منبــــر: مراجعة كتاب تاريخ الذاكرة: أوجاع الذاكرة وعلاجات التاريخ

بقلم الأستاذ حسام الدين شاشية،
مؤرخ كلية العلوم الانسانية والاجتماعية بتونس

«تاريخ الذاكرة: أوجاع الذاكرة وعلاجات التاريخ»، هو كتاب جماعي، تحت إشراف الأستاذ الحبيب القزدغلي، شارك في تأليفه اثنى عشر كاتبًا من تونس، فرنسا، ألمانيا، المجر وصربيا . وهو مكون من 58 صفحة باللغة العربية و247 صفحة باللغة الفرنسية، أي إجمالاً 305 صفحة، وصادر في تونس (نوفمبر 2021) عن مخبر التراث بكلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة ومكتب التعاون الأكاديمي التابع لمؤسسة روزا لوكسمبورغ.

الكتاب أساسًا جمع لعدد هام من المساهمات التي قُدمت في إطار ندوة الدكتوراه حول موضوع تاريخ الذاكرة. ولا أظن أن اختيار الموضوع قد كان بشكل اعتباطي أو لم يكن وليد سياقات الزمن الحاضر، مع أن موضوع التاريخ والذاكرة، يبقى وسيبقى دائمًا موضوعًا مُغريًا . جاء تنظيم هذه الندوة في تونس ما بعد 2011، «تونس السكرانة» على حد عبارة حسن بن عثمان أو تونس الانفلات الأمني والاجتماعي... وما يهمنا هنا الانفلات التاريخي، حيث أصبح التاريخ والذاكرة موضوعًا لا فقط للمؤرخين، بل تقريبًا للجميع، وخصوصًا للسياسيين، كُلٌ يستحضر السردية التي تخدم توجهه وأهدافه السياسية.
الكتاب في جزء هام منه، وخصوصًا في القسم العربي، الذي أمنه الأساتذة الحبيب القزدغلي وخالد عبيد والراحلة نورة البورصالي عالج هذه المسألة وعبر عنها بشكل واضح ومُباشر. ربما ما كان المؤرخون بعد 2011، ليهتموا كثيرًا بما يقال على شبكات التواصل الاجتماعي حول مهنتهم، وما أنتجوه، خصوصًا فيما يتعلق بتاريخ الحركة الوطنية، حيث أن أول درس يتعلمه المؤرخ هو أن الزمن كفيلٌ بكل شيء، وخصوصًا بتلك «الهوجات» أو الحملات التي تذهب بسرعة كالدخان في الهواء. لكن الأمر تجاوز كل هذا إلى مُؤسسة دستورية هي «هيئة الحقيقة والكرامة»، التي نست أو تناست الهدف من وضعها، أي أساسًا مصالحة التونسيين مع أنفسهم ومع تاريخهم، إلى الادعاء بأنها تُعيد كتابة تاريخ تونس من خلال «الفتوحات الأرشيفية» التي أنجزتها.

