على أعتاب «عودة نهائية» كان افتتاح «مسرح الجيب» ليكبر الأمل مع «مستر ميم» وينضج في «الدرس»، ويضرب موعدا مع التميز في «رونديفو» و«عقاب أحد» و«روميو وجوليات»، ويخلّف سؤالا حائرا وأثرا غائرا في «سيكاتريس» و«طروف»، ثم كانت «الهربة» من المسرح إلى السينما !
هو الذي يتنازعه هوى الفن الرابع وعشق الفن السابع، يعمل المخرج غازي الزغباني على إخراج مسرحية جديدة بعنوان «الفيرمة» وفيلم جديد تدور كواليه بين تونس وإيطاليا.
«اللعبة» جديد «الأرتيستو»
إذا كانت لكل فنان شخصية ولكل مخرج بصمة خاصة به لوحده، فإنّ محاولة اقتفاء أثر الهوية الذاتية في الانتاجات المسرحية لفضاء»الأرتيستو» وصاحبه غازي الزغباني تصل بنا حتما إلى افتتان هذا المخرج بـ «مسرح العبث» بكل ما يحمله من تمرد ورجّة وثورة عل السائد.
وبفضل نصه الخالد «الخادمات»، تم تصنيف الروائي والمسرحي الفرنسي «جون جونيه» بأنه واحد من رموز مسرح العبث بلا منازع. وفي اقتباس من هذا النص العالمي يقدم فضاء الأرتيستو سلسلة من العروض الأولى لمسرحية «اللعبة» يومي الجمعة 4 فيفري والسبت 5 فيفري 2022 على الساعة السابعة مساء.
وفي تتويج لمجهود 10 أشهر وحوالي 400 ساعة من التدريب التطبيقي على فنون المسرح والركح، كانت ثمرة ورشة الممثل بفضاء الأرتيستو إنتاج مسرحية «اللعبة» من إخراج غازي الزغباني وفي بطولة لأميمة مولاوي وفرح تعريت وسناء بريري.
وفي تقديمه لهذا العمل المسرحي الجديد، قال غازي الزغباني لـ «المغرب» ما يلي:» من المفيد أن ينطلق الوافدون الجدد إلى عالم الفن الرابع من أرضية النصوص العالمية المتكاملة وشخصياتها المدروسة، لهذا كان الاشتغال على نص «الخادمات» للكاتب جون جنيه لاقتباس مسرحية بروح تونسية وبرؤية محلية تنسجم مع الراهن وتعكس الواقع من خلال التطرق إلى موضوع الصراع الطبقي في المجتمعات وما يولده من ضغائن وأحقاد...».
وتدور أحداث «اللعبة» في ورشة خياطة على ملك مصممة أزياء أرستقراطية تمعن هي في إذلال خادمتيها ويمعنان هما في كرهها ... وبعد أن تسببت الخادمتان في الزج بزوج سيدتهما في السجن، تنطلق الاثنتان في التخطيط إلى قتلها. وبينما تمارس الخادمتان لعبتهما المفضلة في تقليد السيدة المتغطرسة تحدث
المفاجأة غير المتوقعة !
وليست «اللعبة» هي الإنتاج الوحيد لورشة الممثل التي يشرف عليها غازي الزغباني وأحمد أمين بن سعد وعماد المي ، بل سيتم في نهاية شهر فيفري الجاري انطلاق العروض الأول لمسرحيتين جديدتين هما: «العذراء والموت» و»الأزواج» في اقتباس من نصوص عالمية لا تنتهي مدة صلوحيتها رغم مرور عشرات بل مئات الأعوام على كتابتها.
«الفيرمة» تعرّي الفساد السياسي
بعد عقود من التمرس على لغة الخشبة والتفنن في تطويع الركح من أجل تقديم مسرحيات تستفز الوعي وتفتش عن الإنسان الأرقى ... قدّم الفنان غازي الزغباني سنة 2020 فيلمه الروائي الطويل «الهربة» نقلا عن مسرحيته التي تحمل العنوان ذاته مع الحفاظ على موضوعها والاحتفاظ بأبطالها. وقد لاقى هذا الفيلم صدى طيبا وشارك في مسابقات أكثر من مهرجان سينمائي.
وبعد «الهربة» يستعد غازي الزغباني إلى تصوير فيلمه الثاني الذي سيتم تصويره بين تونس وإيطاليا ويتحدث عن مهاجر يمارس الملاكمة في إطار الرهانات الرياضية لتصبح هذه الرياضة نوعا من أنواع «القمار» ...
ودون التخلي عن عشق «أب الفنون»، ينطلق المخرج غازي الزغباني قريبا في تمرين مسرحيته الجديدة «الفيرمة»، وعن الملامح العامة لهذا المشروع، أفادنا صاحبه بأنها تتناول قضية الفساد السياسي واستعداد السياسيين لفعل أي شيء من أجل تلميع اسمهم وتبييض صورهم من خلال سرد قصة مسؤول صاحب سلطة يتجرأ على اختطاف ناشطة حقوقية تهدد بشكل أو بآخر سطوته وجبروته وسمعته ...
لاشك أن الفضاءات الثقافية دفعت ثمن القرارات العشوائية التي تسارع بغلق المسارح وقاعات العرض عند كل أزمة صحية مقابل «ترك الحبل على الغارب» في بقية الأماكن العامة المزدحمة أضعاف المرات. وفي هذا السياق تساءل صاحب فضاء الأرتيستو في إنكار: « من المؤلم أن يتم تقديم الثقافة في كل مرة قربانا لتأزم الوضع الصحي بالرغم من احترام كل برتوكولات التباعد والحفاظ عل السلامة. وفي الوقت الذي تجبر فيه الفضاءات الثقافية على تعليق أنشطتها يتواصل الاختلاط والتزاحم في أمكنة أخرى تكتظ بالناس حد الاختناق عل غرار الحانات...فهل المسارح أخطر من «الحانات» عل صحة المواطن ؟