والتي تدل على عُلُو قدْره ومنزلته عند ربه عز وجل، قال محمد بن الحسين: "قبيح بالمسلمين أن يجهلوا معرفة فضائل نبيهم صلى الله عليه وسلم، وما خصَّه الله عز وجل به من الكرامات والشرف في الدنيا والآخرة".
والكوثر نهر عظيم من خصائص وفضائل نبينا صلى الله عليه وسلم في الآخرة، وهو يصب في حوضٍ له صلى الله عليه وسلم ـ فهو مادة الحوض، كما قال ابن حجر في "الفتح" ـ، وهو المراد في قول الله تعالى"إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَر"الكوثر:1 ، قال السعدي: "قول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم مُمْتناً عليه: "إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ" أي: الخير الكثير، والفضل الغزير، الذي من جملته ما يعطيه الله لنبيه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة من النهر الذي يقال له "الْكَوْثَرَ" ، ومن الحوض الذي يقال له: الكوثر".. وقد جاء في "الصحيحين" أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بوجوده الآن، وأقسم على ذلك، لعظم شأنه، وأهمية تعريف الأمة به، حتى يأخذوا بأسباب الورود عليه، فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوماً فصلّى على أهل أُحُد صلاته على الميت، ثم انصرف إلى المنبر فقال: "إني فَرَطُكُم "سابقكم"، وأنا شهيدٌ عليكم، وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن"، وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَتَدْرون ما الكوثر؟" فقلنا: اللهُ ورسوله أعلم، قال: "فإنه نهرٌ وعَدْنِيه ربي عزَّ وجَلَّ، عليه خير كثير، وحوضٌ تَرِدُ عليه أمتي يوم القيامة، آنيتُه عدد النجوم" رواه مسلم.
و(الكوثر) و(الحوض) ماؤهما واحد، ويُطلق على كل منهما اسم الكوثر، قال ابن حجر: "الكوثر نهر داخل الجنة، وماؤه يصب في الحوض، ويطلق على الحوض كوثر؛ لكونه يُمد منه"، والأحاديث الصحيحة الواردة في ذكر صفات نهر الكوثر والحوض كثيرة، وهي تجعل المؤمن في شوق إلى وروده، والارتواء منه، ومن هذه الأحاديث:
• نهر الكوثر:
عن أنس رضي الله عنه قال: "بينما نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ غفا إغفاءة, ثم رفع رأسه متبسما،ً فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: نزلت عليَّ سورة فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم: "إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَر" إلى آخرها, ثم قال: أتدرون ما الكوثر؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه نهر وعدنيه ربي عَزَّ وجَلَّ، عليه خير كثير, وهو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة) رواه مسلم، وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الكوثر نهر في الجنة، حافتاه من ذهب، ومجراه على الدُّرِّ والياقوت، تربَتُه أطيَب من المِسك، وماؤُه أحلى من العسل، وأبيَض من الثَّلج" رواه الترمذي ، وفي رواية لأحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن الكوثر، فقال: "ذاك نهر أعطانيه الله ـيعني في الجنةـ أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، فيه طير أعناقها كأعناق الجزر(الإبل)، قال عمر: إِنَّ تِلْكَ لَطَيْرٌ نَاعِمَة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَكَلَتُهَا أَنْعَمُ منها يا عمر"، وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَنَا فَرَطُكُمْ "سابقكم" على الحوض، من ورَدَه شرب منه، ومن شرب منه لم يظمأْ بعدَه أبداً"رواه البخاري. وعن أنس
رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "بينا أنا أسير في الجنة، إذا أنا بنهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف، فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك، قال: فضرب الملك بيده، فإذا طينه أو طيبه مسك أزفر" رواه مسلم، وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أُعْطِيتُ الكوثر، فإذا هو نهر يجري على ظهر الأرض، حافتاه قباب اللؤلؤ، ليس مسقوفاً، فضربت بيدي إلى تربته، فإذا تربته مسك أذفر، وحصباؤه اللؤلؤ" رواه أحمد
يتبع