وردت في الكتاب ثلاث مساهمات سعت للإجابة على هذه المقولات. وثلاثتها أبرزت أن التاريخ أو كتابة التاريخ لا يمكن أن يكون على النهج الذي تريدهُ هيئة الحقيقة والكرامة . سعت الراحلة نورة البورصالي الأستاذة والعضوة المستقيلة من هيئة الحقيقة والكرامة المعنونة بـ: «العدالة الإنتقالية ومسألة إعادة قراءة التاريخ»، الى تفكيك العلاقة بين الذاكرة والتاريخ في مستوى تعاطي هيئة الحقيقة والكرامة. حيث بينت أن القانون المنظم لهذه الهيئة لم يُشر ولو مرة واحدة لكلمة «تاريخ»، كما انتقدت الأخيرة غياب حضور أي مؤرخ في هذه الهيئة، وهو ربما ما جعلها تسقط في ذلك المنزلق الخطير، فعوض أن تبني لمسار مصالحة جميع التونسيين مع تاريخهم، فقد خلقت أو عمقت كما وجدنا في عنوان هذا الكتاب «أوجاع الذاكرة»، فلا الجلاد ولا الضحية استطاعا القيام بعملية التجاوز. قدمت المرحومة البورصالي رؤيتها للدور الذي يمكن أن تلعبه الهيئة معتبرة أن من اجبها العمل على : «مصالحة التونسيين مع تاريخهم و تقديم اقتراحات غايتها فهم أعمق للأحداث والوقائع التي طبعت المرحلة الممتدة ما بين جويلية 1955 وديسمبر 2013 والتطلع لاستيعاب السياق العام لما جرى إبان تلك الحقبة لتجاوز الآثار السلبية الناجمة عما عرفته المرحلة من أحداث أليمة ولكي لا يعيد التاريخ نفسه». أما الأستاذ خالد عبيد فقد أكد في بحثه الموسوم : «إعادة كتابة التاريخ أو المغالطة الكبرى: للتاريخ رجال يحمونه»، وهو نفس التوجه الذي سار فيه البيان الجماعي الذي أصدره عدد من المؤرخين بجريدة المغرب بتاريخ 10 أفريل 2017 ، أن «المؤرخين لا يشتغلون تحت الطلب»، ولا يقودهم عند تدوينهم للماضي الأهواء والانتماءات سواء كانت دينية، سياسية أو إيديولوجية، بل إن نبراسهم أو منارتهم الوحيدة هو مناهج البحث التاريخي. كذلك تم التأكيد على أن الاشتغال حول تاريخ وذاكرة الحركة الوطنية ليس بالأمر الطارئ والجديد كما صورت الهيئة، بل هو أضحى منذ ما لا يقل عن ثلاثين سنة من تقاليد البحث في الجامعة التونسية.

هذه الدعوة، أو الرؤية يبدو أنها لم تجد قبولاً وقد تكون أعمال هذه الهيئة والنهج الذي اتخذته قد عمقت وزادت في التهاب جرح الذاكرة كما بين ذلك الأستاذ القزدغلي في مساهمته الفردية «ملاحظات أولية من وحي جلسة مجلس نواب الشعب لمطالبة فرنسا بالاعتذار: أوجاع الذاكرة وعلاجات التاريخ». يُبين الأستاذ القزدغلي أن مشروع لائحة اللوم المقدمة من طرف سياسي إسلامي متشدد هو تعبير عن «أوجاع الذاكرة ومحاولة عبثية لفرض سردية مضادة»، أو هو تعبير فاضح عن الاستعمال السياسي الكريه للتاريخ والذاكرة الوطنية. فمن قدموا لائحة اللوم وكما كشفت جلسة النقاش، لم يكونوا يهدفون إلى العمل على خلق حالة سوية أو يحاولون من منظورهم السياسي تجاوز الحقبة الاستعمارية، بل كانوا يهدفون إلى استعمال ذلك الحدث التاريخي (أي الحقبة الاستعمارية) لضرب خصومهم السياسيين، وفرض سردية جديدة. ويرى المؤلف أن هذا السلوك يعبر عن: «...شعبوية تقوم على دغدغة المشاعر وتوظيف الأحداث وانتقائها للبحث عن مشروعية وتموقع سياسي حالي» وأن «هذا السلوك لن ينتج إلا حروب ذاكرات وهي في تماس مع حروب الهويات التي لن تخلف إذا لم يقع وضع حد لها إلا حروب أهلية». ونفس الأمر تم التأكيد عليه أيضا في المقال المشترك بين الأستاذ القزدغلي و الأستاذة كوليت زيتنيكي(فرنسا)، حين اعتبرا أن ما ينتجه الضحايا أو الفاعلون عمومًا ليس تاريخًا بل هي شهادات تاريخية، لها منطقها الخاص في الإعلاء والإقصاء أو التذكر والنسيان، وأن كتابة التاريخ لا تتم فقط وحصرًا عبر هذه الشهادات، وإلا فإننا سنخلق نوعًا من الذاكرة الجريحة أو المعطوبة، فالوصول إلى ذاكرة سوية مُتصالحة مع ماضيها فيما يخص الفترة الاستعمارية، لا يمكن أن يتم إلا عبر البحث التاريخي الرصين والجاد، وهنا يصبح التاريخ علاجًا للذاكرة. وكما يختم المؤلفان: «...الكتابة التاريخية المُشتركة والهادئة حول هذه اللحظات المؤلمة، التي يقدمها المؤرخات والمؤرخون المنتمون إلى ضفتي المتوسط، هي الشرط الضروري لبناء معرفة مشتركة وذاكرة مشتركة ومستقبل مشترك بين شعوب شهدت في تاريخها تألب أحدها على الآخر».

