من الحلم والحرية ليكون مرآتها العاكسة والناطقة بكل خفاياها وأسرارها وهواجسها... ويأخذ «مختبر مبدعات من أجل حياة أفضل» بيد النساء من أجل رسم واقع أحسن والتطلع إلى مستقبل أجمل ضمن فلسفة مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف في جعل المسرح فن القرب والممكن للجميع ومن أجل الجميع.
إلى جانب باقة من المختبرات المسرحية والموجهة إلى الأطفال والشباب، أحدث مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف في موسمه الثقافي الجديد « مختبر مبدعات من أجل حياة أفضل» تحت إشراف الدكتور والفنان عادل بوعلاق.
علاج بالفن للمرأة البسيطة والمثقفة على حد سواء
يراهن مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف على التجذر في محيطه واستقطاب مختلف شرائح المجتمع والانفتاح على فئات جديدة إيمانا بقدرة الفن على تغيير واقع الشعوب. وفي هذا السياق يأتي تأسيس « مختبر مبدعات من أجل حياة أفضل» في شراكة مع المجتمع المدني في الجهة وتحديدا جمعية المرأة والتقدم بالكاف.
وعن دواعي بعث هذا المختبر وأهدافه، يقول مدير المركز عماد المديوني : طالما قاد المسرح معارك تنوير العقول وتثقيف المجتمعات ولهذا نسعى إلى إرساء أرضية صلبة لمختبرات مسرحية متنوعة تنفتح على كل الفئات والأجيال والشرائح. وقد جاء فتح المختبر المسرحي الجديد «مبدعات من أجل حياة أفضل» من أجل إفراد المرأة بتكوين يخصها دون غيرها لاسيما المرأة التي تواجه صعوبات على غرار تلك التي تتعرض للعنف بهدف الإدماج والعلاج وتمكينها من الحق في الثقافة ... ويمثل هذا المختبر فرصة لطرح أهم قضايا الفئات الهشة والضعيفة والأكثر عرضة للعنف المادي والرمزي ومعالجتها عن طريق مقاربة تعتمد على الفنون. وذلك ببلورة حلقات تفاعلية لطرح المشكل بآليات جمالية فنية تساعد على التواصل اللفظي وغير اللفظي باستعمال المسرح والغناء للوصول إلى شكل من أشكال المعالجة بالصوت والجسد...».
تحرير للتعبير الصوتي والجسدي
حاملا عوده وأوتاره ومحمّلا بزاده الموسيقي والسوسيولوجي، يشرف الفنان عادل بوعلاق على تأطير «مختبر مبدعات من أجل حياة أفضل» بكثير من الإصرار على تغيير علاقة عشرات النساء بواقعهن وأنفسهن والآخر... وفي بسط لآليات اشتغال هذا المختبر ، أفاد الكتور عادل بوعلاق في تصريح لـ»المغرب» بالقول:» من الرائع أن يجمع الفن نساء من مختلف الأعمار والمستويات الثقافية والحالات الاجتماعية للالتقاء في النهاية عند طريقة التعبير ذاتها. ويضم «مختبر مبدعات من أجل حياة أفضل» حوالي 50 امرأة من شرائح متنوعة على غرار الأستاذة الجامعية وسيدة الأعمال وربة المنزل... وفي هذا المختبر تكريس إلى ما ذهب إليه عالم الاجتماع والطبيب النفسي «مورينو» الذي أسس «السيكودراما» كنوع من العلاج بالفن. ونحن نهدف إلى إزالة الحجب عن التعبير الصوتي/ الجسدي لدى هؤلاء النسوة وتذليل كل العراقيل والعقد النفسية والاجتماعية التي تعيق تحرره، وذلك بتوظيف كل المعارف التي اكتسبتها من خلال دراسة ظاهرة السلوك الصوتي وتدريسها في كل من المعهد العالي للفن المسرحي بتونس والمعهد العالي للموسيقى والمسرح بالكاف والمعهد العالي لعلوم وتقنيات الصحة، قسم تقويم النطق بتونس. ويقوم المختبر أساسا على مساعدة المرأة في الانطلاق من واقعها اليومي والمعيش للتعالي إلى المتخيل عبر الفن ثم العودة إلى هذا الواقع بقوة لفظية ورمزية تعيد تشكيله من جديد. ولأنّ «مختبر مبدعات من أجل حياة أفضل» يقدم معالجة بسيكولوجية وسوسيولوجية للمرأة التي هي نصف المجتمع وأمّ الأجيال القادمة، فأني أعتقد أن هذه البادرة التي ابتكرها مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف جديرة بالتعميم في كل مراكز الفنون الدرامية والركحية بمختلف جهات الجمهورية باعتبارها وسيلة لخلق مجتمع مترابط عبر المعالجة الفنية للصوت والجسد ».
لا يكتفي «مختبر مبدعات من أجل حياة أفضل» بتحرير المرأة من سلطة الخطاب التي عادة ما يحتكرها الرجل وإزالة كل الشوائب والمكبلات عن تعبيرها الصوتي والجسدي انطلاق من غير اللفظي وصولا إلى اللفظي، بل يعمل على تقديم عرض فني في شهر مارس المقبل في سرد لأربع حالات أو حكايات تتحدث عن «سيزيف» وتكرار المحاولات رغم الفشل وعن مرارة الفقد و هجر المكان وأخيرا المصالحة مع الجنس الآخر ليكتمل معنى الحياة. وأكد صاحب «مجموعة أجراس» عادل بوعلاق أن العرض سيكون بإمضاء إبداعات نساء المختبر من سرد وشعر وغناء ورقص...
في فضائه الثقافي الخاص «أيكار» بباب عسل في العاصمة ، يواصل الفنان عادل بوعلاق طرح السؤال والبحث عن الجدوى والمعنى من خلال الاحتفاء بالكتب والمعارض ومختلف التجليات الإبداعية ... كما يقدم مقاربات جدية وعميقة للعلوم والفنون من خلال «الجمعية التونسية للجمالية والإنشائية» و»مقهى السؤال» و»وحدة البحث في البيداغوجيا المبدعة في اللغة العربية» والتي أطلقت منصة رقمية طريفة بعنوان «ألف يبحث عن الهمزة».
مختبر فريد من نوعه في مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف: الفنان عادل بوعلاق يعزف «أجراس» المرأة المبدعة
- بقلم ليلى بورقعة
- 13:21 07/01/2022
- 1098 عدد المشاهدات
إذا كان «المسرح يعلمنا أن نحوّل حياتنا العادية إلى حلم نضحك عليه قبل أن تغلق ستائره»، فإنّ المسرح يمنح المرأة التي تتحرك فوق ركحه أجنحة