حالة مأساوية للاجئين العرب على حدود بيلاروسيا: بولونيا وبيلاروسيا على حافة الحرب بسبب أزمة مفتعلة

اندلعت أزمة جديدة حول اللاجئين بين بيلاروسيا وبولونيا وقد أدخلت الاتحاد الأوروبي في حالة من الغليان وأسفرت على انعقاد

اجتماع مغلق لمجلس الأمن يوم الخميس 11 نوفمبر أعلنت خلاله البلدان الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية أن بيلاروسيا تحاول «زعزعة الحدود المشتركة الأوروبية». وكان نظام ألكسندرلوكاتشانكو قد نظم رحلات خاصة نقلت لاجئين عراقيين وسوريين ولبنانيين وفلسطينيين إلى مينسك عبر طائرات تركية وروسية، ثم طلب منهم عبور الحدود مع بولونيا وليتوانيا واستونيا.
وجد أكثر من 2000 لاجئ عربي أنفسهم بين نارين، عالقين في ظروف غير إنسانية بين بيلاروسيا التي استخدمتهم للرد على العقوبات الأوروبية ضدها جراء القرصنة الجوية التي قامت بها مينسك لاختطاف معارض بيلاروسي مناهض للنظام القائم على حدود بولونيا. وتمكن قرابة 500 لاجئ من عبور الحدود البولونية لكن تم إيقافهم وارجاعهم قسرا إلى بيلاروسيا في حين قامت أجهزة الأمن البلاروسية بإطلاق قنابل مسيلة للدموع لإجبار اللاجئين على عبور الحدود رغم الحواجز الحديدة التي ركزتها سلطات فرصوفيا.
«اعتداء مزدوج»
اعتبر الأوروبيون أن العملية عبارة عن «اعتداء مزدوج» ضد بولونيا والاتحاد الأوروبي باستعمال اللاجئين مما يهدد باندلاع حرب بين الجانبين. وقامت بولونيا بتركيز 15 ألف جندي على 400 كلم من الحدود مع بيلاروسيا في خطوة أصبحت تهدد استقرار المنطقة. من ناحيتها قامت مينسك بإرسال جنود على حدودها. أما الجارة روسيا فمدتها بطائرتين حربيتين. وهو ما جعل بروكسل تتحرك من أجل اخماد فتيل النزاع حتى لا تتطور الأمور. واعتبر كالي لانيت وزير الدفاع الإستوني أن «الخطر ى يزال مرتفعا».
أما سفير موسكو لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي فقد أكد أن روسيا وبيلاروسيا لا تساعدان اللاجئين على عبور الحدود الأوروبية وأن ارسال الطائرتين هي رد على تجميع الجنود على الحدود مع بيلاروسيا وأن الطائرات «تقوم بجولات استطلاعية لا غير وهي عملية عادية.» في الجانب الأوروبيأعلن وزير خارجية الإتحاد جوزيببوريل عن اجتماع وزراء الدفاع الأوروبيين حول المسألة «التي ليست حربا لكن أزمة حادة ومحاولة لتجييش مسألة الهجرة»، حسب عباراته.
عقوبات أوروبية جديدة
وهددت أورسولا فان در لاين رئيسة المفوضية الأوروبية بفرض عقوبات جديدة على بيلاروسيا بعد العقوبات الخمس التي فرضتها أوروبا بعد أزمة اختطاف الطائرة. وأكد هايكو ماس وزير خارجية ألمانيا أن «الاتحاد الأوروبي سوف يوسع من رقعة العقوبات ضد نظام لوكاتشانكو». و أفادت فان در لاين أن اجتماعا سوف يعقد يوم الأثنين 15 نوفمبر للنظر في سلسلة من العقوبات.
إثر تصريحات المفوضية رد ألكسندر لوكاتشينكو يوم الخميس بقوله لوكالة الأنباء الرسمية «بلتا» «يواصلون تهديدنا؟ وإن قطعنا الغاز الطبيعي؟» وهو تهديد مضاد استعمله الرئيس لوكاتشينكو للمقايضة مع بروكسل. وللتذكير فإن نسبة 35 % من الغاز الروسي المستعمل من قبل البلدان الأوروبية يمر عبر أنبوب «ياما الأوروبي» الذي يشق بيلاروسيا نحو بولونيا وألمانيا و دول أخرى. لكن بروكسل لم تعر أهمية لتهديد الرئيس لوكاتشينكو اعتبارا لقوة المعاهدات الدولية وللدور الفاعل للمزود الروسي. لكن فلاديمير ماكاي وزير خارجية بيلاروسيا خفف من حدة التهديد قائلا إن بلاده «تفضل حل الأزمة في أقرب الآجال».
تحركات دبلوماسية لإخماد الحريق
التحركات الأوروبية كانت دبلوماسية بالأساس. إذ طالبت أستونيا وأيرلندا وفرنسا باجتماع مغلق لمجلس الأمن انعقد يوم الخميس 11 نوفمبر للتنديد بما اعتبروه «استخداما منظما للبشر» من قبل بيلاروسيا على الحدود البولونية. وعبرت مجموعة الدول الغربية في بيان مشترك عن موقفها الرافض للتدخل البيلاروسي الذي يهدف إلى «زعزعة البلدان المجاورة» من أجل تضليل الرأي العام الدولي عن «الانتهاكات المتزايدة لحقوق الإنسان» في بيلاروسيا.
أما روسيا، الراعي الأساسي لنظام لوكاتشينكو، الذي لا يرغب في تصاعد الأزمة فقد دعت يوم الخميس الإتحاد الأوروبي لإعادة العلاقات مع بيلوروسيا. وفي اتصال هاتفي مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن «أهمية حل أزمة المهاجرين في أقرب وقت» الذي يمر حتما عبر التواصل مع مينسك. وهي خطوة تعطي دفعا، إن حصلت، إلى لوكاتشينكو الذي يرضخ لعقوبات بروكسل. لكن بولونيا عبرت عن استعدادها، في صورة تواصل دفع اللاجئين نحو ترابها، إلى غلق البحار التي تمر بها البواخر نحو بيلوروسيا وهي خطوة يمكن أن تخنق الحياة الاقتصادية في البلاد.
بولونيا التي انتفضت على القوانين الأوروبية وهددت بعدم الالتزام بها، والتي هي تخضع لعقوبات من قبل بروكسل، تجد نفسها بين المطرقة والسندان، خاصة أن الإتحاد الأوروبي لازال منقسما حول مساندة بلد أوروبي يريد التحرر من القوانين المشتركة. من ناحية أخرى لا ترغب القوى الكبرى الأوروبية وعلى رأسها ألمانيا في افساد العلاقات مع موسكو، الراعي للجارة بيلاروسيا. معركة متشعبة الأوجه الهدف منها إرجاع لوكاتشينكو في الصورة على حساب المعارضة الديمقراطية التي تعاني من بطش نظامه. لكن جل الدول الأوروبية لا ترغب في مقايضة المبادئ المشتركة وعلى رأسها احترام النظام الديمقراطي وحقوق الإنسان، مقابل كميات من الغاز الطبيعي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115