فيلم «حمام سخن» لـ منال خالد ضمن المهرجان الدولي لأفلام حقوق الانسان: الثورة المصرية بعيون وقصص نسائية

النساء مانحات للقوة، النساء هن الوحيدات القادرات على افتكاك حقوقهنّ وفي الدورة السابعة لأفلام حقوق الإنسان انتصرت السينما للمراة،

وكان أكثر من فيلم إما من تصور نساء او موضوعه المرأة لابراز محنتها وقدرتها على النهوض من رمادها في كامل أرجاء البسيطة، فالمرأة قوية بالفطرة وذكية بالفطرة هكذا هي المراة عند المخرجة منال خالد في فيلم «حمام سخن».
اهدي الفيلم إلى كل امرأة تحلم بحياة أفضل، هو عبارة عن ثلاث قصص شخصياتها منفصلة جغرافيا لكنهن يشتركن في المبدإوصفات القوة والدفاع عن حقهنّ في حياة افضل، هو هدية لكل النساء المساهمات في الثورة المصرية اللواتي تحملن عنف البوليس وجبروت النظام. الفيلم بطولة ريم حجاب ونعمة محسن ومنى مختار وفرح ماجد ومنى هلا وحبيبة عفت ورجوى حامد ومن إخراج منال خالد.
النساء سيدات الفيلم فكرة واخراجا
تدور أحداث الفيلم يوم 25جانفي 2011 في يوم طويل عاشته الشخصيات بمختلف انتماءاتها الاجتماعية، يوم بائس على الكادحين «يا رب هاخذ الميترو، أو اركب نقل، لا الظاهر حاخذ تاكس» كما تقول أم فرح محدثة نفسها بعد مشاهدة احداث العنف في الشوارع المصرية، متذكرة فاتورة الماء وخلاص الايجار وما يثقل كل امراة تعيل بيتها.
فيلم «حمام ساخن» حكاياته نساء، فيلم قائم على ثلاث قصص تختلف شخصياتها وحكاياتها لكنها تشترك في الفقر والحلم بغد ووطن أجمل، جميعهن تعانين من التهميش لكنها تحاول اثبات ذاتها بطرق مختلفة، ثلاث قصص اثثتها نسوة، نساء بسيطات ساهمن في انجاح الثورة في مصر فاهدت اليهنّ المخرجة فيلمها.
القصة الأولى بطلتها امراة تهرب من البوليس أثناء إحدى المظاهرات وتدخل فجأة إلى محل لتصليح الهواتف الجوالة ومن حسن الحظّ انه صاحب المحل مصري «جدع» سمح لها بالاختباء داخل محله، وبقيت المرأة طيلة الليلة الفاصلة بين 24 و25 جانفي، امراة وأم تترك طفلها الصغير وقد خرجت للمطالبة بالتغيير دون مهابة العنف او الموت سرقت بشجاعتها احترام الآخر «الرجل» الجالس في محله طيلة اليوم يشاهد الأفلام الكوميدية، امرأة لها نماذج عديدة في المجتمع المصري وقبله التونسي اذ كانت المراة التونسية اول المشاركات في الحركات الاحتجاجية والداعمة لها كذلك في مصر لتكون ايقونة للجرأة وتحدي المنظومة.
القصة الثانية بطلاتها امرأتين وطفلة، في عمارة شبه مهجورة تقطن نعمة وابنتها فرح، نعمة هي المعيلة الوحيدة لابنتها، تعمل بإحدى المستشفيات وكلما غادرت البيت إلى العمل أغلقت الباب من الخارج وطلبت من الطفلة عدم فتح الباب، تخرج إلى عملها في يوم شهد الكثير من العنف والمظاهرات، يوم 24جانفي 2011، تترك طفلتها، في الخارج امرأة أخرى تجري هاربة من قوات الامن، تختبئ في أول العمارة، يشاهدها الشرطيان وعوض اعتقالها يحبسانها خلف الباب الحديدي بعد إغلاق مزلاجه بالمفتاح، تصعد السيدة الطوابق بحثا عن ساكن يعينها على الخروج فتسمع صوت التلفاز ليحدث حوار بين الطفلة فرح والسيدة الاخرى، كلتاهما تحكي للأخرى قصة وجودها في ذاك المكان تولد علاقة تواصل بين المراة الهاربة من البوليس والطفلة الهاربة من شبح الوحدة، كلتاهما تنصت الى أصوات المحتجين وتحاول مواساة ذاتها والثبات.
بين طفلة لم تتجاوز العاشرة وامراة بلغت الخمسين سنوات طويلة لكن جمعها صوت المتظاهرين وشبح الخوف من المجهول فكانت كل واحدة تمثل الدعم النفسي للاخرى، وكان بالمخرجة تؤكد ان الانثى قادرة على تحمل المسؤولية ايّا كان عمرها، فالانثى امراة كانت او طفلة خلقت بفطرة القوة والذكاء وهما صفتان تتشاركانها الطفلة والسيدة، الكاميرا تنقل ملامح الوجه، تحمل المتفرج الى عوالمهنّ ليرى الثورة من عين اخرى، ثورة الحالمين والكادحين والباحثين عن مكان في وطنهم.
القصة الثالثة التي استوحى منها اسم الفيلم تدور أحداثها في حمام نسائي، إثناء المظاهرات يقبض رجال البوليس على سيدتين تشاركان في المظاهرات، يقتدنهنّ عندوة الى اقرب مكان ويريمنهنّ وسط الحمام مع احكام اقفال الابواب، داخل الحمام حياة نسوية اخرى، حياة نساء يحلمن بالجمال والمال، لكن في الوقت ذاته يشاركن في الثورة بطريقتهنّ.
في الازقة الخلفية توجد ملايين القصص
«حمام سخن» فيلم جريء يوثق للثورة المصرية بأعين نسائية وحكايات نسوية، فيلم تدور أحداثه في الشوارع الخلفية للقاهرة، الشوارع التي لا يشاهدها المتفرج في الإعلام الرسمي ، تلك الشوارع التي شهدت الكثير من أحداث العنف حملت إليها منال خالد جمهور السينما ليتعرّف اليها، ليكتشف بشاعة الفقر ومدى نضالات المواطنين لواصلوا الحياة، إيقاع الفيلم متسارع وكانّه عملية إنصات لدقات قلب امرأة تقبل على الحياة، الألوان الصفراء الداكنة، الأبواب المشققة والنوافذ شبه المحطّمة، اصوات وهتافات تسمعها دون مشاهدتها، صور للفقر والتهميش تتحسسها كاميرا منال خالد لتنقلها في فيلم يكاد يعزف كسيفونية للفقر والثورة.
تنصت المخرجة لحكايا المهمّشين، تحمل الكاميرا لتتجول في الشوارع الخلفية والازقة الضيقة، تطلق العنان للحقيقة لتخرج دون تجميل، كل تلك الالوان المؤلمة حقيقية، فيلم يجمع التسجيلي والروائي تميزت في المزج بينهما امراة شاركت في الثورة وكانت احدى رموزها، امراة عرفت ان في الخلف توجد القصص الحقيقية، يوجد مواطنين من درجات ثانية محتجزين خلف حاجز التهميش والفقر ينتظرون مساحة من الامل، الى تلك الازقة توجهت منال خالد لتنقل لجمهور السينما فيلما روائيا انسانيا ينحاز للمراة والوطن، فيلم يستشرف الامل وفي الوقت ذاته يؤكد ان المراة سرّ كل الجمال الموجود في العالم، فهي صانعة الثورات وواهبة الحب.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115