العلم: مفتاح السؤال أصول حفظ الكليات الخمس في بيِّنات القرآن (1)

حين نتلمَّس ملامح المقاصد الشرعيَّة على مبدأ حفظ الضرورات الخمس التي جاءت بها مقاصد الشريعة، فسنجد ما يسعفنا كثيرًا من كتاب الله تعالى، حين نتدبَّره

لاستخراج عدد من الآيات المتعلِّقة بها، والتي لم يأت بها أهل العلم اعتباطًا، وإنَّما ذكروا هذه الضرورات الخمس؛ كونهم قد استخرجوها من القرآن الكثير من النصوص التي استنبطت هذه الضرورات بناء على النظر فيها.

إنَّ هذه الضرورات الخمس مرتَّبة على النحو التالي: حفظ الدين، حفظ النفس، حفظ العقل، حفظ النسب، حفظ المال.
قال الغزالي - رحمه الله -: «إن مقصود الشرع من الخلق خمسة: أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم، فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة ودفعها مصلحة"
ويُبيِّن أبو عبد الله بن الأزرق سبب الاهتمام بهذه الضرورات الخمس: «لأن مصالح الدين والدنيا مبنية على المحافظة عليها، بحيث لو انحرفت لم يبق للدنيا وجود من حيث الإنسان المكلف، ولا للآخرة من حيث ما وعد بها.. فلو عدم الدين عدم ترتب الجزاء المرتجى. ولو عدم الإنسان لعدم من يتدين. ولو عدم العقل لارتفع التدبير. ولو عدم النسل لم يمكن البقاء عادة. ولو عدم المال لم يبق عيش"
وإنَّ من أهم مهمَّات قضايا التدبُّر في مقاصد القرآن الكريم، ألاَّ نُدير طرفنا عن قضيَّة أولاها أهل العلم - عليهم الرحمة والرضوان - في البحث الاستخراجي من نصوص القرآن الكريم ما يسند مبدأً عظيمًا بمعرفة حفظ الضرورات الخمس التي حثَّت عليها مقاصد الشريعة وتضمَّنتها، بما يجعلنا نجزم أنَّه ما من صفحة من كتاب الله تعالى إلاَّ ونقرأ فيها آية كريمة تحثُّ على ذلك.
وهذه الضرورات هي على النحو التالي، من خلال بعض النصوص الدالَّة على كلِّ ضرورة من هذه الضرورات الخمس التي تُعبِّر عن مقاصد القرآن في حفظ هذه الضرورات الخمس؛ لكلِّ بني الإنسان!

1 - حفظ الدين:
لقد جاءت النصوص القرآنية متوالية تترى في حفظ الدين وحمايته، وحماية كيانه، وصيانة بيضة الإسلام من أن يخدشها أي خادش، فوضع الحمى التي تحمي حظيرة هذا الدين، وصان كرامة المسلمين؛ لئلا يقع منهم ما يُغضب ربَّهم تبارك وتعالى.
وفي هذا يقول العلاَّمة المقاصدي الطاهر ابن عاشور: "مراد الله في كتابه بيان تصاريف ما يرجع إلى حفظ مقاصد الدين، وقد أودع ذلك في ألفاظ القرآن التي خاطبنا بها خطابًا بينًا وتعبدنا بمعرفة مراده والاطلاع عليه".
وقد قرَّر الإمام الشاطبي - رحمه الله - أنَّ حفظ الدين يقوم على قضيتين:
الأول: حفظ الدين من جانب الوجود، وذلك بالمحافظة على ما يقيم أركانه ويثبت قواعده.
الثاني: حفظ الدين من جانب العدم، وذلك برفع الفساد الواقع أو دفع الفساد المتوقع"
من أجل ذلك جاءت نصوص كثيرة زاخرة مُزهرة تحثُّ على حفظ الدين وحمايته، وحفظ كيانه، تأسيسًا وتثبيتًا لوجوده، ودفعًا ورفعًا لكلِّ ما يُقصد إليه من مجاوزة حدوده.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115