مسرحية «حكاية أرض» إخراج حبيبة الجندوبي في فضاء «زاد» للفنون: بالخيال يمكن تثقيف الطفل وتوعيته

يحبون ما ينجزون، يلبون على الخشبة كأنهم اطفال يلعبون في البطحاء، جمعهم مسرح العرائس فاخذوا الكثير من ذكريات الطفولة

ليحولوها الى عمل مسرحي عرائسي يغري بالفرجة عنوانه «حكاية أرض» اخراج حبيبة الجندوبي وتمثيل كل من محمد العابد وخلود ثابت ورحمة الفقيه وميادة جمعة وتلحين الاغاني لعماد العلاقي وتقني اضاءة امين الشورابي وشوقي مشاقي وكوريغرافيا جميلة كامارا وانتاج شركة خديجة.
المسرحية عرائسية تقدم للطفل مساحة من الخيال وتشجعه على الحلم هي ايضا نقد لتيمة التلوث وبحث في اسبابه ويقدم العديد من المعلومات التربوية والتثقيفية للطفل المتفرج.
مسرح العرائس خلق للحياة من العدم
«حكاية ارض» مسرحية عرائسية للأطفال، عمل مكتوب بكل حب يشجع الطفل على الخيال والحلم وكذلك ينبهه الى مشاكل التلوث التي تعاني منها الأرض وكل المخلوقات على حد السواء، مجموعة من الكرات معلقة كامل الفضاء تذكر الأطفال بالأرجوحة وحكاياتها الجميلة، أبطال القصة ثلاث شخصيات القطة «فطوطة و»الكلب» و الطفل حازم، ثلاثتهم يلعبون ويمرحون، وكل يريد كشف قدراته ومواهبه للاخرين، المثلين ثلاثتهم باللون الابيض والعرائس يدوية صغيرة الحجم، تتواصل متعة الأصدقاء الى حين حدوث العقدة بعد تساقط الامطار سوداء اللون حينها يقرر الطفل حازم الرحيل الى السماء لاكتشاف سبب اللون الاسود.
«حكاية ارض» عمل مشحون بالخيال، على الركح يشاهد الطفل الحيوانات تتراقص وينصت الى حديث الفراشات واحلام العصافير، يستمع الى احاديث الغيمات ناصعات البياض وهن يحولن البخار الى امطار فضية اللون، جميعها تنقل عبر العروسة ومن خلال تفاعل كلي بين الممثلين وعرائسهم.
تصنع الموسيقى لحظات من المتعة، تتماهى مع الضوء لتحفز خيال الطفل المتفرج وتحمله الى عوالم يتقن صناعتها ويتفرد فيها فلكل طفل طريقته الخاصة في تخيل الفضاء والسحب والحيوانات، تبدئ رحلة الطفل حازم على ظهر الفراشة حتى توصله الى السماء وهناك تتركه على ظهر إحدى الغيمات، تتغير الالوانم حسب الفضاء الدرامي للمسرحية، تكون الالوان داكنة قليلا وكلما صعد الطفل الى السماء أصبح الابيض سيد اللون، قبل الوصول الى السحب تعترض طريقه العصافير ثم الجوارح والطائرات بازيزها المزعج، ثم تكون نهاية الرحلة الاولى بين السحب والغيمات الجميلات اللواتي يسالهنّ عن سر اللون الاسود في المطر، فينفين ذلك وتمطر احداهنّ ليرى بياض مياه الأمطار وجمالها، في الرحلة العجيبة تقدم العديد من المعلومات للاطفال مثل اسباب حرارة الجو وكيفية تكون الامطار والعديد من المعطيات التي تفيد الطفل في فترات تعلّمه الاولى.
