مهرجان الواحة الكبرى في رجيم معتوق: ينبثق الفن كبلسم لتطييب كل الجراح

عن حكايات سكنته وقصص البدو الرحل الذين وطّنوا هنا، نريد ان تكون الموسيقى صدى للمكان والمسرح وسيلة لنقل سيرته فالثقافة ذاكرة وتأريخ» بهذه الكلمات تحدث لـ«المغرب» الفنان منذر بن ابراهيم عن فعاليات الدورة الاولى لمهرجان الصحراء الكبرى الذي ستحتضنه مدينة رجيم معتوق من 1الى 4جويلية2021 كبادرة تأسيسية لتظاهرة ستكون متنفس ابناء المدينة وواحاتها.
«رجيم معتوق» اسم يسكن الذاكرة التونسية، مكان ارتبط بالرعب والنفي والخوف، مكان تغنى به الشعراء «ذوق المنفى، المنفى ذوق يا مسافر صوب الجندية ومقيّل في رجيم معتوق، باسم المدرج والكلية» الرجيم منفى الطلبة الذين جندوا قسريا في الانتخابات، رجيم معتوق التي غرست واحاتها بدماء وعرق طلبة حلموا بوطن افضل فخالفوا النظام الاوحد وكان مصيرهم النفي الى ذاكرة هؤلاء الى نضالاتهم واعترافا بما قدموه للوطن سيكون المهرجان الوليد هدية اليهم الى احلامهم من منطقة كانت صحراء فاصبحت واحاتها الغناء تسحر لبّ الشاعر والفنان.
«مهرجان الصحراء الكبرى» فرصة ليجتمع ابناء المنطقة الحدودية على الفنون، فرصة ليتبادلوا حبهم للموسيقى والمسرح ويسبحون في فلك الابداع ويدعون جمهورهم البعيد ليتحلقوا حول ذاكرة المكان بعد 15عاما من اخر تظاهرة ثقافية انجزت في الرجيم، هناك اجتمع عدد من الشباب واسسوا هيئة مديرة يشرف عليها الشاب حسن حميد لينجزوا الدورة الاولى لمهرجانهم في منطقة حدودية تبعد 120كلم عن مركز الولاية قبلي واكثر من 500كلم عن تونس العاصمة.
«الطبيعة لا تأبى الفراغ، ومدينتنا تعرف الكثير من الفراغ الثقافي والتصحر ومن هنا ولدت فكرة المهرجان، لن نقتصر على فن واحد، نريد لسكان المنطقة الاطلاع على الموسيقى والمسرح والسينما، نريدهم ان يكونوا جزء من العملية الابداعية وما رغبة الشباب في تاسيس تظاهرة الا دليل على ايمانهم بقدرة الفنون على التغيير وبث الدماء الجديدة» كما يقول المستشار الفني للمهرجان منذر بن ابراهيم.
ويضيف محدثنا «هنا لا وجود لمؤسسات الدولة الثقافية، هنا لم تشيد بعد دار الثقافة ودار الشباب بصدد الاشغال ونادي الاطفال ايضا في مرحلة البناء وقررنا عدم انتظار استكمال اشغال البناء والانطلاق في تاسيس مهرجان يوثق للمكان ولذاكرته في انتظار عمل المؤسسات المنشودة، نحن بادرنا للتاسيس بغاية التغيير، سنسعى لنرسم تباشير الفرح والفنون في رجيم معتوق الغنية بالقصص والذاكرة» كما يقول بن ابراهيم في تصريحه لـ«المغرب».
يفتتح المهرجان ببرنامج للاطفال وعرض مسرحي للاطفال ويكون الافتتاح الرسمي بعرض لملحمة «حديث الصحراء» وهي عرض ملحمي لم يأت من فراغ هو رحلة ملحمية تاريخية تجمع الموسيقى والمسرح وفنون الفرجة وظفها جميعا منذر بن إبراهيم ليخبر الجميع انّ الصحراء التي عشقها قبلة للحياة، وسكان الصحراء ليسوا مجرد بدو رحّل وسلبيين بل هم قادة وهم جنود بواسل.
«حديث الصحراء» عمل ملحمي هو إحياء للشهداء وتذكير ببطولاتهم، هو غوص في قصص البدو ودورهم في الحركات الوطنية كما انّ الملحمة رحلة ثقافية في الموروث الشفوي لبني غريب رحلة تنقل التاريخ بالفنّ فالفن تأريخ ووحده الفن قادر على تنوير العقول ونبش غبار النسيان عن الذاكرة الجماعية.
بعد لقاء الجمهور مع حكايات صحرائهم وقصص بني غريب ومشاركتهم في الثورة المسلحة يكون اللقاء مع عرض «زرازير القصب» لمنير بن نصر وتتواصل فعاليات المهرجان في يومه الثاني بعرض موسيقي فرجوي في ملتقى المجتمع المدني برجيم معتوق، فالموعد مع مسرح الطفل والشعر في اليوم الثالث للمهرجان، «ربما البرمجة ليست دسمة بالقدر الكافي لكنها محاولة تاسيسية اولى وبعدها ستبعث جمعية الصدى التي ستشرف على تكوين الاطفال والشباب في السينما والمسرح والموسيقى قبل المرور الى الانتاجات التي ستبحث في هوية المكان وتوثق لقصص ابناء الرجيم».