كما يتناول الكتاب موضوع «حرب الذاكرات» أو الصراع على الذاكرة، حيث يبين لنا الباحث إدريس العباسي كيف أن الدولة الوطنية كذلك، وتحديدًا في شخص بورقيبة قد مارست محاولة التلاعب بالتاريخ والذاكرة، وأن بورقيبة كان يعي جيدًا ويستعمل التاريخ في خطابه السياسي كوسيلة للحكم. يدعم الأستاذ القزدغلي في مقاله المعنون «في الذكرى الخامسة والثلاثين لرحيل الطاهر بن عمار(1889-1985): رفع الحجر عن الذاكرة واالدخول إلى التاريخ»، هذا التحليل من خلال مثال الإقصاء أو التهميش التاريخي لرئيس الحكومة الأسبق أو الوزير الأكبر الطاهر بن عمار الذي وقّع على معاهدة الاستقلال الداخلي في 03 جوان 1955 و بروتكول استقلال 20 مارس 1956، حيث تم في البداية إقصاؤه سياسيًا، ثم تاريخيًا، ولم يتم إبراز الأدوار التي لعبها، فلم يكن من ضمن زعماء الصف الأول في السردية الوطنية الرسمية أو السردية البورقيبية. تتوافق بداية إعادة الاعتبار لبن عمار، مع «بزوغ فجر السابع من نوفمبر»، الذي أراد أن يبني سردية جديدة، متمايزة عن سردية بورقيبة، فالاستحضار التاريخي لأولئك الزعماء المغضوب عليهم زمن بورقيبة لم يكن يهدف لعلاج الذاكرة الوطنية، بل كان لهُ غايات سياسية لا تختلف عن غايات من سبقوه ولا عن ممارساتهم، أي ضمن الذاكرة المصلحية، القائمة على الانتقاء والتناسي، كما تم أيضامن خلال محاولة تحجيم الدور الوطني لبورقيبة وحضوره الرمزي في شوارع وساحات البلاد.

بالإضافة إلى مثال الطاهر بن عمار، يقدم لنا الكتاب مثالين آخرين عن كيفية تعامل الدولة الوطنية مع تاريخ البلاد الاستعماري. الأول يتعلق بذكرى الجنود التونسيين الذين حاربوا مع فرنسا طوعًا أو كرهًا خلال «حروبها»، وكذلك الأمر بالنسبة لذكرى الـ 155 شخصا من اليهود، الماسونيين والاشتراكيين وغيرهم الذين أبعدوا من تونس إلى معسكرات ألاعتقال فبالنسبة للفريق الأول وفي إطار تصفية «الإرث الاستعماري،» تمت إزالة النصب التذكارية التي وضعت تخليدا لمساهماتهم، ليلفهم بذلك النسيان وربما حتى الإيحاء بالعمالة، وهو نفس النسيان الذي لف الفريق الثاني، ربما لأن المُبعدين، لم يكن لهم أو لم يرد أن يكون لهم حضور في دولة الاستقلال. وهو الأمر الذي تضاعف بالنسبة لليهود كما تبين ذلك السيدة Danielle Laguillon Hentati، في مقالها المعنون: ذاكرة الإبعاد من تونس (1940-1943): من النسيان إلى التاريخ؟»، حيث تبين أن إعلان دولة إسرائيل وربما كذلك هزيمة 1967 قد جعلا من التعاطف مع المبعدين من اخر أولويات التونسيين، الذين وبالإضافة إلى كل ذلك مازالوا في غالبيتهم لا يعتبرون التاريخ اليهودي والمسيحي والوثني جزءًا من تاريخهم الديني والاجتماعي. في نفس الإطار، وبالاعتماد على شهادات الناجين وما نشر من قبل الفاعلين، تقدم لنا Sophie Frield في مقالها المعنون: «قادة الجماعة اليهودية في تونس أمام النازيين»، المزيد من التفاصيل حول وضعية اليهود تحت الحكم الألماني النازي في تونس خلال الحرب العالمية الثانية، حيث وإن تعرض أعداد من اليهود كما بيّنا سابقًا للإبعاد وللإجبار على العمل في محتشدات العمل الإجباري، فقد استطاع قادة الجماعة تجنب الأسوء،

