في تنصيص على دور المثقف في مجتمعه بما هو راع للعدالة وداع للحرية، لذلك لا عجب أن يطلب الفنانون العدل من وزيرة الشؤون الثقافية حياة قطاط القرمازي وهي المرأة المثقفة القادمة من «الألكسو».
لقد كان هذا العتاب الخفي والمعلن بسبب استقبال الوزيرة للمخرج ظافر العابدين والمنتجة درة بوشوشة «احتفاء بنجاحات فيلم «غدوة» وفقا لما ورد في الصفحة الرسمية لوزارة الشؤون الثقافية. وقد تكون الشهرة العربية للممثل ظافر العابدين والمكانة العالمية للمنتجة بوشوشة وهي التي وصلت إلى عضوية «الأوسكار» مبررات كافية لدى الوزيرة ومستشاريها لاستضافة الاثنين، ولكن لم يستسغ كثيرون هذا الاحتفاء بظافر العابدين دون سواه من المخرجين الذي حققت أفلامهم صدى واسعا ونالت جوائز مرموقة.
ويبدو أن وزيرة الشؤون الثقافية، قد تفطنت إلى هذا العتاب وما تبعه من «حزازيات» وحساسيات ، فإذا بها تسعى إلى التدارك باستقبال بقية المخرجين للأفلام الجديدة تباعا. وقد استقبلت ظافر العابدين مخرج «غدوة» ومن بعده مهدي هميلي مخرج «أطياف» وجيلاني السعدي مخرج «عصيان» وجميعهم مخرجون احتفوا بنزول أفلامهم إلى القاعات في الأيام الأخيرة بعد جولة في المهرجانات السينمائية وحصد عدد من التتويجات. ولكن في هذه الفترة أيضا تحتضن القاعات التونسية العروض الأولى لفيلم «معز» لمحمد علي النهدي و«تموت عليه» لحمزة محجوب، إلا أن الوزيرة لم تستقبلهما إلى حد كتابة هذه الأسطر وقد تستقبلهما في الساعات القادمة !
ويمكن تبرير كل هذه الاستقبالات بأنها تكريم لصُنّاع الفن السابع واحتفاء بصدور أحدث الأفلام التونسية ولكن الوزيرة استقبلت أيضا المخرج قيس شقير الذي يعود إخراج فيلمه «مشكي وعاود « إلى سنة 2020. فهل يعني هذا أن الوزيرة سوف تستقبل كل مخرجي الأفلام في السنوات الأخيرة؟ وهل تملك الوقت لاستضافة الجميع وإرضاء الكل؟
إنّ شريعة العدل وسياسة الإنصاف تقتضيان أن تعامل وزيرة الشؤون الثقافية كل القطاعات والفنانين سواسية. ومن هذا المنطلق فهي مطالبة باستقبال المبدعين في المسرح والموسيقى والرقص والفن التشكيلي والكتاب والتراث... وأمام استحالة هذا الأمر، يبدو أنّ الوزيرة قد وضعت نفسها في «مأزق» يصعب الخروج منه بالرغم من افتراض توفر حسن النوايا ونبل الغايات.
وفي الوقت الذي تحلق فيه السينما التونسية نحو المهرجانات العالمية لتعود بالتتويج ، حقق الأدب التونسي على سبيل المثال لا الحصر مؤخرا نجاحات عربية معتبرة حيث كان الروائي المولدي ضوء أول تونسي يفوز بجائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابى بفضل روايته «ثرثرة على ضفة المانش» ولكنه لم يحظى بعد بلقاء الوزيرة التي فتحت بابها لأهل السينما دون سواهم !
قد يكون من الأجدى أن تنظم الوزارة لقاءات مفتوحة لكل قطاع على حدة يحضرها ممثلو النقابات والجمعيات والفنانون والمبدعون لطرح الإشكالات وإيضاح الأولويات لتتعرف الوزيرة عن كثب على حاجيات كل الحقول الإبداعية بصوت المجموعة لا الأفراد. وهو ما من شأنه أن يكون أجدى وأسرع في معالجة أزمات مختلف المجالات الفنية، وأن يرفع عن الوزيرة كل حرج وتأويل بسبب استقبال فلان دون علاّن !؟
في استقبال الوزيرة للمخرج ظافر العابدين: التكريمات لا تأتي فُرادى!
- بقلم ليلى بورقعة
- 10:20 24/02/2022
- 661 عدد المشاهدات
«قضيتنا نحن المثقفين هي الحرية والعقل والعدالة.. دون هذه المفاهيم نفقد دورنا ونتحوّل إلى شهود زور على زماننا» هكذا يقول نصر حامد أبو زيد