معرض استيعادي للفنان محمد الرقيق: تجربة أكثر من 30 سنة من الاشتغال على «المدينة والتراث»..

بقلم: شمس الدين العوني
في رواق يحيى بالبالماريوم، جمع الفنان التشكيلي محمد الرقيق حيزا من أعماله الفنية الجديدة و المنجزة حديثا اضافة الى أخرى تشير

الى تجربة أكثر من 30 سنة و هي أعمال مختلفة الأحجام و المواضيع و التقنيات و ذلك الى جانب اصدار كاتالوغ فني...كل ذلك في اطارمشروع عمل عليه منذ مدة ضمن دعم وزارة الشؤون الثقافية وشجيعها على الانتاج. هذا و تنوعت لوحات الفنان محمد الرقيق و مشاركاته منها ما كان ضمن الفعاليات الثقافية لشهر التراث بفضاءات المدرسة السليمانية بالمدينة العتيقة و ذلك تحت عنوان (مدينة و تراث ) قبل أشهر .
في هذا المعرض و غيره عدد من الأعمال الفنية الجديدة التي أنجزها الرقيق . الى جانب لوحات أخرى وقد برزت المدينة بذات النمط الفني الذي تخيره لها الفنلن محمد الرقيق ضمن تجربته لأكثر من ثلاثة عقود فبحيز من تجريدية الحال تماهى الرقيق مع المدينة باعتبارها حاضنة ثقافية و ذاكرة و مجال للقول بالعراقة وأصالة الأشياء..
و هكذا تظل المدينة بعطورها و أصواتها و ضجيجها وتفاصيلها و مشهديته و.... مجالا شاسعا للفنان التشكيلي محمد الرقيق الذي عاش فيها و صارت له معها حكايات شتى بث منها شيئا قليلا في أعماله حيث المسيرة لديه مفتوحة على حالات متعددة من الوجد و الحنين و هو ما جعله يسافر في هذه المدونة الحياتية للمدينة ليبرز منها حيزا من أعماله كل سنة و خلال شهر التراث تحديدا من خلال معرض خاص عادة ما يكون بمدينة تونس التي هام بها فمنحته بعض أسرارها القديمة المتجددة في اللون وفي التفاصيل..
مثل  المعرض حيزا آخر من الذهاب في التجربة التي انطلق بها وفيها منذ حوالي ثلاثة عقود.. والتي انجذب فيها الرقيق الى المكان كوجهة جمالية وحاضنة لمشهديات مختلفة ومتعددة تعدد الثقافات والقراءات والنظرات أيضا..في هذا المعرض كانت الأعمال مفعمة بالبورتريهات والمشاهد والوجوه والحالات حيث يشتغل الرقيق بعناية وجمالية عرف بهما على تعابير الحياة والأجواء « بالمدينة العربي» ... وهنا نلمس بالخصوص الفسحة الفنية من الابتكار والابداع..
الفنان محمد الرقيق نجده تواصل مع تجربته التي عرف بها منذ سنوات حيث برز باهتمامه بموضوع المدينة العتيقة بالعمل ضمن تقنيات مختلفة من الباستال الى الأكريليك للاحتفاء بمخلتف عناصر الفرجة والمشهدية التي عرفت بها ما يسميها عامة الناس «البلاد العربي» فنجد الأبواب والأقواس والأعمدة و«الصباط» والمقهى حيث الأشجار وظلالها وهيئات جلوس الرواد ولباسهم وكذلك الجانب الفلكلوري ومنه بالخصوص احتفاليات الخرجة..وهكذا ..لقد استلهم الفنان محمد الرقيق من حركة المدينة ودأبها اليومي ونشاطها وعادات سكانها عددا من المواضيع التي يمكن أن نضعها تحت خانة أجواء المدينة ومنحها شيئا من احساسه الدفين تجاهها كيف لا وهو ابنها الذي بدأت تجربته ضمن اجوائها وصخبها..محمد الرقيق جعل تجربته مفتوحة على مختلف الأجواء التشكيلية وقد كانت اقامته في التسعينات بحي الفنون بباريس صحبة الفنان علي الزنايدي ثرية حيث تعرف على عدد اخر من التجارب التشكيلية الحديثة في الغرب وقد أنجز أعمالا جيدة لفتت اليها النقاد ومنها لوحة نهر السان التي عبرت بعمق عن طور آخر من أطوار تجربته التشكيلية.وقبل سنوات قليلة، اقام الفنان محمد الرقيق لفترة بالصين ضمن فعاليات تشكيلية كان ضيفها العربي الافريقي حيث أنجز أعمالا زاوج فيها بين خصوصية فنه وخصوصيات الفن التشكيلي الحديث في الصين...في معرضه الأخير، يواصل محمد الرقيق عمله التشكيلي في نهج من التجريدية الأنيقة المعبّرة عن تعدد القراءات ..والفن بالنهاية هو هذا الحوار المفتوح على الذات.. وتجاه الآخرين.. فالتجربة هي بالنهاية تلك المحصلة البليغة والنبيلة في تعاطيها النوعي والقيمي مع الآخر..الآخرين...معرض مهم حري بالزيارة و التأمل لفنان تونسي كبير .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115