بعد فوزها بالجائزة الكبرى في أيام قرطاج المسرحية... المخرجة وفاء الطبوبي لـ«المغرب»: تتويجي اعتراف بـأنّ المسرح التونسي بخير

لا شيء يطفئ نور الحلم في عيون المخرجة وفاء الطبوبي وهي ترنو إلى السماء من أجل مزيد العطاء. ولا شيء يوقف روح الاندفاع والحماس

في جسدها وهي تحاور ركحها من أجل إبداع مسرحيات تنبض إحساسا وحياة. من أجل هذا كلّه وأكثر، فاز عرض «آخر مرّة» لوفاء الطبوبي بجائزة أفضل عرض متكامل في الدورة 22 لأيام قرطاج المسرحية. ولئن كان تتويج المسرح التونسي حدث جميل، فلا شك أن الأجمل هو أن يأتي هذا التميز بتوقيع أنامل نسائية مبدعة وبإمضاء المرأة التونسية الفنانة.

• يأتي فوز «آخر مرّة» بالتانيت الذهبي لأيام قرطاج المسرحية كأفضل عرض متكامل بعد منافسة شرسة مع أعمال أغلبها لمخرجين تونسيين وعرب كبار، فكيف تلقيت هذا التتويج؟
بكل صدق أعتبر أن وجود مسرحيتي في قائمة الأعمال التونسية المترشحة لجوائز أيام قرطاج المسرحية هو تتويج في حد ذاته سيما وقد ضمّت هذه القائمة المخرج الكبير والقدير أنور الشعافي والمخرج الرائع نوفل عزارة. وقد نلت تتويج الجمهور يوم عرض «آخر مرّة» ضمن أيام قرطاج المسرحية، حيث كان تصفيقه الحار بالنسبة لي أكبر هدية، وبعدها كنت مستعدة لأي نتيجة. وطبعا أنا اليوم سعيدة وفخورة جدا بتتويجي على ركح أعرق المهرجانات العربية والإفريقية. وأعتبر أن هذا الفوز هو أولا وأخيرا تتويج للمسرح التونسي واعتراف عربي وإفريقي بإبداعه وجماليته وتميزه...

• كان بطلا «آخر مرّة» قاب قوسين أو أدني من التتويج بعد أن تم ترشيح كل من أسامة كشكار ومريم بن حميدة إلى جائزتي أفضل أداء رجالي ونسائي. فهل هما «مفاجأة» الركح؟
لا يمكن أن يلعب بطولة «آخر مرّة» سوى أسامة كشكار ومريم بن حميدة لا غير ! لا أرى غيرهما على ركح هذه المسرحية لأنهما ليس مجرد ممثلين محترفين ومبدعين بل فنانين آمنا بهذا المشروع حتى أصبحا روح «آخر مرّة» وقلبها النابض بالحيوية والحياة. وكل من شاهد المسرحية لا بد وأنه تخيّل البطلين وكأنهما يطيران أداء وإبداعا وصدقا في تقمص الأدوار. وأنا فعلا فخورة بالتزام كل من أسامة كشكار ومريم بن حميدة ومنبهرة بجديتهما وحرفيتهما... واعتبر أن الاثنين من أجمل الممثلين في تونس وأتوقع لهما مستقبلا باهرا ومشرقا...

• صعدت سنة 2017 على منصة التتويج في أيام قرطاج المسرحية لتسلم جائزة أحسن إخراج عن «الأرامل»، وفي سنة 2021 عدت مجددا لنيل الجائزة الكبرى، هل يخيفك هذا الصعود في سلم النجاح؟
لا يخيفني النجاح بقدر ما يحملني مسؤولية أكبر أمام نفسي وجمهوري. ولكن هذا لا يعني أنه من غير المسموح لي أن أخطئ، فقد يكون الخطأ طريق النصر في النهاية. أنا دائمة الحلم طالما أن الحلم مشروع وبلا ثمن وبلا حدود ... وأنا أحلم أن يلعب الإعلام بكل قنواته دوره حتى يحفز الجمهور على اكتساح القاعات والإقبال بنهم على المسارح. ويسكنني الحلم بأن تكون قاعات العرض في العاصمة كما في الجهات مجهزة بأحدث الأجهزة والتقنيات. وأحلم وأحلم... وسأظل أحلم !

