وفضَّله على جميع الأنبياء والرسل، قال الله تعالى "تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ" البقرة: 253.
فكلّ الأنبياء لو أدركوا محمداً صلى الله عليه وسلم لوجب عليهم الإيمان به واتباعه ونصرته، وكان هو إمامهم ومقدّمهم ومتبوعهم .. إنه نبينا صلى الله عليه وسلم الذي سمَّاه الله عز وجل في القرآن الكريم بـ : "محمد"، و"أحمد"، وهما يشتملان على الحمد والثناء، قال حسان بن ثابت رضي الله عنه:
وشقَّ له من اسمه ليُجِلّه
فذو العرش محمود وهذا مُحَمّد
وكان صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه عن سب وشتم أم جميل وغيرها من المشركين له: "ألا تعجبون كيف يصرف الله عنّي شتم قريش ولعنهم! يشتِمُون مُذَمَّماً، ويلعنون مُذَمَّماً، وأنا محمّد" رواه البخاري.
قال القاضي عياض: "وقد سماه الله تعالى في كتابه محمداً وأحمد، فمن خصائص الله تعالى له أن ضمَّن أسماءه ثناءه .. فأما اسمه أحمد فأفعل مبالغة من صفة الحمد، ومحمد مفعل مبالغة من كثرة الحمد وتكرره". وقال ابن هبيرة: "في هذا الحديث من الفقه: أن الله سبحانه صرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرَّ قريش، وعن اسمه صلى الله عليه وسلم، فكانوا يقصدون بشتمهم مُذمماً، واسم رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد"
هُم يَشتُمُونَ مُذَمَّماً وَمُحَمَّدٌ عَن شَتمِهِم فِي مَعزِلٍ وَصِيَانِ
صَانَ الإِلَهُ مُحَمَّداً عَن شَتْمِهِم فِي اللَّفظِ وَالمعنَى همَا صِنْوَانِ
إن أفضلية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على جميع الخلق بما فيهم الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، هي أفضلية قطعية وليست ظنية، وقد أجمع أهل السنة على ذلك، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: "ما خلق الله عز وجل ولا ذرأ من نفس أكرم عليه من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وما سمعتُ الله أقسم بحياة أحدٍ إلاّ بحياته، فقال تبارك وتعالى: "لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ"الحجر:72. قال الشنقيطي: "قوله تعالى "لَعَمْرُكَ" معناه: أقسم بحياتك، والله جل وعلا له أن يُقْسِمَ بما شاء من خلقه، ولم يقسم في القرآن بحياة أحدٍ إلا نبينا صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك من التشريف له صلى الله عليه وسلم ما لا يخفى. ولا يجوز لمخلوق أن يحلف بغير الله، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت".
وقال عبد الله بن مسعود: "إن الله اتخذ إبراهيم خليلا، وإن صاحبكم خليل الله، وإن محمداً أكرم الخلق على الله، ثم قرأ"عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا" الإسراء: 79
يتبع