الأمر الذي ساهم فيه كذلك وكما تبين المؤلفة أن الجيش الألماني -وليس القوات الخاصة «أس أس»- هو الذي كان يقود العمليات العسكرية في تونس.
القيمة المُضافة لهذا الكتاب أنهُ لم يشمل فقط المجال والتاريخ التونسي، فنحن لسنا مركز العالم ومحل إبهاره، كما لا ينفك البعض عن ترديده، بل إن الفهم يقوم على المقارنة، أي مقارنة كيف تعاملت شعوب أخرى بعيدة أو قريبة منا مع ذاكرتها وما هي التحولات التي عرفتها؟ في هذا الإطار نجد بحثين لكل من Alain Ruscio عبرمقاله: «مواقع الذاكرة الاستعمارية (والضد-استعمارية) في مدينة باريس» ومقال: «مواقع ذاكرة حرب الاستقلال الجزائرية في مرآة الحراك السلمي الجزائري سنة 2019» لـ Emmanuel Alcaraz. يتابع الباحث روسيو التطور الحاصل في الذاكرة الفرنسية تجاه ماضيها الاستعماري، حيث يلاحظ أنه تم في البداية الاحتفاء وإعلاء ذاكرة القادة السياسيين والعسكريين الذي نشروا علم فرنسا الاستعمارية في مختلف أرجاء العالم من خلال تسميات الأنهج والشوارع والنصب التذكارية ، أما التيار الذي برز حديثًا، أي بداية من سنة 2001، فانه فتح فضاءا جديدا ضمن الذاكرة الاستعمارية لمناهضي الاستعمار من القادة الوطنيين، على غرار بورقيبة والأمير عبد القادر وفرحات حشاد وغيرهم حيث أقيم لهم نصُب أو وقع تسمية شوارع بأسمائهم في العاصمة الفرنسية باريس. بيد أن هذا التحول لا يعني تحقيق فرنسا لمصالحة كاملة وتامة مع ماضيها الاستعماري، فالخطابات اليمينية اليوم تدل على عكس ذلك، كما تدل على أن الطريق لا يزال طويلاً لتحقيق هذه المصالحة والوصول لذاكرة استعمارية سوية. هذا الطريق الطويل، هو نفسه تقريبًا الذي يتحتم على الجزائريين قطعه، خصوصًا وأن البلاد كما يبين الأستاذ ألكاراز تعاني من استعمال مفرط وربما مرضي للذاكرة المتعلقة بفترة الاستعمار، أو كما يسميه الكاتب «شره تذكاري»، خصوصًا فيما يتعلق بمواقع الذاكرة. وهو أمر يدخل -كما هو الأمر في تونس- في إطار ارتكاز نخب الدولة الوطنية في تبرير وصولها للحكم والتمسك به على مشروعية مقاومتها للمستعمر الفرنسي، وبالتالي فإن كل حدث أو موقع أو نصب يذكر بهذا الأمر، هو يدعم بطريقة مباشرة شرعية الحكم، ويُقزم مطالب المعارضين والمنافسين للمشاركة في تسيير شؤون الدولة.