• ثلاث حكايات في مسرحيتك، قد يقرأها كل متفرج على طريقته... ولكن ماذا أرادت أن تقول وفاء الطبوبي من وراء ركح «آخر مرّة»؟
قد يكون من الصعب على المخرج أن يتحدث عن رسائل مسرحيته.. ولكن يمكنني التصريح بأنني أردت قول عديد الأشياء وعشرات الرسائل في مخاطبة أصناف متعددة ومختلفة من المتفرجين. فالمهم بالنسبة لي تقديم مسرح كوني غير مرتهن إلى زمان أو مكان أو لغة أو جنس حتى يقتفي أثر الإنسان أينما كان. في «آخر مرّة» دعوة إلى التسامح والحب ودق لجرس الإنذار من أزمة انهيار قيم الإنسانية حتى لا تسود عالمنا ثقافة العنف والموت.

• هل تعتبرين أن تتويج المسرح التونسي في أيام قرطاج المسرحية هو دلالة على أن عطاء الفن الرابع في بلادنا على ما يرام ؟
أعتقد أن قول البعض بأنّ المسرح التونسي يعيش أزمة هو حكم مجانب للصواب ونسف لجهود أجيال متعددة من المسرحيين بذلت وتبذل كل ما في وسعها من أجل التطوير والبناء ... ولا يمكن أن ننسى إبداعات الجيل الجديد من الشباب الذي يحلم بالتأسيس والتجديد بعيدا عن تكرار جماليات السابقين والتمسك بجلباب الكبار. وعلينا أن نشجع هذا الجيل بالدعم اللازم والممكن وأن نمنحه حقه في الفشل كما في النجاح، فالنجاح يمكن أن يكون كبيرا بعد الإخفاق. وعموما يبقى تقييم النجاح نسبيا والحكم على الأعمال المسرحية والفنون بوجه عام مسألة ذوقية بالأساس.
أنا لست منظّرة، ولكن من موقعي كمخرجة تمارس الفن الرابع وتدرس أبجدياته يمكنني القول وبكل فخر إنّ مسرحنا بخير. ولعلّ عودته محملا بالجوائز والتنويه بعد كل مشاركة في مهرجانات مسرحية دولية هو دليل على تميز المسرح التونسي.

• هل من مسرحية أو مسرحيات شدت انتباهك ونالت إعجابك ضمن برمجة عروض أيام قرطاج المسرحية ؟
للأسف لم يكن لي متسعا من الوقت لمشاهدة عديد المسرحيات لانشغالي بالإعداد لعرضي «آخر مرّة» سيما وهو ينافس على جوائز المسابقة الرسمية. وقد شعرت بالفخر والاعتزاز والفرح وأنا أشاهد عرض «المدينة تحترق» للمخرج التونسي المبدع فراس اللّبان. كما أسعدني امتلاك هذا المخرج الشاب لمفاتيح جماليات الفن الأوبرالي وتطويعها لخدمة المسرح بكثير من الدهشة والمتعة.

• بعد «آخر مرّة» هل من مشاريع في الأفق؟
لا تنتهي المشاريع الفنية عندي طالما أنني فنانة حالمة...وفي ذهني مسودات أفكار ومسرحيات قد يكون أولها موندرام من بطولة الفنانة لبنى نعمان. ولكن قبل كل شيء لا تزال مسرحيتي الجديدة «آخر مرّة» متعطشة إلى لقاء جمهورها ومتشوقة إلى صوت تصفيق عشاق الفن الرابع في نهاية كل عرض حتى نفتح بدايات جديدة من الحلم والأمل والجمال.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115