي بدأت زهراته تتفتح تدريجيا فيمتع العين ويسعد القلب كذلك أداء الممثلة في مسلسل قالت انه «انهكها نفسيا ومشاهد المصب كانت متعبة نفسيا كثيرا».
نور الدين بن عياد: فنان يتقن جيدا تقنيات الكوميديا
عرفه التونسيون في سنوات التسعينات وبداية الالفينيات، ممثل كوميدي قادر على سرقة الضحكة من المتفرج، الممثل الكوميدي نور الدين بن عياد يعود إلى الدراما الرمضانية هذا العام بمشاركته في مسلسل «كان يا ماكانش» للمخرج عبد الحميد بوشناق، بشخصية القرصان «كلتوس»، شخصية مختلفة تجمع الهزل والجدّ، قرصان لا يعرف خبايا البحر ولا يحسن التعامل معه، يبحث عن الكنز المفقود بمساعدة أبنائه «حبق» و»ياقونة»، كليشيهات مضحكة بين الثلاثة، في المشاهد التي ظهر فيها بن عياد كان متحكما في الحوار، سيد المشهد يراوغ محاوره لينتقل من الهزل الى الجدّ وهي طريقة نور الدين بن عياد في أعماله الكثيرة، تلك شخصيته التمثيلية العارف بجزئياتها ونقاط القوة فيها.
نور الدين بن عياد من نجوم الكوميديا التونسية، نجوم تناستهم التلفزة في الأعوام الأخيرة لكن «السكاتشات» التي قدمها ظلت محفورة في ذاكرة التونسيين مثل «مسمار مصدد» و»حديقة الحيوانات» و»الكار الصفراء» وغيرها من السكاتشات التي نقدت الواقع المجتمعي في تلك الفترة، في «كان يا ماكنش» تميز بن عياد وأعاد صورته الجميلة لمحبيه من متابعي المسلسلات القديمة وكان أجمل المشاهد كان الحوار الثنائي مع رفيق التجربة الكوميدية المنجي العوني، مشهد «كلتوس» و»ساطور» يقدمون جنيريك برنامج نجيب الخطاب كان الأصدق مشهد جمع قطبين من أقطاب الكوميديا تناستهم التلفزة لكنهم رسخوا في ذاكرة المتلقي.
نور الدين بن عياد ممثل تونسي عرفه جمهور الدراما في مسلسل «العاصفة» و»خاطيني» و»غادة» و»يوميات منور» و»الاستاذة ملاك» ولعل ابرز الشخصيات واشهرها سي حمودة في سلسلة «جاري يا حمودة» تجربة ثرية للمثل يتقن جيدا تقنيات فن الكوميديا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115