إذا كان ألان روسيو و إيمانوال ألكاراز قد قدما مثالين متناقضين حول التعامل مع الماضي ، فإن غوزتاف كيشكاش (المجر) وستانيسلاف سريطونوفيش (صربيا) ، يُؤكدان أن التعامل السياسي مع الذاكرة، يتغير بتغير الفاعلين والظروف. فالأول يشرح لنا كيف مرت ذاكرة أحداث أكتوبر 1956 في المجر من حالة التهميش أو «الذاكرة الخرساء» أو فقدان الذاكرة الموجه من قبل السلطة الشيوعية الحاكمة حتى سنة 1980، إلى مرحلة استعادة الذاكرة بداية من التاريخ الأخير، في إطار استعمال هذا الحدث من قبل مختلف التيارات المعارضة لضرب شرعية السلطة، ثم بعد سقوط جدار برلين وحتى سنة 2010 أصبح هذا الحدث محل جدل واختلاف، تنامى واستفحل مع وصول اليمين المتطرف للسلطة في المجر بداية من سنة 2010.
نفس هذه النموذج أو المراوحة بين والإعلاء والإقصاء والتمجيد والتهميش، عرفتهُ في صربيا شخصية المناضل القومي غافريلو برينسيب الذي اغتال في مدينة سراييفو في سنة 1914ولي العهد النمساوي. لقد اعتبر هذا الحدث الشرارة الأولى لاندلاع الحرب العالمية الأولى. يعرض علينا المؤلف شطحات

الذاكرة الصربية واليوغسلافية وتقلباتها، حيث وإن اختلف المجتمع حوله في فترة ما بين حربين، أي بين من يعتبره بطلاً قوميًا ومن لا يرى ذلك، فقد تم استعمالهُ خلال فترة الغزو النازي كرمز موحد للمقاومة، وهو نفس الاستعمال الذي تم في فترة ما بعد الحرب، أي في إطار الصراع بين تيتو وستالين، ثم تجدد الاختلاف حول هذه الشخصية من جديد اثر وفاة الزعيم جوزيف بروز تيتو وتفكك يوغسلافيا.

ننهي هذه القراءة من حيث بدأ الكتاب في قسمه الفرنسي، أي بالدراسة النظرية للأستاذة وسيلة سعايدية (جامعة ليون)التي قدمت من خلال مساهمتها نوعًا من المراجعة للعلاقة بين التاريخ والذاكرة، بدايةً من خلال العودة للجذور فيما يتعلق بانطلاق البحث في هذه المسألة، التي تقول أنها ترتبط بالأساس بصدمة الحرب العالمية الثانية وما تركتهُ من أخاديد أو جروح عميقة في مختلف الأطراف المنتصرة والمهزومة، ومختلف الطبقات والمجتمعات. كما ترى أن السبب الثاني هو تلاشي المدن المنجمية في ظل التحول الطاقي النفطي الذي كان يشهده العالم منذ النصف الثاني من القرن العشرين حيث احتل موضوع الذاكرة مكانة مهمة، لكن الباحثة تنبه إلى ضرورة التعامل الحذر مع الذاكرة التي يمكن أن تكون مراوغة، معطوبة أو مريضة، وربما هنا يكمن دور المؤرخ الذي يحاول أن يلعب دور عالم النفس، وطبيب التشريح في تعامله مع ذكريات الشهود وسرديات الشعوب. انه كتاب مُفيد من عديد النواحي، فهو حسب رأيي يؤرخ بدوره لحلقة مهمة في تاريخ ذاكرة التونسيين، وأساسًا تاريخ ذاكرة الحركة الوطنية، كما أنهُ يعد محاولة جادة للكشف عن حيل الذاكرة أو ما يمكن وصفه بالإفراط في استعمال الذاكرة أوالتاريخ، فكل إفراط هو بكل تأكيد غير صحي ويعبر عن حالة مرضية، نبه إليها نيتشه منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر في كتابه «محاسن التاريخ ومساوئه»، عندما قال: «الإفراط في استعمال التاريخ يضر بالإنسان الحي».
ملاحظة: قدمت هذه الورقة في اليوم الدراسي الذي نظمه مخبر التراث بكلية الآداب منوبة يوم الأربعاء 23 فيفري 2022

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115