السبب الأول: أن الله -تعالى ذكره- ذَكَرَ في الحديث القدسي أن هذه الآيات الأربع تحتوي على الثناء عليه:
حيث قال: ((إذا قال العبد {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} قال اللَّه تعالى: حمدنى عبدى، وإذا قال {الرحمن الرحيم} قال اللَّه تعالى: أثنى علي عبدى، وإذا قال {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قال: مجدنى عبدى)) رواه مسلم.
السبب الثاني: أن الله اختارها لتكون مقدمة كتابه في التعريف به والثناء على نفسه –جلَّ ذكره-، ومنها يتعلم عبده كيف يُثْني عليه من خلال هذه الآيات، وحسبك بذلك، فهذا خطيب الأولين والآخرين، سيد الفصحاء، وإمام البلغاء، لمّا سمع حمد الله لنفسه، ومدحه سبحانه لحقّه، علِمَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن تقاصر اللسان أليق به فى هذه الحالة فقال: ((لا أحصى ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك)) رواه مسلم.
داوود لو سمعتْ أذناه قالتها ... لما ترنّم بالألحان داوود
السبب الثالث: لأن الله -تعالى ذكره- ذكر في نصفها الأول ستة أسماء هي أصول أسمائه جل في علاه، وقابلها في نصفها الثاني بستة أحوال للعبد:
أما أسماؤه الستة المذكورة في (الفاتحة) فترجع جميع الأسماء الحسنى والصفات العلى إليها:
الاسم الأول: (الله): ورد هذا الاسم في الآية الأولى (البسملة) وترجع إليه جميع الأسماء، ومنها أسماء الإلهية الحقة كالواحد الأحد.
الاسم الثاني، والاسم الثالث: الرحمن الرحيم: ورد هذان الاسمان مرتين في البسملة وفي الآية الثالثة.
وترجع إليهما جميع أسماء الرحمة واللطف: كاللطيف الحليم الودود الروؤف الوهاب الرزاق، والغفار والغفور.
الاسم الرابع: رب العالمين (الرب): ورد هذا الاسم العظيم في الآية الثانية في قوله تعالى {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2]، وترجع إليه جميع أسماء التربية: رحمة ورفقاً ووداً، وحزماً وقوة، وحكمة وخبرة وعلماً.
الاسم الخامس والسادس: {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، و{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة:4] على القراءتين: وترجع إليه جميع أسماء الحكم والقوة والقهر والفصل كالعظيم والكبير والمتعال والقهار والجبار، والفعال لما يريد.
يتبع