بعد الاتفاقية بين وزارتي العدل والثقافة: العمل الثقافي داخل السجون على مدار السنة

تمّ توقيع اتفاقية بين وزارة العدل ووزارة الثقافة والمحافظة على التراث حول تخصيص برامج ثقافية وعروض فنية لفائدة المساجين حيث أكدت مصادر مطلعة من وزارة العدل لـ«المغرب» التظاهرات الثقافية التي تشرف عليها المندوبيات الجهوية للثقافة في كامل تراب الجمهورية ستنسق مع مختلف السجون

في الولايات لتنظيم برامجها الثقافية التي تقام بدورها في أماكن أخرى كدور الثقافة وغيره.. أي أنّ أغلب البرامج الثقافية بإشراف المندوبيات الجهوية التي تقام خارج أسوار السجون في مختلف الولايات ستقام أيضا داخل السجون..
وحسب بيان لوزارة الثقافة فإنّ هذه الاتفاقية التي تم توقيعها بمقر وزارة العدل، تهدف إلى تحسين ظروف إقامة المودعين بالسجون ومراكز الإصلاح وتمتيعهم بحقوقهم في مجال الثقافة والفنون، وذلك حرصا على تيسير عملية إدماجهم في المجتمع بعد قضاء فترة السجن واستعادة توازنهم النفسي، ومواصلة لنص البيان فإنّ سنيا مبارك وزيرة الثقافة والمحافظة على التراث أكّدت بالمناسبة على ضمان الحقوق الثقافية للسجين حتى يكتسب حصانة فكرية تؤهله للاندماج مع المجتمع بعد قضاء فترة عقوبته، مشيرة في هذا الصدد إلى نجاح تجربة تفعيل النشاط الثقافي في سجن بيلاريجيا (ولاية جندوبة) عبر تنظيم ورشات فنية وتوفير عدد متنوع من الكتب للمطالعة فضلا عن برمجة عروض مسرحية وسينمائية في الفترة المقبلة، ومن جهته، بين عمر منصور وزير العدل، أنه سيتم تشكيل لجنة مشتركة تضم ممثلين عن وزارة الثقافة والمحافظة على التراث ووزارة العدل وإدارة السجون والإصلاح لوضع خطة عمل تتم المصادقة عليها في بداية كل سنة فضلا عن تولي هذه اللجنة متابعة حسن تنفيذ هذه الخطة وتقييمها.

ومن أبرز الأنشطة التي سيتم إدراجها في السجون بمقتضى هذه الاتفاقية، تنظيم حصص تنشيطية على مدار السنة في مجال المطالعة والمسرح والسينما والرسم والموسيقى وتيسير مواكبة الأطفال الجانحين للعروض الثقافية وزيارة المتاحف والمهرجانات، فضلا عن إقامة ورشات فنية وتدريبية.

هذه الخطوة مهمة للغاية وبادرة طيبية.. فـ«المغرب» عندما زارت السجن المدني في المهدية في السنة الفارطة في إطار أيام قرطاج السينمائية واكبت عرض فيلم «قدرات غير عادية» للسجناء الذين بدوا متعطشين لمثل هذه التظاهرات، خاصة عندما بدأ النقاش حول الفيلم.. فالإفادة لم تكمن في الفرجة فقط بل وفي النقاش أيضا.. ولعلّ أجمل ما امتازت به أيام قرطاج السينمائية للسنة الفارطة هي زيارة السجون وإقامة العروض فيها، لما في ذلك من رؤية شاملة وهادفة لإصلاح المساجين، فلا إصلاح ولا تأهيل أرقى من الفن، والخطاب الفني، لأنه يدخل إلى القلب والعقل.. وفي هذه السنة أيضا هنالك مساع حثيثة لإقامة العديد من العروض المسرحية داخل السجون في إطار أيام قرطاج المسرحية..

ويرى الروائي عبد الجبار المدوري، في تصريح لـ«المغرب» أنّ « أول خطوة يجب اتخاذها لإنجاح هذه الاتفاقية هي توفير الظروف الملائمة للسجين حتى يتمكن من أخذ حقه في الثقافة... فكيف يمكن الحديث عن هذا الحق في الوقت الذي يعاني فيه المساجين من الاكتظاظ حتى أن السجين لا يجد مكانا ينام أو يأكل فيه بالإضافة إلى الضجيج والخصام بين المساجين لأتفه الأسباب بسبب ظروف الإقامة السيئة خاصة وأن الإدارة العامة للسجون مازالت في عديد السجون لا تصنف المساجين حسب طبيعة الجرائم وخطورتها وتحشرهم مع بعضهم البعض»..

العديد من جمعيات المجتمع المدني بادرت بالعمل الثقافي، في السجون التونسية، مثل جمعية «أكتيف» التي نظمت في سبتمبر الفارط بالتعاون مع الإدارة العامة للسجون والإصلاح تظاهرة سينمائية بعنوان « جسور » هذه التظاهرة ضمت عرض مجموعة من الأفلام القصيرة في بعض المؤسسات السجنية ودور الثقافة القريبة منها في كل من السرس وسليانة ومركز الطفولة الجانحة بمجاز الباب ومركز الطفولة الجانحة بالمروج وسجن برج الرومي ببنزرت... حيث اعتبر سليم العيادي الناطق بإسم المشروع لـ»المغرب» «أنّ المشروع يهدف لنقل السينما للجميع سواء داخل السجون أو خارجها». حيث زارت الجمعية عديد المناطق من السرس سليانة مجاز الباب ثم حاجب العيون والمهدية وصولا حاليا للجنوب. وتمت عروض أفلام قصيرة ثم فيلم طويل. ليتم نقاشها بعد كل عرض..

وهنا لا بدّ أنّ نذكّر في إطار زيارة «المغرب» للسجن المدني للنساء بمنوبة في أواخر ماي الفارط، قامت الإدارة الجهوية للشباب والرياضة بعمل يدوم 18 ساعة في الأسبوع،وما زالت، لفائدة السجينات، أعمال تتراوح بين التنشيط والرياضة والترفيه رغم ضيق الإمكانيات فإنّ الإدارة توفر للسجينات ما يلزمهن لممارسة هذه الأنشطة، وأغلب من يقوم بهذه النشطات هم أساتذة متطوعون ومؤمنون بضرورة زرع الابتسامة في فضاء المسجونين، دون اعتبار استاذي رياضة قارين يزوران السجن بصفة دائمة..

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115