يشد الممثلون انتباه الطفل وما يحدث على الركح والالوان الكثيرة تغري الطفل بالانتباه وتشده الى تفاصيل العمل حينها تصل الرسائل التربوية بطريقة سلسلة ودون تعقيدات قد تتعب الطفل المتلقي، فمسرح الطفل مساحة للفرجة والتعلم واكتساب المهارات وتكوين طفل واع وقادر على النقد وطرح السؤال من خلال اختيار شخصيات مغامرة تبحث عن الحقائق والحلول لمشاكل يعانونها مع الكبار، وعلى الركح تكون القصة اجمل لانها تقدم في طابع تتماهى داخله حركات الممثلين مع العروسة والموسيقى والاضاءة.
في «حكايات الارض» يتماهى التعليمي مع الفرجوي، يصنعون عوالم فرجة مسرحية تمتع عين الطفل بالألوان والرقصات وفي الوقت ذاته يقدمون له مادة تثقيفية وتربوية هامة مع الحضور الجميل للاغاني بالحان ممتعة يسهل حفظها وترديدها والاغاني تقدم معلومات عن مخاطر التلوث وتاثيره السلبي على الغلاف الجوي و الكائنات وكيف يصنع الانسان دماره بالعلم.
رحلة عرائسية تربوية وفرجوية
حكاية ارض حلم آخر تزرعه حبيبة الجندوبي في عالم مسرح العروسة بتونس، لبنة اخرى للابداع تضيفها لمحبي العرائس والمقبلين عليها، فنانة ومدافعة شرسة عن هذا الفن النبيل، تدرسه وتعلمه للاجيال القادمة وتحاول تمرير قدراتها وافكارها الخلاقة الى ابنائها وطلبتها ليواصلو المشوار «اريد لها الفن ان يبقى، نحن سنغادر حتما لذلك اريد لمسرح العروسة ان يتواصل وتتواصل الاجيال في دراسته) كما قالت الجندوبي بعد العرض، هي حالمة دوما، طفلة لا تكبر في رصيدها الاف الدمى التي تفننت في صناعتها بنفسها، وفي المسرحية كل عروسة اجمل من الثانية جميعها سكبت فيها من روحها وصنعتها كطفل يصنع لعبته بيديه فيوغل في تزيينها وتجميلها كذلك العرائس الموجودة في المسرحية فالقطة جميلة جدا والسحب مرسومة اطرافها بكل دقة وامك طنقو» مبهرة في الزينة والتفاصيل كذلك العصافير، كل العرائس الموجودة على الركح بدت كاملة صنعتها العرائسية بحرفية فنان وصدق طفلة.
على الركح تتماهى الاغاني مع العرائس، يصنعون فرجة مميزة، يستلهمون من الموروث الشفوي ليقدموا للاطفال مساحة من الخيال، يتطرقون الى حاجة الانسان والارض للأمطار لتظهر امك «طنقو» بألوانها الجميلة والجميع يغني «امك طنقو يا شهلولة، ان شاء تالله تروح مبلولة»، امك طنقو رمز الاستسقاء، لعبة الأطفال الممتعة طلبا للمطر والماء هي جزء من الموروث الشعبي حافظت عليه الجندوبي في كتابة نصها لتقدم للاطفال جزء من الذاكرة بعضهم لا يعرفها اليوم.
«حكاية ارض» هي حلقة من حكايات الارض الكثيرة قدمت بالعرائس ونقدت تيمة التلوث، ممثلين شباب مختصين في مسرح العرائس ترافقهم قيدومة فن العرائس حبيبة الجندوبي وتقنيين مبهرين يؤمنون ان للتقني دوره في انجاح العمل اجتمعوا في فعل ابداعي وحلم وليد يتوجه الى جمهور الاطفال برسائل تدعوه الى الحفاظ على نظافة محيطه الضيق فالمحيط الاوسع ويشجعه على ثقافة الحوار والبحث، عمل مشحون بالابداع قدمه شباب لازال يخطّ طريقه على الخشبة بتؤدة، شباب يعانق العروسة ويتقن الانصات لها ولكل ماتحمله من قيم فيتماهى معها ليقدموا للاطفال مسرحية تجمع المعنى والمبنى يتلاحم فيها الفرجوي بالنقدي والتعليمي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115