فإذا به يؤلف نصوصه كلوحة من الفسيفساء ويصوغ أحداثه بريشة من الفن والجمال. عزف عماد الدين الحكيم على قيثارة الطفولة الجانحة في مراكز الإصلاح، فكان مسلسل»المايسترو» سمفونية من الوجع والشجن. وأمسك بقلم من دمع ودم في تحبير مشاهد مسلسل «حرقة» فأبكى الجمهور، وكأنّه يمسك فعلا بين يديه بجمر هذه «الحرقة» التي احترقت بها مئات العائلات التونسية. عن هذا المشوار وعن جزء من هذه المسيرة كان لـ«المغرب» حديث وشذرات كلام مع عماد الدين الحكيم...
• انطلق تصوير الجزء الثاني من مسلسل «حرقة» في مدينة «باليرمو» الإيطالية، فهل من تفاصيل؟
مسلسل «حرقة 2» امتداد لما تم طرحه وتناوله في الجزء الأول من هذا العمل الدرامي. ولئن تم التطرق في الموسم الأول إلى أسباب ودوافع الهجرة غير النظامية والمغامرة الخطرة على قوارب الموت، فإن الموسم الثاني يسافر بنا على سبيل الحقيقة لا المجاز إلى هذه الجنة الموعودة أو الضفة الأخرى التي يلجأ إليها البعض لأسباب متعددة. وفي «حرقة 2» محاولة لطرح قضايا لم نستعرضها في الجزء الأول من المسلسل أو ربما لم يتسن لنا تحليلها كما يجب.
• استثناءات قليلة نجحت فيها سياسة الأجزاء في الأعمال الدرامية، ألا تخشى أن يفسد الجزء الثاني النجاح الباهر لمسلسل «حرقة» في جزئه الأول؟
أعتقد أن نجاح الجزء الثاني لأي عمل أو منتوج إبداعي مرتبط أساسا بالمعالجة الدرامية المعتمدة وبتوفر مادة ثرية نستطيع من خلالها طرح مواضيع جديدة. كما يمكن الاستنجاد بشخصيات المسلسل وأبطاله من خلال التجديد في أدوارها والتطوير في أدائها وكذلك الاستعانة بوجوه جديدة من أجل كسر رتابة المشاهد والقطع مع روتين الأحداث.
• السيناريست عماد الدين الحكيم والمخرج الأسعد الوسلاتي ثنائي من ذهب يصنع العجب في عالم الدراما، أي سر وراء هذا التناغم والانسجام؟
باختصار يمكن القول بأنّ الأسعد الوسلاتي هو رفيق الدرب وكفى ! ومسلسل حرقة 2» هو العمل الرابع الذي يجمعنا ومن حسن الحظ أننا نجحنا سويا في كل ما قدمناه معا انطلاقا من «سيارة اسعاف» سنة 2015 والفيلم الروائي الطويل سامحني سنة 2018 مرورا بمسلسل المايسترو سنة 2019 وصولا إلى مسلسل حرقة سنة 2021 وجزئه الثاني الذي هو بصدد التصوير في انتظار بثه على شاشة التلفزة الوطنية في رمضان 2022. ببساطة، بيني وبين الأسعد الوسلاتي انسجام كبير على مستوى التفكير والأفكار... والأسعد في تقديري يعدّ من أهم المخرجين في الساحة العربية اليوم لذلك أجد أريحية كبيرة في التعامل معه وأثق دائما في رؤيته الإخراجية وفي قدرته على الارتقاء بالعمل الإبداعي إلى المستوى المطلوب.
• من «المايسترو» إلى «حرقة»، ماذا يعني لكم الفوز في المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون لسنتين على التوالي بجائزة أفضل عمل درامي متكامل؟
إن تتويجنا في مهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون بالجائزة الكبرى في موسمين متتاليين يعد سابقة في تاريخ المهرجان ونجاحا غير مسبوق للدراما التلفزية. ولا شك أن هذا التتويج هو تشريف ولكنه أيضا مسؤولية تدفعنا إلى مزيد من المثابرة والاجتهاد. وكلنا أمل وسعي من أجل الخروج بالدراما التلفزية التونسية من نطاق المحلية إلى اكتساح الشاشات العربية. من حقنا اليوم النفاذ إلى سوق الدراما العربية عن استحقاق وبجدارة.
• كيف يكتب عماد الدين الحكيم السيناريو حتى يأتي بتلك الروعة والدهشة؟
أنا أؤمن بأنّ كتابة السيناريو تعتمد أساسا على الصدق. فكلما كان النص صادقا ونابعا من الواقع كلما وصل أكثر للمتفرج. مهما كانت أحداث الدراما مستمدة من الخيال، فمن الضروري أن تكون الشخصيات مستوحاة من الواقع وقريبة من المشاهد. إنّ الصدق والمصداقية هما ما يدفعان المتلقي إلى متابعة العمل. لذلك أسعى دائما أن تكون كتاباتي واقعية وبسيطة مع وجود عمق في الطرح.
• من أين تنهل مصادرك في الكتابة وإبداع فن السيناريو؟
إنّ مصادر الكتابة عندي عديدة، ولعل أهمها هو الاحتكاك بالواقع.، لذلك فإن أغلب الشخصيات التي قدمتها في أعمالي هم أناس عايشتهم أو صادفوني يوما ما حتى أني أحتفظ في بعض الأحيان بالأسماء. وقد لا يخطر في بال البعض مثلا أن شخصية «نعمة» في مسلسل «حرقة» هي سيدة موجودة بالفعل في الواقع. كذلك الشأن بالنسبة للأبطال «صاروخ» و»خميس» وغيرهم...
• هل من مسودات سيناريو مسلسلات على طاولة عماد الدين الحكيم؟
ربما أحتاج إلى فترة من الراحة بعد ثلاث سنوات متتالية من الكتابة للدراما... وربما يحرضني القلم ويستفزني الحلم إلى إدرار مزيد الحبر وملء بياض الورق في المستقبل القريب.